ملفات وتقارير

من يقود حكومة كردستان العراق بعد تراجع مقاعد حزب البارزاني؟

حصل الحزب الديمقراطي على 39 مقعدا، والاتحاد الوطني على 23 مقعدا - جيتي
أثارت نتائج الانتخابات البرلمانية لإقليم كردستان العراق، العديد من التساؤلات بعد ظهور النتائج الأولية التي تشير إلى تراجع الحزب الديمقراطي الكردستاني بقيادة مسعود البارزاني، رغم تصدره القوائم الفائزة، وتقدمه في مقاعد غريمه التقليدي "الاتحاد الوطني" بزعامة بافل الطالباني.

وأظهرت النتائج الأولية للانتخابات التي جرت، الأحد، حصول الحزب الديمقراطي على 39 مقعدا، والاتحاد الوطني على 23 مقعدا، والجيل الجديد على 15 مقعدا، والاتحاد الإسلامي على 7 مقاعد، وتيار الموقف الوطني على 4 مقاعد، وجماعة العدل على 3 مقاعد، وجبهة الشعب على مقعدين، وحركة التغيير وتحالف إقليم كردستان على مقعد لكل منهما.

وكان الحزب الديمقراطي الكردستاني، قد حصل على 45 مقعدا في الانتخابات الماضية التي جرت عام 2018، والاتحاد الوطني على 21 مقعدا، وقائمة التغيير على 12 مقعدا، والجيل الجديد على 8 مقاعد.

سيناريوهات محتملة

وبخصوص تشكيل الحكومة المقبلة ومن الحزب الذي يرأسها، قال المحلل السياسي من إقليم كردستان ياسين عزيز، إنه "رغم التراجع الطفيف في عدد مقاعد الحزب الديمقراطي الكردستاني في الانتخابات الأخيرة، لكن هذا لا يمنعه من قيادة المفاوضات من أجل تشكيل الحكومة المقبلة".



وأضاف عزيز لـ"عربي21" أن "ما يؤهل الديمقراطي الكردستاني لقيادة مفاوضات تشكيل الحكومة هو أنه يحظى بفارق مريح نوعا ما (16 مقعدا) عن أقرب منافسيه وهو الاتحاد الوطني، وأن هذا الفارق يعطي الحق للأول في رئاسة الحكومة أو الفوز بمنصب رئيس إقليم كردستان".

واستبعد الخبير الكردي "وجود أي فرصة للاتحاد الوطني الكردستاني في التحالف بعيدا عن الحزب الديمقراطي من أجل تشكيل الحكومة المقبلة، وذلك لأن القوى السياسية الأخرى، وخصوصا حركة الجيل الجديد لن تشارك في أي حكومة يقودها أحد الحزبين".

وتابع: "أما الأحزاب الأخرى المتبقية حتى إذا تحالف معها الاتحاد الوطني- وهذا مستبعد- فلن يصل إلى الأغلبية البرلمانية، وهي النصف زائد واحد بمعنى 51 مقعدا من أصل مئة مقعد".

ورأى عزيز أن "السيناريو المتوقع، والذي يفرض نفسه كواقع في إقليم كردستان، هو أن يتفاوض الديمقراطي مع بقية الأحزاب، وعلى رأسهم الاتحاد الوطني، باعتبار أن الإقليم فيه واقع جغرافي لنفوذ هذين الحزبين".



وفي السياق ذاته، قال الباحث والمحلل السياسي العراقي، كاظم ياور، إن "إجراء الانتخابات المصيرية في كردستان العراق كان إنجازا بحد ذاته، وذلك في ظل حالة الفراغ الدستوري الحاصلة منذ عامين، والظروف السياسية والاقتصادية والأمنية التي تحيط بالإقليم صعبة جدا".

وأضاف ياور لـ"عربي21" أن "نتائج الانتخابات هذه لم تكن متوقعة من الناخبين في إقليم كردستان العراق، إذ أن المعادلة السياسية التي أنتجت في السابق ظروفا حياتية معقدة في جوانبها السياسية والاقتصادية والأمنية هي نفس المعادلة تم إخراجها في هذه الانتخابات".

وأوضح الباحث، قائلا: "النتائج التي حققها الحزب الديمقراطي والاتحاد الوطني والجيل الجديد والاتحاد الإسلامي لا تتيح لكل واحد منهم تشكيل الحكومة بشكل منفرد، وإنما لا بد أن يكون هناك حركة ائتلافية لأكثر من ثلاث جهات من أجل تشكيلها".

