اقترح رئيس حزب الشعب الجمهوري كمال كيليتشدار أوغلو خلال زيارته لرئيس حزب الحركة القومية دولت باهتشلي يوم الاثنين الماضي ترشيح الأمين العام السابق لمنظمة التعاون الإسلامي أكمل الدين إحسان أوغلو كمرشح توافقي للمعارضة في الانتخابات الرئاسية، وأبدى باهتشلي ترحيبه بهذا المقترح، مؤكدا أنهم سيسعون معا لفوزه.
اقتراح "أكمل الدين إحسان أوغلو" كمرشح مشترك لحزبي الشعب الجمهوري والحركة القومية فاجأ أعضاء حزب الشعب الجمهوري قبل غيرهم، وأعرب عدد من نواب الحزب عن استيائهم من هذا الترشيح، واعتبروه يتعارض مع الخط السياسي لحزب الشعب الجمهوري، "قلعة العلمانية"، والانحراف نحو الإسلام السياسي.
الرجل لا يعرفه كثير من الناخبين ولا ينطقون اسمه بشكل صحيح. وبعد إعلان ترشيحه كمرشح توافقي للمعارضة قال أحد الإعلاميين إنه "أكمل الدين إسلام أوغلو" وذكر الثاني أنه "أكمل التين إحسان أوغلو"، بينما كتب موقع البي بي سي التركي أنه "أكلم الدين إحسان أوغلو". وبدأ الناس يبحثون عن سيرته وإنجازاته ويتساءلون عن سر اختياره.
"إحسان أفندي"، والد أكمل الدين إحسان أوغلو، كان عالما وصديقا للشاعر الوطني محمد عاكف أرسوي. وهاجر إلى مصر هربا من ظلم حزب الشعب الجمهوري ومؤسسه مصطفى كمال أتاتورك، واحتجاجا على إلغاء الخلافة الإسلامية. وولد أكمل الدين إحسان أوغلو عام 1943 في القاهرة، وترعرع في مصر، وقضى طفولته وشبابه في بيئة عربية، ودرس فيها، حيث حصل على بكالوريوس العلوم في جامعة عين شمس، والتحق بجامعة الأزهر للتدريس. وأكمل دراسة الدكتوراه في جامعة أنقرة بتركيا، وأجرى بحثه لما بعد الدكتوراه في جامعة إكستر في المملكة المتحدة. وفي يونيو/ حزيران 2004، تم انتخابه أمينا عاما لمنظمة التعاون الإسلامي التي كان اسمها آنذاك منظمة المؤتمر الإسلامي، وتولى هذا المنصب حتى مستهل العام الحالي. وهو متزوج وأب لثلاثة شبان. ويجيد التركية والإنجليزية والعربية، بالإضافة إلى معرفته للفرنسية والفارسية.
اختيار حزب الشعب الجمهوري نجل "إحسان أفندي" الذي تولى منصب الأمين العام لأكبر منظمة إسلامية يعني اعترافا ضمنيا بإفلاس نهج مؤسسي الجمهورية التركية واستسلاما للواقعية التي تؤكد أن الشعب التركي لن ينتخب إلا رئيسا لا يعادي دينه وثقافته، كما يعني أن حزب أتاتورك لم يجد شخصا مؤهلا لتولي رئاسة الجمهورية من بين جميع أعضائه وأنصاره.
هناك غضب واستياء في صفوف نواب حزب الشعب الجمهوري وقاعدته الشعبية من ترشيح أكمل الدين إحسان أوغلو، ويؤكدون أن إحسان أوغلو لم يكن اسمه مطروحا في اجتماعات التشاور معهم ويعبرون عن تفاجئهم بهذا القرار. وعلى رأس المعارضين لترشيح إحسان أوغلو، رئيس الحزب السابق "دنيز بايكال" الذي كان يطمح هو الآخر في الترشح لرئاسة الجمهورية.
أكمل الدين إحسان أوغلو، في أول تعليق له على ترشيحه، رحَّب بهذا القرار، مع أنه سبق أن أكد في حوار أجرته معه وكالة جيهان التركية في مارس 2013، أنه لا يصلح لممارسة السياسة ولم يهتم بها قط، لا في عهد تورغوت أوزال ولا في عهد حزب العدالة والتنمية، نافيا بشدة جميع الأنباء التي كانت تتحدث آنذاك عن احتمال ترشيحه لرئاسة الجمهورية. وكل هذا يفتح الباب للتساؤل: "من الذي وراء ترشيح إحسان أوغلو؟"
ومن الواضح جدا أن هناك "عقلا" أقنع الرجل، وفرض على حزب الشعب الجمهوري وكذلك على حزب الحركة القومية قبول أكمل الدين إحسان أوغلو كمرشح توافقي. ولعل من نافلة القول إن جماعة فتح الله كولن سوف تدعم هذا المرشح بكل ما أوتيت من القوة.
ويشير السياسي السابق "توفيق ديكر" في كتابه "إعلام الذئاب" الذي صدر قبل أشهر، إلى أن رجل الأعمال الشهير أيدن دوغان، صاحب مجموعة "دوغان" الإعلامية، ذهب في أغسطس 2011 إلى جدة لزيارة إحسان أوغلو واقترح عليه آنذاك ترشيحه لرئاسة الجمهورية.
مهما حصل أكمل الدين إحسان أوغلو على دعم حزب الشعب الجمهوري وحزب الحركة القومية وجماعة كولن ومجموعة "دوغان" الإعلامية، فإن فرصة فوزه في الانتخابات الرئاسية التي ستجرى في شهر أغسطس، ضئيلة أمام مرشح حزب العدالة والتنمية، سواء كان ذلك المرشح
أردوغان نفسه أو أحد غيره. ومن هنا، يرى بعض المحللين أن مشروع "إحسان أوغلو" لا يهدف بالدرجة الأولى إلى فوز الرجل في الانتخابات الرئاسية، بل يهدف إلى جس نبض الناخبين وإعداده لرئاسة حزب جديد سيتم تأسيسه بعد الانتخابات لمنافسة حزب العدالة والتنمية وتقسيمه.