اجتمع مبعوثو
الدول الخمس النووية، ومن بينهم
روسيا والولايات المتحدة، في دبي الأسبوع الماضي
لمناقشة قضايا حساسة تتعلق بالأمن النووي.
وعلى الرغم من التكتم الذي أحاط بتفاصيل
الاجتماع، إلا أن التقارير تشير إلى أن النقاش شمل
العقيدة النووية الروسية
المحدثة.
أفاد موقع
"نيو.ري" الروسي تقريرا ذكر فيه أن مبعوثي الدول الخمس النووية، بما في
ذلك روسيا والولايات المتحدة، عقدوا اجتماعًا على أرض محايدة في دبي الأسبوع
الماضي، إلا أن تفاصيله لم تُكشف إلا مؤخرًا.
وبحسب البيانات الرسمية المقتضبة، فإن
الاجتماع تناول العقيدة النووية الروسية المحدثة، ومن المؤكد أن منظومة
"أوريشنيك" الروسية كانت ضمن جدول الأعمال.
وتطرق الموقع،
في هذا
التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إلى أسباب دفع الغرب إلى الجلوس
على طاولة المفاوضات مع روسيا، وما إذا كان هذا الاجتماع يبشر بـ"يالطا
جديدة" طال انتظارها.
روسيا والولايات
المتحدة تجتمعان على طاولة المفاوضات في أرض محايدة
أفادت وزارة
الخارجية الصينية الخميس بأن روسيا والولايات المتحدة والصين وفرنسا والمملكة
المتحدة عقدت اجتماعًا للدول النووية. وأوضح الموقع الإلكتروني لوزارة الخارجية
الصينية، التي ترأست الاجتماع، أن الاجتماع عُقد على مستوى الخبراء في دبي في 4
كانون الأول/ ديسمبر.
وذكرت الوزارة
أن "الجانبين أجريا حوارًا صريحًا حول قضايا مثل الاستراتيجية النووية".
وتجدر الإشارة إلى أن مثل هذه الاجتماعات كانت تحدث من قبل، ولكنها كانت تعقد عادة
في أراضي إحدى الدول "الخمس النووية". في هذه الحالة، يبدو أن الإمارات
المحايدة قد تم اختيارها.
ويرى
الدبلوماسيون الصينيون أن هذا الاجتماع أتى "في الوقت المناسب للغاية"
ومفيد لتعميق فهم السياسات النووية لدى الأطراف بعضهم البعض. وكما أشير، فإن الحوار سمح بـ
"تجنب سوء الفهم والأخطاء في التقدير". وأكدت بكين أنها ستواصل دعم
إجراء المناقشات بين الدول "الخمس النووية".
وبحسب ألكسندر
بارتوش، العضو المراسل في أكاديمية العلوم العسكرية، فإن الاجتماع في دبي لا يرتبط
بشكل مباشر بالقتال في أوكرانيا. وأضاف: "كانت إحدى القضايا الرئيسية العقيدة
النووية الروسية المحسنة. وهذا سبب لمناقشة سيطرة المشاركين في النادي على الأسلحة
النووية".
ووفقا لرأيه،
فإن الاجتماع كان ممكنا إلى حد كبير بسبب تأثر الدول الغربية بشكل كبير باستخدام
"أوريشنيك". وأعرب الخبير عن أسفه قائلا: "في الغرب، لا يفهمون إلا
الحجج القوية ويواصلون النقاش، مع الأخذ في الاعتبار التهديد بإعادة استخدام
الصاروخ. ومع ذلك، فإنه على أي حال، لم تتلق موسكو في اجتماع دبي دعوة لإجراء محادثات
سلام بشأن أوكرانيا، ولم يكن هناك حتى تلميح. حتى إن الرئيس الأوكراني فولوديمير
زيلينسكي صرح بأنه لن يجري أي مفاوضات. في مثل هذا الجو، من الصعب الحديث عن اتفاق
سلام".
كيف عدّل بوتين
العقيدة النووية الروسية؟
ذكرت مجلة
"ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية هذا الأسبوع أن الولايات المتحدة تخطط
لنشر قنابل نووية حرارية في بولندا وأوكرانيا. ووفقًا للمجلة،فقد تتخذ إدارة
الرئيس المنتهية ولايته، جو بايدن، هذه الخطوة المحفوفة بالمخاطر ردًا على اختبار
الصاروخ الباليستي الروسي "أوريشنيك". وتصف المجلة هذه الخطط بأنها
"مجنونة".
تم تحديث
العقيدة النووية الروسية بموجب مرسوم أصدره الرئيس فلاديمير بوتين في 19 تشرين
الثاني/ نوفمبر. ووفقًا للوثيقة، فإن الرد النووي من جانب موسكو ممكن حتى لو تعرضت
روسيا لضربة غير نووية. والشرط الوحيد أن يكون الخصم المحتمل يعمل بالتحالف مع قوة
نووية.
هذا الأسبوع، أي
بعد محادثات دبي، أدلى بوتين بتصريح آخر، بأن "ظهور أحدث الصواريخ الباليستية فرط
الصوتية متوسطة المدى ’أوريشنيك’ يلغي حاجة روسيا لاستخدام الأسلحة
النووية". وفي وقت لاحق، أقر نائب وزير الخارجية سيرغي ريابكوف بأن خطر تبادل
الضربات النووية بين روسيا والولايات المتحدة لا يزال قائمًا.