وتوقع ياور أن "يحاول الحزب الديمقراطي الكردستاني، التقرب من الاتحاد الوطني نتيجة للظروف الواقعية، لأن الأخير لديه نفوذ أمني وإدارة سياسية في مدينة السليمانية، وتخضع لسيطرته، مما يجعل الديمقراطي لا يذهب إلى أحزاب أخرى وتهميش الاتحاد".

وأردف: "كذلك الأمر بالنسبة للاتحاد الوطني، فإنه لا يستطيع تهميش الديمقراطي الكردستاني الذي لديه مقاعد كبيرة في البرلمان، ويمتلك إدارات سياسية ثابتة على الأرض في أربيل ودهوك، بالتالي لا يمكن تجاوز أحد الحزبين".

وأشار إلى أنه "قبل الانتخابات كان توجه حزبي الجيل الجديد والاتحاد الإسلامي هو عدم المشاركة في الحكومة على الأقل إذا شارك فيها الحزب الديمقراطي أو الاتحاد الوطني، بالتالي لا نعلم مدى بقاء قرارهما هذا، وربما سيكون رهن مرحلة مفاوضات تشكيل الحكومة".

تدخلات واردة

وعن مدى حصول تدخلات إقليمية في تشكيل حكومة إقليم كردستان، توقع الخبير الكردي ياسين عزيز، أن "يكون هناك تدخل في هذا الملف، سواء من الأطراف السياسية في بغداد، أو جهات إقليمية، وذلك من أجل إقناع الحزبين الرئيسين للاتفاق من أجل تشكيلها".

وأعرب عزيز عن اعتقاده بأن "التدخلات والتأثيرات سواء المحلية أو الإقليمية ستكون إيجابية باتجاه توافق هذين الحزبين من أجل تشكيل حكومة إقليم كردستان العاشرة في أسرع وقت ممكن".

وفي السياق ذاته، رأى الباحث العراقي كاظم ياور أن "الأحزاب السياسية في الإقليم بحاجة ماسة إلى أن يكون هناك وسيط إقليمي أو دولي ممكن الاعتماد عليه في تقريب وجهات النظر بينهم".

وعزا ذلك إلى "وجود بون شاسع بين القوى الكردية، ولا توجد نقاط مشتركة حقيقية تجمع بينهم، باستثناء الحصول على المكاسب في تقاسم الوزارات. لكن المعارضة ستختار التغيير النوعي في مسار تشكيل الحكومة وعمل البرلمان في المرحلة المقبلة".

من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي، سعدون التكريتي في حديث مع "عربي21"، إن "مشروع إحلال حزب الاتحاد الوطني محل الديمقراطي الكردستاني الذي كانت تسعى إليه إيران وحلفاؤها في العراق (قوى الإطار التنسيقي)، أظنه لم ينجح".



وأوضح التكريتي أن "فشل تصدير الاتحاد الوطني، وبقاء الديمقراطي الكردستاني محتفظا بالصدارة من شأنه أن يفرض تغييرا أو تحييدا قادما لقوى الإطار التنسيقي الشيعي في إقليم كردستان، ولا سيما مع التقارب الغربي مع مسعود البارزاني".

ورأى الباحث العراقي أن "⁠تقدّم الجيل الجديد رغم كل التضييق سيكون له أثره في المستقبل، فلا أظن أن تجربة هذه الحركة التي لم يتجاوز عمرها الست سنوات ستكون تكرارا لحركة التغيير التي انشقت من الاتحاد الوطني، بل ستكون أكثر حدة وصمودا".

ويبلغ العدد الكلي للمرشحين في الدورة الحالية للانتخابات البرلمانية في كردستان 1194 مرشحا يتنافسون على مقاعد برلمان إقليم كردستان الـ 100، خمسة مقاعد منها خاصة بكوتا المكونات "المسيحيين والتركمان" الذين يتنافسون بـ 38 مرشحا لنيلها.

ومنذ العام 2018 يرأس مسرور البارزاني، القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، الحكومة في إقليم كردستان، بينما يتولى القيادي في الاتحاد الوطني، قوباد الطالباني منصب نائب رئيس الوزراء، لكنه قاطع الحكومة مع وزراء حزبه منذ عام 2023.

وتأتي الخطوة مع بلوغ الانقسام ذروته في الإقليم الكردي على خلفية تراشق بالاتهامات بين فريقي الحزبين الرئيسين في الحكومة، بسبب الهجوم التركي الذي جرى على مطار السليمانية عام 2023، واستهدف قياديا في "قوات سوريا الديمقراطية" التي تصنفها أنقرة على لوائح الإرهاب.