كتب المعلق في صحيفة "
واشنطن بوست" ريتشارد كوهين، عن
سياسة الرئيس باراك
أوباما في سورية، داعيا لإعادة النظر بها وفعل أي شيء بدلا من البحث عن الخيارات بعد ثلاثة أعوام من اندلاع الحرب الأهلية.
وقال في مقالته تحت عنوان "لا تجلس هناك"، إن سياسة أوباما في سورية لها ثمن كبير. وأضاف: "يبدو أن عقيدة باراك أوباما في
سوريا ليست ذات أثر، فقد تفتت البلد، وسارت البلاد من سيئ إلى أسوأ. ويرى وزير الخارجية (جون كيري) أن الأمور سيئة لدرجة طلب فيها باراك أوباما دراسة خيارات أخرى، فبعد ثلاثة أعوام من الحرب يريد الرئيس خطة".
ويمضي الكاتب قائلا: "في كل الاحتمالات لا يشعر ديكتاتور سورية بالخوف من خيارات أوباما التهديدية، فهو يواصل قصف شعبه، بالبراميل المتفجرة والقنابل السجادية، وتجويع المدن والمناطق المتمردة حتى تستسلم، وبلغت حصيلة الموت مستوى من البشاعة لدرجة يريد أوباما معه فعل شيء حوله، ولكنه لا يستطيع القيام بهذا حتى يتم رسم الخيارات، والتي لم يتم وضعها بعد. وعليه فإنه يجب على الناس الجوع حتى تصل قافلة محملة بالاحتمالات، ربما".
وكان كوهين يشير هنا إلى تصريحات جون كيري في العاصمة الصينية بيجين من أوباما: "طلب منا التفكير بعدة خيارات موجودة وغير موجودة".
ويعلق كوهين بسخرية على خيارات أوباما، بقوله: "لا أحد يتخيل الأثر العميق لكل هذا على دمشق، حيث تقضي النخبة المقربة من الأسد ليلها في أرق وسهاد وهي تفكر في خيارات "قد لا تكون موجودة". هل هي خرافة عن السن والجنية، أم أنها نوع من المسدسات الخيالية؟ وأيا كان الأمر فالرجال الأشداء في الشرق الأوسط، رجال بنظارات سوداء وبدلات من نوع بريوني، يتضاحكون فيما بينهم".
ويرى الكاتب أن هذه الخيارات الموجودة وغير الموجودة تعتبر بالنسبة للوسيط الدولي الأخضر الإبراهيمي متأخرة، فقد فشل في وقف الحرب الأهلية. وقد بذل الإبراهيمي جهده، ولكن بدون التهديد باستخدام القوة أو فرض العقوبات، أو أي فعل يشعر الأسد بأنه تضرر، "لأنه لا يوجد أي شيء يدفع الأسد لتحقيق السلام لأنه ينتصر في هذه المعركة القبيحة بأقبح الوسائل، وتوقفت إدارة أوباما بتأثير آخرين عن التكهن بأنه سيرحل بعد أسبوعين أو ما إلى ذلك".
ويقول كوهين إن الأسد نجا من خط أوباما الأحمر، ويعلق هنا على الطريقة التي تصرف فيها أوباما بالتهديد باستخدام القوة العسكرية، فيرسل قواته للبحر المتوسط كي يطلب من الكونغرس منحه التفويض كي يشن حربا على الأسد.
ويتساءل كوهين عن السبب الذي يجعل
الولايات المتحدة تسمح لقاتل سفاح، قتل أكثر من 140 ألفا، بالبقاء في السلطة، أي بارتفاع كبير من 120 ألفا في الخريف الماضي. ويتساءل أيضا عن عجز الإدارة "والأسد يقوم بجرف أحياء كاملة، ويمارس التعذيب دون خوف، ويعدم بدون محاكمات الأبرياء والمذنبين. لماذا؟".
ويشير إلى أثر أزمة اللاجئين على لبنان والأردن، فيما انزلق العراق نحو الفوضى الإثنية، حيث أصبحت سورية تمثل محطة استراحة بالنسبة للراديكاليين الإسلاميين، و"آبق في دمشق يفعل ما يريد" فيما يقول له العالم افعل ما تريد فلا أحد يهتم.
ويواصل كوهين الحديث عن أثر الحرب في سورية على السوريين أنفسهم؛ فهناك ستة ملايين مشرد داخل البلاد، وهناك ثلاثة ملايين فروا إلى دول الجوار، وأدى نقص الدواء إلى انتشار الأمراض والأوبئة، مثل مرض شلل الأطفال (بوليو).
ويتهم الكاتب العالم بالعجز عن فعل أي شيء لوقف القتال، فالولايات المتحدة لم تقم بأي شيء، يموت الأطفال بسبب نقص الدواء، "وهنا كثير حولنا" بسبب عدم مساعدة السوريين.
ويذكّر كوهين بالذكرى الثالثة لاندلاع الانتفاضة "في الشهر المقبل ستحل الذكرى الثالثة على بداية الحرب الأهلية السورية، وقد اقترح على الرئيس التدخل في الحرب. وكان بإمكانه وقفها، بل ورفض الجهود التدريجية لمساعدة المقاتلين المعتدلين".
ويقول الكاتب في النهاية، إن اليمين واليسار في أمريكا يعانقون بعضهم البعض من أجل دعم العزلة، ويخلطون التدخل الإنساني بالجهود في القرن التاسع عشر، لجعل أمريكا الوسطى منطقة آمنة لشركة الفواكه الأمريكية.
وفي النهاية يتهم كوهين إدارة أوباما بتضييع الوقت الذي أصبح علامة من علامات سياستها الخارجية، "فيمكن لأوباما إلقاء ما يريد من خطب، ولكن تشوشه وتردده هو ما لاحظه القادة الآخرون وما سيتذكره التاريخ. والآن، وفي وقت متأخر يسأل عن الخيارات، وهذا واحد: افعل شيئا".