تواجه
الجامعات الإسرائيلية اتهامات
متزايدة بالتورط في دعم الحروب التي يخوضها
الاحتلال الإسرائيلي، مستفيدة من تمويل أوروبي ضخم
يمر عبر برامج بحثية تدعم الصناعات العسكرية بشكل مباشر.
وتعد "إسرائيل" شريكا في برامج البحث
والتطوير الأوروبية منذ عام 1996، حيث إنها حصلت على منح مالية ضخمة ضمن برامج مثل: "هورايزون 2020" و"هورايزون يوروب".
وخلال الفترة من 2014 إلى 2020، تلقى
الاحتلال الإسرائيلي 1.28 مليار يورو ضمن برنامج "هورايزون 2020"، فيما
حصل على أكثر من 747 مليون يورو منذ انطلاق "هورايزون يوروب" في عام
2021، وهذه البرامج، التي تعنى بتطوير الابتكار العلمي والتقني، أصبحت وفقًا لخبراء
وسيلة لدعم الصناعات العسكرية الإسرائيلية.
وتشير التقارير إلى أن الجامعات
الإسرائيلية الكبرى، مثل "
جامعة تل أبيب" و"الجامعة العبرية"
في القدس ومعهد "التخنيون"، تستفيد بشكل مباشر من هذه الأموال لتطوير
تقنيات عسكرية متقدمة، وتتراوح هذه التقنيات بين الطائرات المسيّرة والصواريخ
وأنظمة المراقبة، التي تُختبر غالبًا في الأراضي الفلسطينية قبل استخدامها أو
تسويقها عالميًا.
علاقة وثيقة
بين الجامعات والجيش
يصف المحاضر الفرنسي إيفار إيكلاند
العلاقة بين الجامعات الإسرائيلية والجيش بأنها وثيقة وغير مسبوقة، حيث تأسست
الصناعة العسكرية الإسرائيلية تحت مظلة أقسام البحث في الجامعات.
وأوضح إيكلاند أن جميع الجامعات
الحكومية السبع الكبرى في "إسرائيل" أنشأت شركات تجارية تشكل شراكات طويلة الأمد مع
الصناعات العسكرية والأمنية، ما يعكس مدى الترابط بين النظام الأكاديمي والصناعات
الحربية.
التكنولوجيا
العسكرية وتجريبها في غزة
لا تقتصر أدوار الجامعات الإسرائيلية
على البحث والتطوير، بل تمتد إلى اختبار التكنولوجيا العسكرية على الأرض وتحديدا
في غزة، وتعد الأراضي الفلسطينية مختبرا مفتوحا لهذه التقنيات، حيث تجرب الأسلحة
وأنظمة المراقبة ضد السكان الفلسطينيين، على سبيل المثال، تُختبر الطائرات المسيّرة
المستخدمة في الاستهداف والهجمات الجوية في عمليات عسكرية ضد قطاع غزة.
وأدت هذه الممارسات إلى انتقادات حادة
من قبل منظمات حقوقية وأكاديمية، إذ يعتبرون أن هذه التجارب تمثل انتهاكا صارخا
لحقوق الإنسان.
قمع
الفلسطينيين ودور الجامعات
من جهة أخرى، تُمارس الجامعات
الإسرائيلية سياسات تمييزية ضد الفلسطينيين، حيث يحرم الطلاب منهم من
الوصول إلى الدراسات الممولة دوليًا، كما يتم قمع المعارضة الطلابية التي تُدين
الاحتلال أو الحروب على غزة.
ووصفت الأكاديمية الإسرائيلية مايا ويند، الجامعات الإسرائيلية بأنها "العمود الفقري لنظام القمع الإسرائيلي"، مشيرة إلى أن مختبرات
الأبحاث الأكاديمية تخدم بشكل مباشر نظام الاحتلال والفصل العنصري.
وتدعم الجامعات الإسرائيلية مشاريع تُعنى بتطوير أنظمة مراقبة تستخدم في قمع المظاهرات الفلسطينية والسيطرة
على السكان في الضفة الغربية.
دور الطلبة
الإسرائيليين في الحروب
يلعب الطلاب الإسرائيليون أيضًا دورًا
محوريًا في دعم الاحتلال، حيث يتحول الكثير منهم إلى جنود في الخدمة العسكرية بعد
تدريب أكاديمي يشمل تطوير استراتيجيات عسكرية.
وتوجه الجامعات برامجها لإعداد طلابها
للمشاركة في الأنشطة العسكرية، ما يجعلها جزءًا لا يتجزأ من آلة الحرب
الإسرائيلية، وتتضمن بعض البرامج الأكاديمية مشاريع تطبيقية تُنفذ بالتعاون مع جيش الاحتلال، ما يجعل الحدود بين النظام الأكاديمي والجيش طمسا متعمدا.
