يقول الكاتب في صحيفة "
التايمز" روجر بويس إن "أي دولة فاشلة مثل
سوريا تستحق الفشل"، ولأنها كذلك فهي بحاجة لإعادة تفكيك وبناء من جديد. ويقترح "إعادة تكوين" سوريا بحيث يصبح مستقبلها لا علاقة له "بالحقبة
الأسدية".
وقال إن سوريا بلد غارق بالدم بسبب الحرب المستمرة لثلاثة أعوام "على عتبة أوروبا" وتسببت بمقتل 140000 شخص، وأدت لتشريد الملايين وكشفت عن عجز الأمم المتحدة. وتساءل قائلا هل يمكن أن ينتج أي خير من هذه المأساة؟
ويجيب على سؤاله قائلا "إن تفكيك البلد قد يكون الحل الأفضل أو الأقل سوءا لشعبها وللمنطقة، فأحيانا يجب أن يُسمح للدول الفاشلة بالتفكك، إذ أن محاولة ابقائها متحدة كما هو الحال في يوغسلافيا ما بعد تيتو لا ينتج عنه إلا تغذية الأحقاد القديمة".
ثم يقول إن الغرب يطالبون برحيل الأسد. ومع أن سوريا الأسد قد ولت، فقد بقي النشيد الوطني "حماة الديار عليكم سلام"؛ والسفارات لا تزال تعمل، ولا يزال موظفو الحكومة في دمشق يقبضون رواتبهم. ولكن كل ما بقي هو مجرد القشرة لدولة قومية وليس هناك فكر محرك أكثر من بقاء طائفة الأسد. وليس هناك مثال على نظام منهمك بتدمير الذات مثل قصف القوات الحكومية الثلاثاء لضواحي العاصمة.
ومن أجل إعادة تشكيل سوريا والتخلص من آثار آل الأسد، فعلينا إعادة رسم خارطة الشرق الأوسط وتعديل الحدود بناء على الواقع الجديد وبدلا أن تمتلأ نفوسنا بالفزع من التطهير العرقي على طريقة البلقان يجب أن ننظر مرة أخرى إلى مفهوم الأمة والإنتماء.
ويقول أن التسمية الأوروبية للمنطقة بـ "الشرق الأوسط" التي توحي بأن هناك صراعا بين العرب واليهود أصبح ليس ذا معنى، مضيفا أن ما يظهر الآن هو شرق المتوسط الذي فيه من التاريخ المشترك والمصالح التجارية ما يعبر الحدود الطائفية، ولذلك فإن من الواجب إعادة اكتشاف الجغرافيا. فآبار الغاز في البحر تعني أن على إسرائيل ولبنان وقبرص التعاون معا لرخائهم المشترك. وحديثا بسبب الأحداث في سوريا فتحت إسرائيل موانئها للشاحنات التركية التي تحمل البضائع إلى الأردن لأنها لا تستطيع العبور بشكل آمن من سوريا.
وإذا تجزأت سوريا وهذا غالبا ما سيحصل فستنقسم إلى المناطق التي يسيطر عليها النظام وهي المناطق العلوية، والسنة في الجنوب، والأكراد في الشمال. وهذا لا يعني أن سوريا ستسقط عن الخريطة عندما يتوقف القتل، إذ يمكن لسوريا أن تجد نفسها على الخارطة مرة أخرى بالتعاون مع اليونان وقبرص وتركيا (القوة الدافعة في المنطقة) وإسرائيل (المتقدمة تكنولوجيا) بالإضافة إلى مصادر الطاقة التي يمكن الاستفادة منها.
أما الأكراد فلهم مستقبل آخر حيث يقوم أكراد العراق من الآن بتدريب أكراد سوريا، حيث أعطى النفط في شمال العراق قوة إضافية للأكراد، كما يمكن بالتعاون بين أكراد العراق وأكراد تركيا وأكراد سوريا إنشاء دولة كردستان (وهذا ما يخيف تركيا – إنفصال 20 مليون من مواطنيها لينضموا إلى دولة كردستان).
فكرة تقسم سوريا بعد سقوط الأسد يرفضها القوميون العرب ويعتبرون الحديث عنها خطيرا؛ ويطرحون التساؤل حول مستقبل سوريا اذا انفصل الأكراد بمناطقهم الغنية؟. وقد تسود الفوضى في سورية إذا تقسمت كما هو الحال في لبنان، ما يفتح مجالا أمام الإفساد الإيراني.
ولكن تقسيم سوريا ليس اقتراحا طائشا تفرضه قوة خارجية بنوايا استعمارية جديدة، فالأمور هناك تسير بهذا الاتجاه، إذ أن سوريا القديمة يحطمها دكتاتور مختال ولن يستطيع إصلاحها قائد جديد.
كما أن الدول الفاشلة تم تحديدها على أنها مصدر الإرهاب بعد أحداث 11 أيلول/سبتمبر، وبناء عليها تحولت الحرب في أفغانستان إلى محاولة بائسة لبناء دولة. ومع ظهور مفهوم "الدولة الفاشلة" تبين أن المشكلة الحقيقية في المناطق غير المحكومة مثل صحراء سيناء والمناطق الليبية النائية، والآن فإن هناك أجزاء من سوريا أصبحت ملعبا لأمراء الحرب، ولذلك فإن ترك سوريا تتفكك بنفسها ليس خطرا عليها فحسب بل إن ذلك الخطر يتجاوز المنطقة برمتها.
وينهي المقال بقوله : "الدول التي لا تستطيع حماية رعاياها ولا تسمح لهم بالعيش برخاء لا تملك حقا مقدسا بالبقاء. كنت مراسلا عندما تفكك الاتحاد السوفييتي ويوغسلافيا عندما تخلت تشيكوسلوفاكيا عن الشيك، وقليل من الناس ندم على ذلك وأظن أن القليل سيبكون على انتهاء جمهورية الأسد العربية السورية".