تسود في
الجزائر حالة من الترقب في الأوساط السياسية والإعلامية، بشأن القرار الذي سيتخذه الرئيس
بوتفليقة بشأن الترشح لفترة رئاسية رابعة.
وبينما يسيطر الغموض على المشهد السياسي، انقسمت الأحزاب والقوى السياسية بين مساندة لترشح بوتفليقة ورافضة لذلك، في ظل عدم وجود مترشحين من أوزان ثقيلة، قبيل ستة أشهر عن موعد
الانتخابات.
فمن جهة، تدفع أحزاب وجمعيات إلى ترشيح الرئيس بوتفليقة لولاية رابعة، رغم مرضه والتشكيك بعدم قدرته على مواصلة مهامه الدستورية. وأعلن كل من حزب "جبهة التحرير الوطني" وهو الحزب الحاكم في البلاد، و"التجمع الوطني الديمقراطي" ثاني قوة سياسية في البلاد، عن دعمهما لترشح بوتفليقة مجدداً، كما دعم المسعى كل من "تجمع أمل الجزائر"و"الجبهة الشعبية الجزائرية".
وتشكل هذه الأحزاب "حصان طروادة" لضمان بقاء الرئيس بوتفليقة في الحكم، حتى وإن لم يعلن رغبته في الترشح لولاية رابعة، لكن هذه الأحزاب بدأت في حشد التأييد الشعبي لمطالبة الرئيس بتقديم نفسه مرشحا من جديد.
لكن من جهة أخرى، تشكك مجموعة من الأحزاب المعارضة في قدرة الرئيس على مواصلة مهامه في الحكم.
وقال عبد المجيد مناصرة، رئيس"جبهة التغيير" (حزب إسلامي) إن الرئيس بوتفليقة "لا يمكنه الاستمرار في الحكم، لأن من يريد السباق إلى المرادية (القصر الرئاسي) يتسابق برجيله وعقله"، وذلك في رده على رئيس "الجبهة الشعبية" عمارة بن يونس، الذي اعتبر أنه من غير المنطقي ان نقطع الطريق أمام ترشح الرئيس لولاية رابعة لكونه مريض ولا يستطيع النهوض من الكرسي" وأن " قيادة البلاد تتطلب عقل سليم وليس رجلين سليمين" وفق قوله.
وكان الرئيس بوتفليقة قد أجرى جولة "علاجية" في باريس، حينما أصيب بجلطة دماغية نقل على إثرها إلى مستشفى فال دو غراس بباريس، في 27 نيسان/ أبريل الماضي. وعاد بوتفليقة إلى الجزائر في 15 تموز/ يوليو بعد انتهاء رحلة العلاج.
ويواصل بوتفليقه مهامه حاليا دون القيام بجولات ميدانية أو زيارات تفقدية إلى المحافظات، وهي المهام التي فوضها للوزير الأول عبد المالك سلال.
ودعت "جبهة التغيير" في اجتماع لقيادتها الجمعة إلى "تمكين أحزاب المعارضة من حرية العمل والتعبير وتكافؤ الفرص مع أحزاب المساندة (الموالاة)، وفتح حوار سياسي بين السلطة والأحزاب حول ضمانات النزاهة في الانتخابات الرئاسية المقبلة". وقال مناصرة: إن "الوضع السياسي في البلاد يكتنفه الغموض المقصود والغلق المبرمج قبيل الانتخابات الرئاسية، في ظل الإخفاقات المتكررة المسجلة في مجال الإصلاحات السياسية" حسب تعبيره.
واعتبرت "جبهة التغيير" أن الضبابية والغموض اللذين يسودان الساحة السياسية قبيل الانتخابات الرئاسية أمر مقصود"، والهدف منه حسب مناصرة "توجيه الانتخابات الرئاسية وفقا لما هو مرتب لها"، ويقصد بذلك دعم الرئيس بوتفليقة الذي تنتهي ولايته في نيسان/ أبريل القادم؛ للاستمرار في السلطة.
غير أن وزير الاتصال الجزائري الأسبق، عبد العزيز رحابي، يقول: "لا أعتقد أن الرئيس بوتفليقة سيعلن ترشحه مجددا أو البقاء في الحكم، لأنه مريض. والسؤال الذي يفترض أن يطرح ليس إن كان المعني سيترشح لرابع مرة أم لا، ولكن إن كان بوتفليقة يستطيع إتمام مهامه إلى غاية انتهاء ولايته العام المقبل".
ويرى رحابي، في تصريحات لـ"عربي 21"، أن الرئيس الحالي لن يترشح، لكنه سيلعب دورا في تحديد هوية من يخلفه. وأضاف: "الرئيس يريد أن يثبت أن له وزنا في تعيين خليفته، علما بأن التقاليد الجزائرية منذ الاستقلال هي أنه لا يستشار رئيس حالي في تحديد هوية الرئيس المقبل".
وبمقابل اللغط السياسي المحيط بموقف الرئيس بوتفليقة الذي تولى الحكم في نيسان/ أبريل 1999، تفتقد الساحة الانتخابية لمترشحين من أوزان ثقيلة يمكنهم إحداث الفارق في حال أعلن بوتفليقة ترشحه لولاية رابعة. وإلى الآن، لم يعلن ترشحه سوى رئيس الحكومة الأسبق احمد بن بيتور، الذي يسعى إلى حشد التأييد للموعد الرئاسي المقبل.
وتناشد أحزاب وجمعيات عديدة الأمين العام الأسبق لحزب جبهة التحرير الوطني الحاكم، علي بن فليس، للترشح للانتخابات الرئاسية.
وكان بن فليس قد خسر السباق عندما نافس بقوة الرئيس بوتفليقة في الانتخابات الرئاسية عام 2004، والتي فاز بها بوتفليقة وحل هو في المرتبة الثانية في سباق شارك فيه ستة مرشحين.
وترى شخصيات سياسية وأحزاب تعارض ترشح بوتفليقة لولاية رابعة؛ أن ترشحه لا ينسجم مع الديمقراطية بمفهوم "الثورات العربية" وتطورات الوضع عربيا وإقليميا، خاصة بعد رحيل كل من زين العابدين بن علي في تونس، وحسني مبارك في مصر، ومصرع معمر القذافي في ليبيا.
غير أن الأمينة العامة لحزب العمال (اليساري) لويزة حنون؛ تتحدث عن "حرية الترشح لكل جزائري يتمتع بحقوقه السياسية والمدنية، بما في ذلك الرئيس بوتفليقة". وتقول حنون، التي تعتبر أول امرأة عربية تترشح للانتخابات الرئاسية (في فترتي 2004 و2009)، أن "مبدأ التداول على السلطة كما ينادي به البعض لا يكرس الديمقراطية، وإنما حرية اختيار الشعب هي الضامن للديمقراطية" حسب تقديرها.