جاء الانقلاب العسكري في
مصر من أجل تحقيق العديد من الأهداف الداخلية والخارجية، لعل أهمها هدفان رئيسيان: الأول هو استمرار تبعية مصر للولايات المتحدة والغرب، والثاني هو حماية أمن إسرائيل، من أجل ضمان تأييد الانقلاب وحمايته، وفي إطار الهدف الثاني تأتي الحرب التي يشنها الانقلابيون ضد القضية
الفلسطينية بشكل عام وضد حركات المقاومة فيها بشكل خاص.
فقد سعى الانقلابيون خلال التجهيز إلى انقلابهم إلى محاولة شيطنة حركات المقاومة، خاصة حركة
حماس، من خلال شن حملة إعلامية ضخمة تؤكد ضلوع الحركة في كل الجرائم التي ارتكبت ضد الدولة المصرية منذ ثورة يناير وحتى الآن، وتحاول جر جماعة الإخوان المسلمين إلى هذه الحرب من خلال ادعاء مساعدة الحركة للجماعة خلال الثورة وبعدها حتى وصول أحد أبنائها إلى السلطة وهو الرئيس محمد مرسي، الذي تتم محاكمته الآن في قضيتين أساسيتين، الأولى هروبه من سجن وادي النطرون بمساعدة عناصر من الحركة، والقضية الثانية بتهمة التخابر مع الحركة، وكأنها تحولت إلى عدو لمصر بدلا من إسرائيل، وأي تواصل معها يعد عدوانا على السيادة المصرية، مع أن كل القيادات المصرية في النظام السابق كانت تتواصل معها بكل الأشكال، وفي القلب منها الشكل المخابراتي.
وقد استطاعت هذه الحملة الإعلامية تحويل حركة حماس وجماعة الإخوان إلى عدو رئيسي لقطاع من الشعب المصري يصدق كل ما يقوله الإعلام، تمهيدا لشيء أكبر ينتظر الظروف المواتية للقيام به.. وحتى مجيء هذه الظروف، سعى الانقلابيون إلى محاولة هدم كل الكيانات والهياكل التي يمكن أن تقدم مساعدة من أي نوع للقضية الفلسطينية وحركة حماس.. حيث تم إلغاء لجنة القدس التابعة للمجلس الأعلى للشئون الإسلامية، واعتقال المسؤولين الناشطين مثل الدكتور جمال عبد السلام وكذلك الشخصيات التي تهتم بمحاولة تخفيف الحصار المفروض على قطاع غزة منذ أكثر من ثمانية أعوام مثل الدكتور جمال سلطان.
يضاف إلى ذلك، تشديد الحصار على القطاع من خلال هدم الأنفاق ومنع وصول المساعدات إليه.
وقد شاركت السلطة القضائية في حرب الانقلابيين، حيث أصدر القضاء منذ أيام حكما بمنع حركة حماس من ممارسة أية أنشطة على الأراضي المصرية لحين البت في اعتبار الحركة عدوا لمصر يجب محاربته والقضاء عليه.. في سابقة هي الأولى من نوعها التي يتدخل فيها القضاء ليصدر أحكاما في أمور سيادية لا يحق له التدخل فيها بأي شكل من الأشكال.
ومن المؤكد أن هذه الحملة التي يشنها الانقلاب سوف تستمر حتى تصل إلى النقطة التي يخطط لها، وهي توجيه ضربة عسكرية عبر الجيش المصري أو بالمشاركة مع الجيش الإسرائيلي، لقطاع غزة من أجل القضاء على حركة حماس وكل الحركات الجهادية التي تهدد أمن إسرائيل.
وهناك من يقول إن هذه مبالغات ولن يسمح الجيش المصري لنفسه أن يتورط في حرب كهذه، لكن هؤلاء يتناسون أن الجيش تورط فيما هو أعظم من ذلك.. في سفك دماء المصريين التي لن تكون أرخص من دماء الفلسطينيين.. فمنذ الانقلاب وحتى الآن أسقط الجيش كل الخطوط الحمراء، ولم يعد هناك حدود لما يمكن أن يفعله في سبيل استمرار سيطرته على السلطة ومنع ثورة يناير من تحقيق أهدافها.. ولذلك فكل شيء متوقع.