رفض المتمردون في
جنوب السودان الأربعاء خطة حكومية لإنهاء الخلاف بخصوص المعتقلين وتحقيق تقدم في محادثات السلام الرامية إلى وقف العنف الذي أودى بحياة ما لا يقل عن ألف شخص في احدث دولة في العالم.
وتحارب القوات الحكومية الموالية للرئيس سلفا كير المتمردين الموالين لريك
مشار النائب السابق للرئيس منذ ثلاثة أسابيع مما يهدد بانزلاق البلاد إلى حرب أهلية.
واجتمع الطرفان أمس الثلاثاء في أول محادثات مباشرة بينهما في أديس أبابا سعيا للاتفاق على وقف إطلاق النار لكنها واجهت مزيدا من التأجيل بعدما رفض كير مطلب المعارضة بالإفراج عن 11 محتجزا اعتقلوا العام الماضي للاشتباه في ضلوعهم في مؤامرة انقلاب مزعومة.
واقترحت الحكومة نقل محادثات السلام إلى مقر الأمم المتحدة في جوبا وهو ما يمكن المحتجزين من حضور المفاوضات خلال النهار والعودة للحجز في المساء.
وقال المتحدث باسم الرئاسة في جنوب السودان اتني ويك اتني "رفضوا ذلك فيما يبدو."
وقال تابان دينج جاي رئيس وفد المتمردين في محادثات أديس أبابا إن جوبا ليست مكانا جيدا للمحادثات. وأضاف "لا اعتقد أن ذلك سيكون مقبولا من هذا الجانب لأن جوبا سجن كبير."
والقتال هو الأسوأ في جنوب السودان منذ استقلاله عن السودان في عام 2011 بموجب اتفاق سلام أنهى أطول حرب أهلية في أفريقيا. وأدى القتال إلى تشريد أكثر من 200 ألف شخص.
وابلغ الجانبان عن وقوع قتال حول بور شمالي جوبا.
وقال بيتر بيار اجاك المدير التنفيذي لمركز التحليلات والأبحاث الاستراتيجية ومقره جوبا إن معظم المحتجزين الأحد عشر ليسوا من المؤيدين صراحة لمشار لكنهم جزء من مجموعة زملاء سابقين للزعيم الراحل جون قرنق.
وقال اجاك لرويترز بالهاتف "لن يكون هناك حل دائم دون مشاركة هذه المجموعة" مضيفا أن مشار سيحتاج إلى دعمها ليكون لديه أي أمل في كسب تأييد واسع خارج قبيلته النوير.
وكان المتمردون يطالبون في البداية بالإفراج عن المحتجزين قبل المفاوضات لكنهم وافقوا فيما بعد على التفاوض على وقف إطلاق النار وعلى وضع المحتجزين.
وقال مابيور قرنق المتحدث باسم وفد مشار في المحادثات في العاصمة الإثيوبية "مستعدون للاستماع إلى ما سيطرحه وسطاء إيجاد وسنتشاور كجماعة" في إشارة إلى الهيئة الحكومية للتنمية لشرق إفريقيا(إيجاد) وهو تجمع إقليمي لدول شرق إفريقيا يقوم بالوساطة.
وردا على سؤال عما إذا كان الوفد سينسحب من المحادثات إذا لم يتم الإفراج عن المحتجزين قال قرنق "هذا القرار يجب أن نتخذه معا بشكل جماعي."
وكان من المقرر أن يناقش الجانبان موقفيهما الأربعاء لكن ذلك لم يحدث بسبب انتظار الوفدين عودة مبعوثي إيجاد من جوبا.
وكان المبعوثون سافروا إلى جوبا حيث حاولوا دون جدوى إقناع كير بالإفراج عن المحتجزين وعادوا إلى أديس أبابا مساء الأربعاء.
وقال لول رواي كوانج المتحدث العسكري باسم المتمردين للصحفيين في أديس أبابا إن قوات المتمردين هاجمت القوات الحكومية قرب بور القريبة من العاصمة.
وقال كوانج إن قواته قريبة من جوبا وستنتظر الأمر من الزعماء السياسيين لمهاجمة البلدة إذا انهارت محادثات السلام. وقال "نحن مستعدون وسنتحرك ما إن يصدر الأمر لنا."
وفي جوبا قال المتحدث العسكري باسم الحكومة فيليب اقوير إن قتالا دار حول بور وأماكن أخرى منها ولاية أعالي النيل حيث توجد بعض حقول النفط.
وقال اقوير إن السياسي ديفيد ياو ياو الذي سبق أن قاد تمردا ضد جيش جنوب السودان في ولاية جونقلي الشاسعة انضم للقوات الحكومية. ولم يتسن الحصول على تعليق فوري من ياو ياو.
وأثار عدم تحقيق تقدم في محادثات السلام قلق القوى الخارجية التي تخشى انزلاق جنوب السودان إلى حرب أهلية.
ودعت الصين يوم الاثنين إلى وقف فوري للقتال في جنوب السودان. والصين أكبر مستثمر في صناعة النفط هناك من خلال شركتي نفط مملوكتين للدولة. وتشعر بكين بالقلق من الاضطرابات التي أجبرت حكومة جنوب السودان على خفض إنتاج النفط بحوالي الخمس.
وليس لجنوب السودان أي منافذ بحرية ويتم ضخ إنتاجه من النفط من خلال أنابيب عبر أراضي السودان مما يوفر للخرطوم مصدرا مهما للعملة الصعبة. وتقدر شركة النفط العملاقة بي.بي أن جنوب السودان يملك ثالث اكبر احتياطي نفطي في إفريقيا جنوب الصحراء.
في سياق متصل أعرب رئيس الوزراء الإثيوبي "هيلي ماريام ديسالين"، عن تفاؤله بتوصل وفد الوساطة الأفريقية "إيغاد" لاتفاق وقف إطلاق النار بين طرفي الصراع في دولة جنوب السودان.
وفي حديث مع صحيفة "هيرالد" الإثيوبية، نشرته اليوم الخميس، قال ديسالين إنه متفائل في توصل وفد "الإيغاد" لاتفاق وقف إطلاق النار بين طرفي الصراع في دولة جنوب السودان، لينهي الأزمة الأخيرة المندلعة فيها منذ أكثر من ثلاثة أسابيع.
ولم يبيّن رئيس الوزراء أسباب تفاؤله بتوصل وفد الوساطة لاتفاق إطلاق النار بين طرفي الصراع أو المعطيات التي استند إليها في حديثه.
ولفت ديسالين إلى جهود بلاده "المكثفة" في دفع محادثات السلام المتواصلة بين الطرفين.