ملفات وتقارير

أطاح بالخنجر.. كيف يتحكم الإطار الشيعي بالمشهد السني في العراق؟

الشمري: "لا يمكن بناء الدولة من أي طرف بشكل منفرد.."- الأناضول
بعد عام على إقالة محمد الحلبوسي من منصب رئاسة البرلمان العراقي، بقرار من المحكمة الاتحادية العليا في البلاد، أعلن رئيس حزب "السيادة" (السني)، خميس الخنجر، عن استقالته من رئاسة الحزب، بعد استدعائه من هيئة المساءلة والعدالة المختصة بـ"اجتثاث البعث".

وعلى الرغم من أن الخنجر لم يُعرف بانتمائه إلى حزب البعث المحظور في العراق، إلا أن مراقبين وصفوا إقصاءه بأنه خطوة من الفاعل السياسي الشيعي الحاكم، لرسم خارطة جديدة للقوى السنية، وذلك بإبعاد كل من يخالفهم من قادة المكوّن، ضمن منهجية متبعة منذ مرحلة ما بعد عام 2003.

ما أثار التساؤل بخصوص توقيت الإطاحة بالخنجر، هو أنه جاء في ظل إصرار الأخير على رفض تدخل قوى "الإطار التنسيقي" الشيعي في فرض شخصية معينة لتولي منصب رئيس البرلمان المخصص للمكون السني، وفقا للعرف السياسي السائد في البلد العراق.

خارطة جديدة
في هذا الصدد، أكدت مصادر سياسية عراقية لـ"عربي21"، طلبت عدم الكشف عن هويتها، أن "الإطار الشيعي يهدف إلى تغيير وجوه متكامل في المكون السني، وأن هناك حراكا للإطاحة بشخصية أخرى، غير خميس الخنجر زعيم حزب السيادة".

وأضافت المصادر ذاتها، أن "الحراك الحالي يهدف بشكل كبير للإطاحة برئيس تحالف العزم (السني، مثنى السامرائي، وفق اتهامات قد لا تتعلق بقانون المساءلة والعدالة، وهذه رغبة من الفاعل السياسي الشيعي لإبعاد شخصيات سنية بعينها والإبقاء على أخرى".

وأشارت إلى أن "هيئة المساءلة والعدالة تعمل وفق توجيهات الفاعل السياسي الشيعي منذ تشكيلها عام 2003، وأن الخنجر مشارك بالعملية السياسية منذ عام 2018، وذلك بعد انتهاء مرحلة اجتياح تنظيم الدولة العراق، وسيطرته على ثلث مساحة البلد عام 2014".

وأكدت المصادر أن "الفاعل السياسي الشيعي هو من يحرّك عددا من الملفات في المساءلة والعدالة أو المحكمة الاتحادية، للإطاحة بأي شخصية سياسية سنية لا تسير ضمن توجهاتهم، ففي السابق أطيح بمحمد الحلبوسي من رئاسة البرلمان عندما تمرد عليهم، واليوم هو عاد حليفا لهم".

من جهته، قال القيادي السني نائب رئيس الوزراء العراقي السابق، صالح المطلق، خلال مقابلة تلفزيونية، الثلاثاء؛ إن "الخنجر لم يكن في يوم من الأيام بعثيا، وأن الاستهداف أصبح واضحا، ولا نعرف ما أسباب محاولة اجتثاثه من هيئة المساءلة والعدالة".

وفي السياق ذاته، علّق السياسي والنائب السني السابق، ظافر العاني، قائلا: "لم يسلم من أذاهم أحد وآخرهم الشيخ خميس الخنجر رئيس واحد من أكبر الأحزاب في محافظاتنا، وله كتلة برلمانية تتنافس على الصدارة".

