الهجوم الذي نفذه يوم السبت الأول من آذار/ مارس، على ما يبدو مسلمون من أقلية الإيغور، وأدى لمقتل 29 شخصا، وجرح 129 شخصا، في محطة قطار مدينة كونمينغ، ستكون له تداعياته الكبيرة على
المسلمين في (شمال - غرب)
الصين، الذين يعانون من التهميش والاضطهاد.
ورغم أن الأدلة الأولية لا توحي بوجود علاقة بين الحادث، أو ما صار يعرف بالجهاد العالمي، لكن لن يمنع هذا الحكومة الصينية عن القيام بحملة قمع ضد المسلمين.
بدون أدلة، تقول إيزابيل هلتون في مقال لها بصحيفة "الغارديان"، من الصعب التكهن بدوافع 10 رجال، ونساء ملثمات بأقنعة سوداء، لكن الحكومة الصينية عادة ما تنسب هجمات كهذه للانفصاليين والمتطرفين الإسلاميين، مقدمة مجموعة من المبررات والمظالم غير المتصلة.
صحيح أن الكثير من المسلمين الإيغور الذين يعيشون في إقليم تشيجيانغ، الغني بالمعادن، يعانون منذ ضم إقليمهم، الذي كان يعرف باسم تركستان الشرقية لجمهورية الصين الشعبية في القرن الماضي من التمييز اليومي، والضيق من استمرار الدولة في التحكم بثقافتهم وممارساتهم الدينية.
ويرد الكثير من المسلمين على هذه الضغوط الصينية بالهجرة، فيما تقوم الدولة بتشجيع الاستيطان في الإقليم وهي سياسة بدأت في الخمسينيات من القرن الماضي، وزادت معدلات الهجرة بشكل كبير عندما زادت الدولة من استثماراتها في المنطقة وأقامت بنى تحتية وفتحت حدودها الغربية.
وأدت سياسات الانفتاح لازدهار الإقليم، وثرائه، لكن الذين استفادوا منه هم الصينيون من اثنية الهان.
فقد تم توزيع الثروة بطريقة غير مناسبة، ولم يستفد منها المسلمون الإيغور، أو القرغيز، أو القزق بشيء، حيث يطالب عدد منهم بالاستقلال عن الصين كما حدث في دول الاتحاد السوفييتي السابق.
ولكن هذه المظالم مجموعة لا تعني مطالبة بدولة إسلامية على النموذج الطالباني، ولا تدعم الرواية الحكومية التي تحمل أطرافا خارجية مسؤولية ما يجري في الإقليم وتربطه بالجهاد العالمي.
وتقول هيلتون إن الصين منذ هجمات 11 سبتمبر، تقوم بربط أي هجوم في إقليم تشينجيانغ بالحركات الإرهابية العالمية.
ومع وجود بعض الاتصالات المتفرقة بين المتشددين في الإقليم والحركات المشابهة في وسط آسيا وأفغانستان، إلا أن المتشددين في تشينجيانع منعزلين عن التأثير الخارجي؛ بسبب التحالف الأمني القوي بين الصين وجيرانها في وسط آسيا والباكستان.
وفي عام 2002 قامت وزارة الخارجية الأمريكية بتصنيف جماعة إيغورية، (الحركة الإسلامية لتركستان الشرقية) كجماعة إرهابية، لكنها قامت بشطبها من القائمة في وقت لاحق.
وفي الماضي زعمت الصين أن أسامة بن لادن، درب الناشطين من الإيغور، لكن الـ 22 ناشطا ممن ألقي القبض عليهم في أفغانستان، وسجنوا في معتقل غوانتانامو، برّأتهم المحكمة العسكرية الأمريكية وأطلق سراحهم.
وترى هيلتون أن الصين لم تكن هدفا للدعاية الجهادية، أو العمليات على الرغم من اضطهادها للمسلمين بسبب علاقتها الإستراتيجية مع الباكستان.
فمقابل الحصول على الدعم الصيني ضد الهند، تأكدت خدمات الاستخبارات الباكستانية من عدم قيام الجماعات المتشددة التي تدعمها من استهداف الصين، وغض الطرف عن اضطهادها لإخوانهم المسلمين.
وتعتقد الكاتبة أن أحداث السبت، على الرغم من رعبها، لا تعني وجود صلة بين المنفذين والإرهاب العالمي، لكن ممارسة العنف ضد الغالبية الصينية ستكون له آثاره الرهيبة على المسلمين.
فعندما قام أوسمين حسن بتفجير سيارته في ساحة تيانامين، حيث كان فيها زوجته وأمه، وأدى الحادث في تشرين الأول/ أكتوبر لقتل سائحين، شعرت القيادة الصينية بالصدمة، وألقت اللوم على الحركة الإسلامية في تركستان الشرقية، مع أن دوافع الهجوم لا تزال غامضة.
وتعتقد الكاتبة إن الهجوم على محطة قطار كونيمينغ تعتبر تصعيدا في العنف، وتدعو للاهتمام الدولي والمحلي.
وتقول إن السلطات الصينية واعية من وقوع الهجمات عشية لحظة سياسية مهمة، أي الاجتماع السنوي بين مجلس الشعب الوطني، والمؤتمر الوطني الصيني للاستشارة.
ولأن الإيغور هم المتهم الرئيسي فسيدفعون الثمن.
يذكر أن وتيرة الهجمات، والمواجهات بين الدولة، والإيغور بدأت بالتصاعد منذ عام 2009 حيث شهد الإقليم تظاهرات شغب واحتجاجات، وزادت من حدة الاضطهاد.
وخلال تاريخه شهد إقليم تشينجيانغ العدد من الثورات في القرنين التاسع عشر والعشرين، وأعلن عن قيام دولة مستقلة، وهي تركستان الشرقية في عام 1933 لكنها لم تعمر حيث أعلنت الجمهورية الشعبية الصينية ضمه وأعطي صفة حكم ذاتي بعد انتصار الحزب الشيوعي عام 1949.