صحافة دولية

عباس يحاول التواصل مع ترامب ويستعين بصهره اللبناني

شاب التوتر الشديد العلاقات الأمريكية مع السلطة الفلسطينية في ولاية ترامب الأولى
قالت صحيفة "نيويورك تايمز" إن الفلسطينيين يحاولون التأثير على الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، فقد التقى الرئيس الفلسطيني محمود عباس مع صهر ترامب المتزوج ابنه من ابنة ترامب، تيفاني، وكان قد كتب رسالة أدان فيها محاولة الاغتيال التي تعرض لها ترامب أثناء حملاته الانتخابية، كما أنه سارع إلى تهنئة ترامب على انتخابه رئيسا.

وقالت الصحيفة إن هذه المبادرات من رئيس السلطة الفلسطينية تمثل جزءا من استراتيجية لإعادة تشكيل العلاقة مع الرئيس المقبل المعروف بدعمه غير المشروط لـ"إسرائيل" في ولايته الأولى. وحتى حماس الحركة التي أدى هجومها على "إسرائيل" في تشرين الأول/ أكتوبر العام الماضي إلى اندلاع الحرب، فقد أبدت لغة حذرة تجاه ترامب. فيما عبر الفلسطينيون في غزة  الذين عانوا من قصف إسرائيلي مدمر، عن أملهم في أن يتمكن ترامب من إنهاء الحرب، في حين عبر آخرون عن شكهم في حدوث أي تغير.

وفي ولايته الأولى تقدم ترامب بمبادرات أثارت غضب السلطة الفلسطينية، التي تدير أجزاء من الضفة الغربية تحت الاحتلال الإسرائيلي.

واعترف ترامب بالقدس عاصمة لـ"إسرائيل"، وقطع المساعدات عن الأونروا، وقدم خطة تحيزت لـ"إسرائيل" وساعدت في التوصل إلى اتفاقيات بين "إسرائيل" والدول العربية التي تجاهلت القضية الفلسطينية وطموحات تقرير المصير الفلسطيني. ونتيجة لهذه الأمور فقد منع عباس المسؤولين الفلسطينيين من الاتصال مع إدارة ترامب.

وفي وقت دعا فيه ترامب أثناء حملته الانتخابية إلى وقف الحرب في غزة، فإن عباس على ما يبدو غير من مساره على أمل التأثير على الرئيس المنتخب ومواقفه من النزاع ومحادثات وقف إطلاق النار.

وكان عباس ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، من بين أول من هنأ ترامب على فوزه في الانتخابات.

وفي رسالته، قال عباس إن المسؤولين الفلسطينيين "يتطلعون إلى العمل معك من أجل تحقيق السلام والأمن والازدهار لمنطقتنا".

وفي يوم الجمعة، تحدث عباس مع الرئيس المنتخب عبر الهاتف، وناقش الاثنان إمكانية الاجتماع في المستقبل القريب، بحسب قول  المسؤول الفلسطيني البارز زياد أبو عمرو، وأحد المقربين من عباس.

وتقول الصحيفة إن جهود عباس للتواصل مع ترامب بدأت قبل الانتخابات، فقد ساعد صهر ترامب مسعد بولس، وهو رجل أعمال لبناني أمريكي تزوج ابنه من ابنة ترامب تيفاني، عباس في التواصل مع ترامب في الأشهر الأخيرة.

وعمل مسعد كمبعوث غير رسمي لحملة ترامب بين الناخبين الأمريكيين العرب، كما فعل بشارة بحبح، وهو فلسطيني أمريكي مؤيد لترامب، وفقا لأشخاص شاركوا في الجهود. والتقى عباس مع مسعد على هامش اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة بنيويورك في شهر أيلول/ سبتمبر، ووصف المسؤولون الفلسطينيون اللقاء بأنه جزء من جهود التواصل مع ترامب.

وأخبر بولس "نيويورك تايمز" أن اللقاء كان "شخصيا" وأنه لم يخبر ترامب عن اللقاء لا قبله ولا بعده. وقال أبو عمرو الذي حضر اللقاء إن بولس نقل رغبة ترامب لوقف كل الحروب حول العالم بما فيها قطاع غزة. ولم ترد كارولين ليفيت، المتحدثة باسم ترامب، على أسئلة حول الاجتماع. ولكنها أجابت عندما سئلت عن دور  بولس في تشرين الأول/ أكتوبر، وقالت إن الحملة ممتنة لـ "تواصله الفعال جدا" مع العرب الأمريكيين.

