نشرت محكمة فدرالية أميركية الاثنين وثيقة سرية تجيز شن غارات بطائرات بدون طيار لتصفية مواطنين أميركيين بدون محاكمتهم، كما حصل مع أنور
العولقي الذي اغتيل بغارة مماثلة في أيلول/سبتمبر 2011 في اليمن.
ووافقت محكمة استئناف نيويورك بذلك على طلب تقدمت به في شباط/ فبراير 2012 صحيفة نيويورك تايمز و"الاتحاد الأميركي للحريات المدنية"، المنظمة الأميركية التي تدافع عن الحريات وتتمتع بنفوذ كبير في البلاد، وأكدا فيه على ضرورة أن يكون هناك "أكبر قدر من الشفافية" بالنظر إلى أهمية الموضوع المطروح وهو "صلاحية قتل مواطنين أميركيين بدون تقديم أدلة وبدون الكشف عن المعايير القضائية التي يسترشد بها أصحاب القرار".
وكانت إدارة الرئيس باراك
أوباما عارضت نشر هذه المعلومات السرية منذ انطلقت هذه المعركة القضائية في أواخر 2011، ولكنها عادت في النهاية وتخلت عن خيار الطعن بقرار محكمة الاستئناف الذي صدر في نهاية أيار/ مايو، وأمرت فيه الأخيرة بنشر هذه الوثيقة المرسلة من وزارة العدل.
وفي هذه الوثيقة المؤرخة بتاريخ 16 تموز/ يوليو 2010 كتب ديفيد بارون الذي كان يومها مسؤولا في الوزارة وأصبح اليوم قاضيا في الاستئناف، أن هذه الغارات التي تستهدف مواطنين أميركيين مثل العولقي هي قانونية لأن القبض على هؤلاء "غير ممكن" في أي حال من الأحوال.
وأضافت المذكرة التي تحمل توقيع بارون بصفته رئيسا لمكتب الاستشارات القضائية في الوزارة، أن واقع أن العولقي مواطن أميركي لا يقلل من خطورته على المصالح الأميركية، وأن تصفيته بغارة لطائرة أميركية بدون طيار هي أمر "يتفق والقانون الدولي".
وتتألف الوثيقة التي نشرتها المحكمة الاثنين من 97 صفحة، وتتضمن حكم المحكمة والمذكرة الواقعة في 30 صفحة.
وأكدت المذكرة أن العولقي يشكل "تهديدا وشيكا ومستمرا" على الولايات المتحدة و"نحن لا نظن أن جنسية العولقي تسمح باستثنائه"، مؤكدة أن "العملية التي يعتزم البنتاغون تنفيذها ستستهدف بالتالي شخصا" تتوافر فيه المعايير التي تجيز "استخدام القوة القاتلة ضد أجنبي".
وكانت الجهة المدعية طلبت نشر هذه المعلومات بموجب قانون حرية الصحافة المعمول به في الولايات المتحدة، وذلك بهدف معرفة الأساس القانوني الذي استندت إليه واشنطن لشن هذه الغارات.
وقال جميل جعفر مدير "الاتحاد الأميركي للحريات المدنية" إن نشر هذه الوثيقة "حاسم بالنسبة للشفافية" لأن "هناك مسائل قليلة أهم من مسألة معرفة متى تمتلك الحكومة حق قتل مواطنيها".
بدوره قال ديفيد ماكرو محامي الصحيفة إنه "مسرور جدا" بنشر هذه الوثيقة "التي يفترض أن تثير نقاشا أُثريَ حول المسائل القانونية والأمنية".
وقتل في الهجمات التي شنتها طائرات بدون طيار ثلاثة أميركيين على الأقل هم الإمام المتشدد المرتبط بتنظيم
القاعدة أنور العولقي (يحمل الجنسيتين اليمنية والأميركية) وسمير خان في أيلول/سبتمبر 2011 ونجل العولقي، عبد الرحمن العولقي (16 عاما)، في تشرين الأول/ أكتوبر 2011. وكان الثلاثةُ مواطنين أميركيين بالولادة أو بالتجنيس.
كانت محكمة بداية أصدرت في كانون الثاني/ يناير 2013 قرارا أجازت فيه للحكومة الأميركية إبقاء هذه المعلومات سرية، إلا أن محكمة الاستئناف قضت في نهاية أيار/ مايو بنقض هذا الحكم.