وأضاف العاني في تغريدة على حسابه بموقع التواصل الاجتماعي "إكس"، الاثنين، أنّ: "الخنجر، قيادي في تشكيل (ائتلاف) إدارة الدولة الذي شكل الحكومة الحالية، ومع ذلك، ها هو أخيرا تضطره الضغوط للاستقالة من رئاسة الحزب. الإقصاء الطائفي وصفة سحرية لخراب الدول".

منهجية متبعة
في السياق نفسه، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي، جاسم الشمري، في حديث لـ"عربي21"؛ إنّ "توقيت إقصاء الخنجر دقيق جدا؛ لأنه جاء قبل انعقاد جلسة البرلمان التي عقدت، الخميس، لاختيار رئيس جديد له خلفا لرئيسه السابق محمد الحلبوسي".

وأضاف الشمري أن "النائب سالم العيساوي هو مرشح حزب السيادة لتولي منصب رئيس البرلمان، الذي تصدّر في الجولة الثانية على منافسه محمود المشهداني، لكن لم يحسم الأمر لصالحه؛ كونه لم يأت بنصف زائد واحد من أصوات البرلمانيين".

وأشار إلى أن "قضية المساءلة والعدالة التي رتبت ضد خميس الخنجر، أعتقد أنها تأتي ضمن مرحلة اختيار النائب محمود المشهداني، وفرضه من الإطار التنسيقي على المكون السني كرئيس للبرلمان، لذلك نحن أمام قضية سياسية أكثر منها تابعة للمساءلة والعدالة".

ولفت الشمري إلى أن "الخنجر معلوم أنه رجل أعمال ولا علاقة له بالسياسة في مرحلة ما قبل عام 2003، وأنه دخل الحراك السياسي مؤخرا، لذلك التهمة سياسية أكثر منها حقيقية".

وشدد على أن "العراقيين أجبروا على أن يكون هناك تقاسم سني شيعي كردي في العملية السياسية، بعد عام 2003، وإذا قارنا بين سياسيي هذه المكونات، نجد أن الغالبية العظمى من السياسيين الشيعة هم حتى الآن في صدارة المشهد السياسي".

وفي المقابل، يضيف الشمري، نجد أن "كبار ساسة السنة غالبيتهم إما بين مطارد ومهجر أو معتقل أو مغيب عن المشهد، وهنا نتحدث عن الراحل عدنان الدليمي، وطارق الهاشمي، وخلف العليان، وصالح المطلك، وغيرهم الكثير من السياسيين الذي غابوا أو غيبوا لأسباب معلومة".

وخلص الشمري إلى أنه: "لا يمكن بناء الدولة من أي طرف بشكل منفرد، وإنما عليه أن يتقبل الآخر وطروحاتهم وأهدافهم من أجل بناء الدولة لجميع العراقيين، أما النظرة الجزئية للواقع السياسي العراقي، فلا يمكن أن تقود إلى بناء دولة؛ لأن البلد مليء بالأديان والمذاهب المختلفة".

وأعلن حزب "السيادة"، الثلاثاء، انتخاب علي سيف الدين سعدون، أمينا عاما له خلفا للخنجر، وذلك حسب وثيقة أرسلها الحزب إلى المفوضية العليا للانتخابات، التي تطلب أيضا بمفاتحة "هيئة المساءلة والعدالة" لإعلامهم بالاستقالة، وانتفاء الحاجة لتدقيق اسمه لديهم.

وكتب الخنجر تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي "إكس"، الاثنين، قال فيها: "سنبقى مطالبين بحقوق أهلنا في العودة إلى مدنهم منزوعة السكان، ومعرفة مصير المختفين قسرا وتعويض المنازل المدمرة في مدننا".

وأضاف: "وتعديل قانون العفو العام وخاصة إعادة التحقيق وإعادة تعريف الانتماء للتنظيمات الإرهابية، وحل هيئة المساءلة والعدالة، وتحقيق التوازن في مؤسسات الدولة، وسنبقى نطالب بهذه الحقوق مهما كانت التضحيات".