أكد المستشار أمين المهدي، وزير مجلس النواب والعدالة الانتقالية في الحكومة
المصرية المؤقتة، أن تطبيق
العدالة الانتقالية فى مصر حاليا شبه مستحيل، معللا ذلك بأن "هناك أشياء كثيرة تم تجريفها في المجتمع المصري بسبب الفساد الشديد الذى عاناه لسنوات، وأن الانتهاكات التى قامت بسببها ثورتان عظيمتان كانت بسبب أجهزة دولة، ونظام حكم، وليس السبب شخصا بمفرده"، كما قال.
واستدرك: لذلك لابد أن يصلح النظام، وتتطهر المؤسسات، حتى يمكن ترسيخ مبادئ العدالة الانتقالية.
ودافع عن أداء وزارته بالقول: "وزارة كوزارة العدالة الانتقالية يغيب مفهومها عن الكثير من أبناء الشعب المصري، ليس فقط لكونها وزارة مستحدثة، بل لأن العدالة الانتقالية تحتاج إلى بيئة معينة لتتأسس فيها".
وتابع: "هذه البيئة لم تكن موجودة فى مصر على مدار سنوات طويلة مضت، فهي نوع من العدالة يهدف إلى تجاوز انتهاكات الماضي، والماضي الذى كانت تعيش فيه مصر قبل ثورة 25 يناير لم يكن على استعداد لتقبل مجرد النقد أحياناً، فكيف تقنعه بأن هناك انتهاكات لا بد من تجاوزها؟".
وعن تردد أقاويل عن مفاوضات للمصالحة مع جماعة
الإخوان، قال: "يمكننى القول إن الحديث عن المصالحة "هراء"، وأنا أتحمل مسؤولية ما أقوله، فكيف يتصالح من لا يملك المصالحة أساساً؟ فالدولة ونظم حكمها لم تعد صاحبة الحق فى ذلك، فالشعب هو صاحب الكلمة فى ذلك، ولا أحد سواه"، على حد تعبيره.
وأضاف -في حوار مع صحيفة "المصري اليوم" الصادرة الأحد- أن اللجنة القانونية المنوط بها مراجعة قرارات العفو التى أصدرها الرئيس "المعزول" محمد مرسي عن بعض المحكوم عليهم في قضايا جنائية، قطعت شوطاً كبيراً فى هذا العمل، وأوشكت على الانتهاء منه، والإعلان عن تفاصيل كل الحقائق التى وصلت إليها.
وأشار إلى أن "الكثير من المفاجآت سوف تكشفها اللجنة بخصوص مسألة قرارات العفو، فور الانتهاء من عملها الذى تشارك فيه جهات عدة مثل وزارة الداخلية والمخابرات العامة والخارجية وجهات أخرى"، حسبما قال.
وحول مجلس النواب القادم الذى تتولى وزارته الإشراف عليه، رأى أنه "وسام على صدر الشعب المصري، وتتويج لخارطة الطريق، التى استهلت أولى خطواتها بنجاح فاق التوقعات فى الاستفتاء على الدستور، وها نحن نقترب بشدة من ثانى خطواتها بإجراء الانتخابات الرئاسية التى نأمل جميعاً أن تكون على نفس المستوى الذى جرى عليه الاستفتاء"، بحسب قوله.
وبالنسبة للقائه مع وفد الاتحاد الأفريقي برئاسة ألفا عمر كوناري، رئيس مالي الأسبق، قال إن وزارته كان لها دور كبير فى دعوة الاتحاد إلى إرسال وفد عنه لبحث الوضع فى مصر من خلال لقاءات مع جميع جهات الدولة وأحزابها.
وأضاف: "أستطيع الجزم بأن عودة نشاط مصر فى الاتحاد الأفريقي ليست إلا مجرد وقت قصير، فكل التقارير التى أعدها الوفد الأفريقي عن الوضع فى مصر بعد 30 حزيران/ يونيو كشفت الحقيقة التى كانت غائبة، وأكدت أنها كانت ثورة شعبية على نظام حكم فشل فى إرضاء المصريين، وتحقيق مطالبهم، وانشغل عنهم بأمور أخرى تكشفت أمام العالم كله"، بحسب مزاعمه.
وأشار إلى أن العدالة الانتقالية من أهم الأسس التى تقوم عليها المجتمعات الديمقراطية المتحضرة، بشرط أن تطبق بشكل صحيح دون تأويل أو فتاوى ممن لا يعرفون.
وأضاف: برغم الحاجة الماسة لوجود عدالة انتقالية فى مصر فى المرحلة الحالية، فإن وزارة بمفردها لن تتمكن من فعل ذلك، وهو ما دفعني إلى أن أطلب من لجنة الخمسين أن تضع نصا بالدستور لتشكيل مفوضية عليا للعدالة الانتقالية، لأن مجرد وزارة غير كافية لأداء هذا الدور، بل لابد من مشاركة جهات عدة للوصول إلى ذلك، خاصة فى ظل ما أشارت إليه من تجريف وفساد طال جميع مؤسسات الدولة المصرية على مدار سنوات طويلة، على حد تعبيره.
وحول أداء حكومة الببلاوي، قال: "هذا الرجل تحمل مسؤولية فى وقت فارق، وشديد الحساسية، وقت كانت تتعرض فيه البلاد لمؤامرات داخلية وخارجية، وتواجه مخاطر على جميع الأصعدة، ومجرد موافقته على ذلك جهد محمود لا يجوز إنكاره، إلا أن ما يمكن تسميته "إخفاقا" للبعض، وعدم التوفيق فى قرارات ما قد يكون هو السبب فى عدم الرضا عن حكومته وأدائها، ولكن هذا طبعنا نحن المصريين نريد الأفضل دائما، وإذا حدث أي خطأ لا نرى غيره ونغفل إيجابيات كثيرة، وهو ما حدث مع حكومة الدكتور الببلاوي، وفق رأيه.
والمستشار محمد أمين العباسي المهدي هو وزير العدالة الانتقالية والمصالحة الوطنية، وقد تولى المنصب يوم 16 تموز/ يوليو 2013. كما ترأس في عهد الرئيس المنتخب الدكتور محمد مرسي لجنة النظر في أمر المعتقلين بسبب الثورة.
وقد ترأس مجلس الدولة المصري والمحكمة الادارية العليا في الفترة من أول تشرين الأول/ أكتوبر 2000 حتى نهاية أيلول/ سبتمبر 2001، واختير بعدها عضوا بالمحكمة الجنائية الدولية ليوغسلافيا السابقة.
ووهو مواليد عام 1936، وشغل منصب عضو اللجنة الاستشارية العليا لمركز القاهرة الإقليمي للتحكيم التجاري الدوليCRCICA. بالإضافة إلى عضوية اللجنة القومية للتحقيق وتقصي الحقائق في شأن أحداث ثورة 25 من يناير 2011، كما صدر قرار رئيس مجلس الوزراء بتعيينه عضوا في المجلس القومي لحقوق الإنسان.