بالإضافة إلى ذلك، قال بولس وبحبح إنهما ساعدا في تسهيل تسليم رسالة من عباس إلى ترامب في تموز/ يوليو تدين محاولة اغتياله، والتي نشرها ترامب على موقع "تروث سوشيال" وتمنى فيها عباس لترامب الصحة والقوة، ووصف محاولة الاغتيال بأنها "عمل حقير". ورد ترامب بأن رسالة عباس كانت "لطيفة جدا" وقال إن "كل شيء سيكون على ما يرام".

وقال أبو عمرو: "نريد الحفاظ على علاقة عمل جيدة لأن أحدا لا يستطيع تجاهل الدور الذي يمكن أن تلعبه الولايات المتحدة في حل الصراع".

وتعلق الصحيفة بأن عباس واجه حتى في ظل إدارة بايدن مجموعة من التحديات، بما في ذلك المطالبات الدولية بإصلاح السلطة الفلسطينية التي يمكن أن تساعدها في لعب دور في قطاع غزة.

ومع عدم وجود نهاية في الأفق للحرب حتى الآن، فقد اتخذت حكومة نتنياهو، الأكثر يمينية في تاريخ "إسرائيل"، مواقف عدائية ضد السلطة بشكل متكرر. كما أنها رفضت حل الدولتين الذي دعت إليه إدارة بايدن.

وعبر عباس في لقائه مع بولس في أيلول/ سبتمبر عن استعداده لمواصلة السلام مع "إسرائيل" على أساس حل الدولتين، وأكد استعداده لقبول مراقبين دوليين في الدولة الفلسطينية المستقبلية من أجل ضمان أمن إسرائيل، بحسب قول بحبح.

وأكد الزعيم الفلسطيني أيضا أنه لن يكون هناك: "قتال ولا توغلات ولا هجمات على الإطلاق" من دولة فلسطينية مستقبلية، كما قال أبو عمرو. وأكد عباس، من جانبه، معارضته العنف منذ فترة طويلة واقترح أن قوة بقيادة الولايات المتحدة ومن حلف الناتو يمكن أن تقوم بدوريات في دولة فلسطينية مستقبلية.

ورغم الحملة التي تقوم بها السلطة لإعادة تأهيل علاقتها مع ترامب إلا أنها تعرف تاريخ دعم ترامب لإسرائيل. وقال إبراهيم دلالشة مدير مركز الأفق للدراسات الفلسطينية: "هل لديهم خيار آخر؟ لا أعتقد ذلك"، وأضاف: "هل عليهم اللجوء إلى المنظمات الدولية، لم ينجح هذا ولا أعتقد أنه سينجح". وليس لديهم "سوى خيار واحد" كما يقول.

من جانبها أبدت حركة حماس التي انتقدت إدارة بايدن حذرا في ردها على انتخاب ترامب. وقالت يوم الأربعاء: "سيعتمد موقفنا من الإدارة الأمريكية الجديدة على مواقفها وسياساتها العملية تجاه الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة".

وفي غزة، عبر البعض عن أملهم في تدخل ترامب ووقف الحرب. وقال مهند الفرا، الذي كان يمتلك متجرا لقطع غيار السيارات ويقيم الآن في خانيونس مع عائلته: "آمل أن يتدخل ترامب كمنقذ يحقق بعض النظام على الاضطرابات الناجمة عن الصراعات المستمرة التي تشمل إيران ووكلائها وإسرائيل" و"آمل أن يجلب انتخابه تغييرا إيجابيا لهذه المدينة التي مزقتها الحرب". وعبر آخرون عن تشاؤمهم من حدوث تغيير. وقال مهند شعث، وهو ناشط شبابي في مدينة غزة: "لقد انحازت الولايات المتحدة دائما إلى جانب دولة الاحتلال الإسرائيلي، لذا أشك في أن الكثير سيتغير، خاصة إذا استمر ترامب في تنفيذ خططه القديمة".