قلصت الأزمة الأوكرانية هامش المناورة أمام "
إسرائيل"، وباتت تهدد مصالحها "الاستراتيجية"، وتقلص قدرتها على التحرك في الحلبة الدولية.
وذكرت مصادر "إسرائيلية" رسمية أنه في الوقت الذي تطالب فيه الولايات المتحدة، وأوروبا حكومة نتنياهو بالتعبير عن موقفها من الغزو الروسي لأوكرانيا، فإن صناع القرار في تل أبيب يخشون أن تؤدي مثل هذه الخطوة إلى تهديد العلاقات الاستراتيجية التي تربط "إسرائيل" بكل منهما.
ونقلت الإذاعة العبرية صباح اليوم الثلاثاء عن المصادر قولها إن تعاوناً استراتيجياً، واستخبارياً، واقتصادياً مهما يربط تل أبيب بكل من موسكو وكييف، علاوة على وجود أعداد كبيرة من اليهود، والإسرائيليين في كلا البلدين.
وأشارت المصادر إلى أن "إسرائيل" تخشى أن يؤدي أي موقف "إسرائيلي" إلى ردة فعل غاضبة لدى كييف أو موسكو، أو كلاهما معاً.
ونوهت المصادر إلى أن أي موقف ستتخذه تل أبيب سيؤثر على اتجاهات المفاوضات الدائرة بين الغرب وإيران بشأن برنامج طهران النووي، وهي القضية التي تمثل أهم معضلة استراتيجية تعنى حكومة نتنياهو بحلها حالياً.
واستدركت المصادر أن خسارة تل أبيب في الأزمة الأوكرانية باتت مؤكدة على كل الأحوال في ظل استعصاء الأزمة على الحل، مشيرة إلى أن
بوتين سينحى إلى اتخاذ أي قرار يرى أنه يمثل تحدياً للغرب، وضمن ذلك دعم إيران في برنامجها النووي.
وفي ذات السياق، أوضح معلق الشؤون الاستخبارية يوسي
ميلمان أن خوف نتنياهو من قيام بوتين بدعم المشروع النووي الإيراني علناً نكاية بالغرب دفعه إلى الحرص على إطراء الزعيم الروسي في كل مناسبة ممكنة.
وفي مقال نشره موقع "ذي بوست" صباح اليوم الثلاثاء نوه ميلمان إلى أن أكثر ما يقلق "إسرائيل" في الأزمة الأوكرانية حقيقة أنها مثلت دليلاً آخر على ضعف الولايات المتحدة وتراجع مكانتها، منوهاً إلى أنه كلما تواصلت الأزمة كلما تآكلت مكانة واشنطن أكثر.
وأشار ميلمان إلى أنه على الرغم من الخلافات الشخصية بين رئيس الوزراء "الإسرائيلي" بنيامين نتنياهو والرئيس الأمريكي باراك أوباما، إلا أن مصلحة "إسرائيل" الاستراتيجية تقتضي أن تحافظ الولايات المتحدة على مكانتها كالقطب الأبرز في العالم.
ونقل ميلمان عن المفكر الأمريكي إيان بريمر قوله إن الأزمة الأوكرانية تحمل في طياتها تحولات جيواستراتيجية هي الأكبر منذ هجمات 11سبتمبر 2001.
وأشار ميلمان إلى أن قرار بوتين اجتياح شبه جزيرة القرم جاء نتاج إدراكه حجم الضعف الذي وصلت إليه الولايات المتحدة، وأن الغرب ليس فقط غير مستعد لاستخدام القوة العسكرية في ردع روسيا بل أيضاً غير قادر على التهديد بهذا الخيار.
وفي سياق متصل، حذر
زلمان شوفال السفير "الإسرائيلي" الأسبق في واشنطن من التداعيات الخطيرة لقرار الرئيس أوباما تقليص القوة العسكرية للولايات المتحدة.
وفي مقال نشرته صحيفة "إسرائيل اليوم" في عددها الصادر اليوم الثلاثاء، حذر شوفال أن القرار يعني أن الولايات المتحدة غير مستعدة لاستخدام القوة العسكرية في مواجهة البرنامج النووي الإيراني، مما يفرض تحديات على "إسرائيل" وحلفاء أمريكا الآخرين في المنطقة.