تواجه الأقلية المسلمة في شبه جزيرة
القرم تحديات جديدة في ظل المواجهة القائمة بين روسيا والإدارة الأوكرانية الجديدة وبدأت تستعيد أشباح الإبادة القديمة. فالمسلمون وهم في غالبيتهم من
التتار كانوا قبل مئات السنين يمثلون غالبية السكان في الجزيرة، حيث أقاموا مملكة لهم على طريق الحرير وظلت مزدهرة رغم الهجمات المتكررة عليهم من القزق الأوكرانيين وضم الجزيرة للدولة العثمانية للجزيرة.
وبعد أن ابتلعت الملكة الروسية كاثرين العظيمة دولة الخانات في عام 1783 حدثت هجرة جماعية لتركيا مما أدى إلى انحفاض عدد السكان
المسلمين للعشر مع بداية القرن العشرين. ولم تنته مأساة المسلمين هناك بل قام ستالين في عام 1944 بترحيلهم بطريقة قسرية بعد أن اتهمهم بالتعاون مع النازية، ورحلهم لسيبريا وآسيا الوسطى ومات نصفهم من الجوع والبرد والمرض.
وبدأ المسلمون بالعودة لموطن آبائهم في عام 1989 أي بعد انهيار الإتحاد السوفييتي السابق، ومع ذلك لا يزال المسلمون أقلية مهمشة ويشكلون نسبة 12% من مجمل عدد السكان.
وتقول صحيفة "التايمز" إن المسلمين معتدلون في الغالب ورفضوا الإستماع للأصوات المتشددة. وتشير الصحيفة إلى أن بعض مناطق في البلدة القديمة بخشيساراي تبدو وكأنها جزء من الشرق الأوسط أو شمال أفريقيا. ويعتبر قصر الخانات من أهم المناطق السياحية التي يتدفق عليها السياح.
وتضيف الصحيفة أنه على السطحفنزاع اثني يبدو بعيدا الآن ولكن مع اقتراب القرم نحو روسيا بدأت المخاوف القديمة بالظهور. وقام أكثر من 10.000 تتري بالإحتجاج أمام البرلمان في الجزيرة يوم الأربعاء ودخلوا في مواجهة مع المؤيدين للروسوتحولت المواجهة لعنفقتل فيها شخص واحد.
وأكد سيرغي اكسينوف، رئيس الإدارة الجديدة المؤيد لروسيا أن إدارته لا تمثل تهديدا على التتار. لكن أعضاء مجلس تتار القرم شجبوا الحكومة الجديدة باعتبارها غير شرعية لان التصويت عليها تم "تحت فوهة البنادق". وقال أعضاء المجلس إن التتار يقومون بتشكيل فرق للدفاع عن النفس ضد الهجمات.
ويقول مراسل "التايمز" إن التحضيرات ليست واضحة في بلدة بخشيساراي، ولكن بعد صلاة المغرب أكد سيرفر الذي يعمل في إصلاح الثلاجات أن "الشباب الذين يغلي دمهم" مستعدون للدفاع عن وطنهم. وقال "نجلس على برميل مليء بالبارود"،مضيفا "في الوقت الحالي نعيش بسلام جنبا إلى جنب لكن روسيا هي التي تبذر بذور الشقاق". ووافق رستم (57 عاما) على الكلام حيث قال "نشعر بالحذر وهذا أمر ليس غريبا لأننا نعيش في روسيا التي تسيطر عليها عقلية الإتحاد السوفييتي السابق".
ولاحظ كاتب التقرير في البداية المشاعر القومية الروسية التي أخذت تظهر وتتسيد الجزيرة، وشاهد ثلاثة من روس القرم وهم يشربون الفودكا ونخب "الإنتصار" وأرادوا شكر الثوار الأوكرانيين في كييف الذين دفعوا الروس لليقظة. وعندما سألهم الصحافي إن كانوا مستعدين لدعم الغزو الروسي للقرم، ذهب سيرغي الذي يعمل في البناء كما يقول لغرفة جانبية وأحضر معه بندقية من نوع "إي كي-47".
وقال سيرغي "
اوكرانيا بلد ولد بالخطأ، نحن نعيش في روسيا الإتحادية". أما قائد المجموعة نيكولاي الذي يصف نفسه برجل الأعمال فمظهره مظهر رجل عصابات، حليق الرأي ويرتدي سترة جلدية فقد قال "هذه أيام سعيدة"، مضيفا "الكثير من الناس كانوا ينتظرون هذه اللحظة منذ عقود، والآن بدأنا نقاتل من جديد".
وجاء الثلاثة من مدينة سيفاستفول الأوكرانية التي تعيش فيها الأقلية الروسية والقريبة من الإسطول الروسي على البحر الأسود وجاءوا لزيارة صديق في العمل لمدينة بخشيساراي، التي تعيش فيها الأقلية التترية، والعاصمة التاريخية للخانات.
ويقول نيكولاي إن التتار سيرحب بهم في القرم الجديدة "طالما اتبعوا كل القواعد" ولا يتوقع منهم هذا " نعتقد أن هناك متشددون إسلاميون هنا، وهذا يعني حدوث عنف هنا". كل هذا يعني عودة ذكريات الإبادة التي قام بها الكرملين على المسلمين خلال القرون الماضية.