أصوات
أوروبية تطالب بالمقاطعة
أثارت هذه الممارسات ردود فعل غاضبة
من الأوساط الأكاديمية الأوروبية، وفي تموز/ يوليو 2023 دعا أكثر من ألفي أكاديمي أوروبي
و45 مؤسسة تعليمية إلى تعليق تمويل
الاتحاد الأوروبي للمؤسسات الإسرائيلية الضالعة في تطوير التكنولوجيا العسكرية.
وأكدت هؤلاء في الرسالة التي وجهوها إلى الاتحاد
الأوروبي أن برامج مثل "هورايزون يوروب" تسهم بشكل مباشر في تعزيز
القدرات العسكرية لـ"إسرائيل"، ما يؤدي إلى تفاقم انتهاكات حقوق الإنسان في الأراضي
الفلسطينية.
بالإضافة إلى ذلك، أشارت رسالة
الأكاديميين إلى ضرورة تبني سياسات أكثر صرامة لضمان عدم استخدام أموال الاتحاد
الأوروبي في تمويل مشاريع تُعزز الاحتلال الإسرائيلي وتُفاقم الأوضاع الإنسانية في
غزة.
الاحتجاجات الطلابية في أوروبا
على الجانب الآخر، شهدت الجامعات
الأوروبية موجة من الاحتجاجات الطلابية رفضًا للتعاون مع المؤسسات الأكاديمية
الإسرائيلية، ونظم الطلاب في بريطانيا وألمانيا وفرنسا وقفات احتجاجية وأطلقوا
حملات توعية داخل الجامعات لتسليط الضوء على كيفية استخدام الأموال الأوروبية في
دعم الاحتلال الإسرائيلي.
وفي بعض الجامعات، ضغطت اتحادات
الطلاب على إداراتها لوقف الشراكات مع الجامعات الإسرائيلية المتورطة في الصناعات
العسكرية، وأكد المتظاهرون أن تمويل الاحتلال من خلال الأبحاث الأكاديمية يجعل
المؤسسات الأوروبية شريكًا غير مباشر في الانتهاكات ضد الفلسطينيين.
برامج
التمويل
برنامج "هورايزون 2020" هو
برنامج تمويل الأبحاث والابتكار التابع للاتحاد الأوروبي بميزانية تقارب 80 مليار
يورو للفترة من 2014 إلى 2020. أما "هورايزون يوروب" فهو البرنامج
الرئيسي للاتحاد الأوروبي للفترة من 2021 إلى 2027 بميزانية تقارب 93.5 مليار
يورو.
يُنظر إلى "إسرائيل" كدولة شريكة رئيسية في هذه البرامج، مما يتيح لها الوصول
إلى تمويل كبير يُستخدم في تطوير مشاريع بحثية ذات أبعاد عسكرية.
ويُثير هذا الدعم الأوروبي تساؤلات حول
مدى توافقه مع القيم التي يروج لها الاتحاد الأوروبي، خصوصًا في مجال حقوق
الإنسان، كما يطالب ناشطون أوروبيون بإجراء تحقيقات مستقلة حول كيفية استغلال هذه
الأموال في تطوير تقنيات عسكرية تُستخدم ضد الفلسطينيين.
شهادات
أوروبية
أكدت البرلمانية الأوروبية السابقة
إيدويا فيلانويفا رويز، أن الأنشطة البحثية التي تنفذها "جامعة تل أبيب"
والجامعة العبرية ومعهد "التخنيون" تُمول بشكل مباشر مؤسسات تسهم في
استراتيجية الحرب الإسرائيلية.
وأشارت رويز إلى أن هذه المؤسسات تتلقى تمويلًا من
الاتحاد الأوروبي رغم دورها في تعزيز الصناعة العسكرية.
وأوضح تقرير صادر عن منظمة العفو
الدولية أن التكنولوجيا العسكرية المطورة في الجامعات الإسرائيلية تُستخدم في
عمليات عسكرية تُصنف كجرائم حرب، ما يضع المسؤولية على عاتق الدول الممولة لهذه
الجامعات.
الأطباء
الأكاديميون ودورهم في تعزيز الفصل العنصري
يبرز دور الأطباء الأكاديميين في
الجامعات الإسرائيلية كجزء من المنظومة التي تدعم الاحتلال. هؤلاء الأطباء
يُستخدمون لتطوير برامج طبية تتماشى مع الاحتياجات العسكرية.
وعلى سبيل المثال،
تُطوّر الجامعات الإسرائيلية برامج طبية تُعنى بعلاج الجنود المصابين في الحروب،
في حين تُحرم المجتمعات الفلسطينية من خدمات صحية متكاملة.
بالإضافة إلى ذلك، فإن السياسات
التمييزية ضد الطلاب الفلسطينيين تمتد إلى المجال الطبي، حيث يُحرم الكثيرون منهم
من التدريب والبحث في الجامعات الإسرائيلية.