وصرح ريابكوف
بأن فكرة مؤتمر يالطا الثاني بعد العملية الخاصة قد تتحقق في سياق إجبار الولايات
المتحدة على حلول تفاوضية ترسخ التكوين الجيوسياسي الجديد.
يجب أن تُظهر
موسكو نفسها كمفاوض صعب المراس
في البرلمان
الروسي يحذرون من أن العالم ينزلق تدريجياً نحو صراع نووي. ويقول النائب الأول
لرئيس اللجنة الدولية في مجلس الاتحاد، فلاديمير جاباروف: "بالإضافة إلى
الدول الخمس النووية، فقد حصلت دول أخرى أيضًا على مثل هذه الأسلحة، ولكن
بشكل غير رسمي. تمتلك باكستان وإسرائيل بالفعل قنابل ذرية. ولا يُستبعد أن تكون
دول أخرى على وشك امتلاكها. ولكن في الوقت نفسه، يدرك الجميع أنه إذا بدأت كارثة
نووية، فلن ينجو أحد".
ويشير جاباروف،
في تعليقه على الاجتماع الذي عُقد في دبي، إلى أن الخطوات الأولى المترددة تشير
إلى أن الإنسانية لم تفقد عقلها تمامًا بعد. ويضيف: "آمل أن يكون هناك نتيجة
لهذه المفاوضات. ولكن حتى الآن، كل شيء متزعزع للغاية، ويتوقف الكثير على كيفية
تصرف الأمريكيين في عهد ترامب. يجب على أمريكا وروسيا والصين، وهي القوى النووية
الرئيسية الثلاث، أن تسيطر على هذا الأمر بجدية شديدة، وبصرامة شديدة، وإلا ستكون
هناك كارثة كبيرة". وأكد أن فرنسا وإنجلترا لا يعتمد عليهما أي شيء تقريبًا
في هذه الحالة.
ولا يستبعد
السيناتور أن يكون ظهور صاروخ "أوريشنيك" قد أخاف السياسيين الغربيين،
ولكن من أجل البدء في الإعداد الحقيقي لـ "يالطا الجديدة"، فإن روسيا تحتاج إلى تطوير نجاحها في العملية العسكرية الخاصة.
وأكد السيناتور:
"يجب أن نُظهر أنفسنا كمفاوضين صارمين للغاية، وفي الوقت نفسه، نثبت للعالم
مرة أخرى أننا لا نسعى إلى استخدام الأسلحة النووية - سواء التكتيكية أو
الاستراتيجية، على وجه الخصوص. وإلى ذلك الحين، فإنه من السابق لأوانه الحديث عن يالطا الجديدة".
أي قادة سيطلقون
عملية التحضير لـ "يالطا الجديدة"؟
في مجلس النواب
بالبرلمان الروسي، يذكرون أن الاتصالات بين روسيا والغرب لم تنقطع على أي حال،
على الأقل على مستوى أجهزة المخابرات، ومن خلال هذه القنوات تجرى، على سبيل
المثال، مناقشة عمليات تبادل السجناء.
ونقل المواقع عن
أليكسي غورافليف، النائب الأول لرئيس لجنة الدفاع في مجلس الدوما قوله: "أما في ما
يتعلق بالدبلوماسية، فهي كالعادة، صامتة بينما تتحدث المدافع". وأضاف: "من الصعب مناقشة أي شيء مع تلك الدول التي تزود العدو بالأسلحة وترسل جنودها
لقتل سكاننا المدنيين، فقد شوهد المرتزقة الأمريكيون بالفعل في منطقة كورسك
الروسية. من المؤكد أن المواطنين الروس والأمريكيين يمكنهم مناقشة الأمر في
محادثات خاصة. الصحفي الأمريكي تاكر كارلسون يجري مقابلة مع وزير الخارجية سيرغي
لافروف، وهذا جزء مهم من التفاعل. ولكن يجب على القادة الوطنيين إعطاء الانطلاقة
للمفاوضات".
لماذا يخشى مقر
الناتو من رد موسكو؟
في صباح
الأربعاء، هاجمت القوات المسلحة الأوكرانية مطارًا عسكريًا في تاغانروغ بصواريخ
آتاكيمس الأمريكية. وبعد ذلك، هدد الكرملين بالرد على هذا الهجوم. ويوم الخميس،
أعلنت الخدمة الصحفية لجهاز الاستخبارات الخارجية الروسي أن مقر الحلف قلق بشأن
اتهامات موسكو للولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا. وأضاف جهاز الاستخبارات
الخارجية أن القلق في الناتو قد ازداد بعد الاستخدام الأخير لنظام الصواريخ
"أوريشنيك". ووفقًا لبيان الجهاز، فإن مقر الحلف يخشى من أن تتمكن روسيا من
استخدام هذه الاتهامات ليس في المجال القانوني، وإنما لتبرير الردود الانتقامية.
ويوم الخميس،
أعلن القائد العام للبحرية الروسية، الأدميرال ألكسندر مويسييف، أن مجموعة القوات
النووية البحرية الروسية قد تم تحديثها بالكامل. وقال الأدميرال: "كانت
القوات النووية وستظل هي الضامن لأمن دولتنا على المستوى العالمي".