سلطت وسائل
الإعلام الأمريكية الضوء على عمليات
الاغتيال التي نفذها
الاحتلال الإسرائيل ضد قادة حماس وحزب الله،
والتي قد تثير اندلاع حرب أوسع في الشرق الأوسط.
ونشر موقع "
موندويس"
تقريرا عن كيفية تناول الإعلام الأمريكي لتلك العمليات باعتبارها أعمالًا بطولية
للدفاع عن النفس، متجاهلة دوافع رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو
الخفية في استمرار الحرب للحفاظ على حياته السياسة.
وقال الموقع، في
هذا التقرير الذي ترجمته "عربي21"، إن اغتيال الاحتلال إسرائيل
الاستفزازي لرئيس الوزراء الفلسطيني المنتخب والقيادي في حركة حماس
إسماعيل هنية
والقيادي البارز في حزب الله
فؤاد شكر أثار خطر اندلاع حرب أوسع في الشرق الأوسط
قد تنجر إليها الولايات المتحدة، إلا أن وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية تفشل
بشكل مميز في تغطيتها مع استثناء واحد مفاجئ.
فصحيفة نيويورك
تايمز وغيرها لا تشرح السياق والتاريخ والدوافع المحتملة وراء هذه الاغتيالات، ومن
بينها أن بنيامين نتنياهو ربما يكون قد أمر بتنفيذ الهجمات لأسباب سياسية أنانية
ولإرجاء محاكمته بتهمة الفساد، بينما لا تتردد وسائل الإعلام الأخرى في الربط بين
الأمرين، بما في ذلك صحيفة رائدة داخل الاحتلال الإسرائيلي نفسها، والأكثر من ذلك
أن الكثير من التغطيات الأمريكية تؤطر عمليات القتل الإسرائيلية على أنها أعمال
بطولية للدفاع عن النفس، بدلًا من حقيقة أن الاغتيالات هي انتهاكات للقانون الدولي
وتهديد هائل للأمن العالمي.
بدأ الموقع
بصحيفة نيويورك تايمز، التي انتظر أحد تقاريرها الطويلة حتى الفقرة التاسعة ليوضح
"أن عمليات القتل تهدد بإغراق الشرق الأوسط في حرب أوسع نطاقًا". ولكن
لا يوجد أي ذكر على الإطلاق لدوافع نتنياهو الشخصية.
والأسوأ من ذلك هو تأكيد
رونين بيرغمان في مقال آخر أن هنية قُتل في الواقع بقنبلة زُرعت قبل أشهر، وليس
بغارة جوية أو غارة بطائرة مسيّرة على طهران. ولم يستطع بيرغمان، الذي تعتبر
علاقاته بالمخابرات الإسرائيلية سرًا مكشوفًا، إخفاء ابتهاجه بنجاح عملية
الاغتيال، فقد كانت لهجته طوال الوقت تمدح الجرأة الإسرائيلية. وقد بدا
التقرير وكأنه سيناريو فيلم سينمائي، ولم يذكّر بيرغمان القراء في أي مكان بأن
الحكومات التي تقتل الناس في البلدان الأخرى تنتهك القانون الدولي.
والأكثر من ذلك
أن إسماعيل هنية كان كبير مفاوضي حماس في المحادثات الجارية حول إطلاق سراح الأسرى ووقف إطلاق النار. وأشار الكثيرون إلى أنه إذا كنت تحاول التوصل إلى اتفاق
جاد فلا يجب عليك قتل كبير مفاوضي الطرف الآخر.
يعرف الصحفيون
أن بإمكانهم توجيه تغطيتهم من خلال تحديد الخبراء الذين يقتبسون منهم. وفي تقرير
آخر لصحيفة التايمز، وجد بيتر بيكر أربعة أشخاص، جميعهم من الوسط أو اليمين، وكان
أكثرهم منطقية هو المفاوض الأمريكي السابق آرون ديفيد ميلر، وتم حصره في الفقرتين
الأخيرتين، ولم ينقل بيكر عن الفلسطينيين ولا اللبنانيين ولا الإيرانيين.
وأوضح الموقع أن
وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية لم تركز أيضًا بشكل كافٍ على أن الاغتيالات
الإسرائيلية، ولا سيما اغتيال هنية، جاءت على ما يبدو كمفاجأة للحكومة الأمريكية، رغم
وجود جنود أمريكيين في المنطقة يمكن أن يصبحوا أهدافاً إذا ما انتقمت إيران. ألا
يمكن لنيويورك تايمز وغيرها العثور على خبراء أمريكيين يمكنهم إدانة هذا السلوك
الفاضح، خاصة أن أمريكا مستمرة في دفع ثمن حرب إسرائيل على غزة، حتى بعد أن ألحق
القتل الجماعي للمدنيين ضررًا بالغًا بفرص فوز إدارة بايدن-هاريس الانتخابية؟
وبعد عدة أيام
من هذه الممارسة الإعلامية الخاطئة وترسيخ السردية السائدة في وسائل الإعلام، شعر
أحدهم في صحيفة التايمز بوخز الضمير. كان العنوان الرئيسي لستيفن إرلانجر بالأمس:
"نتنياهو، المتحدّي، يبدو أنه أصبح مارقًا، ويخاطر بحرب إقليمية". وفي
أسفل الفقرة 6، اعترف إرلانجر بأن تحدي نتنياهو "يغذي الشكوك بأنه يُبقي
البلاد في حالة حرب ليحافظ على مكانه في السلطة"، رغم أنه أغفل الشكوك
القديمة بأن رئيس الوزراء الإسرائيلي يريد أيضًا استدراج الولايات المتحدة إلى
الحرب.
وأشار الموقع
إلى أن واشنطن بوست كانت أفضل قليلاً، فقد نقلت الصحيفة على الأقل عن معين رباني،
الذي أشار إلى أن الاغتيالات الإسرائيلية السابقة لشخصيات فلسطينية قيادية كان لها
تأثير محدود على قدرات حماس وتطورها، وأن قتل القادة لا يعادل القضاء على
الحركة. وفي الوقت نفسه، لم تتردد صحيفة "هآرتس" الإسرائيلية في
نشر خبر بعنوان "هل تتعمد إسرائيل إثارة التصعيد الذي قد يجر الولايات
المتحدة إلى الصراع؟".
كانت هناك
مفاجأة سارة واحدة: تريتا بارسي هو أكاديمي أمريكي بارز من أصل إيراني، ولكن يبدو
أن وسائل الإعلام الأمريكية الرئيسية لا تستطيع العثور على عنوان بريده الإلكتروني
أو رقم هاتفه. بعد استشهاد هنية مباشرة، نشر بارسي رداً سريعاً ومفصلاً على موقع
"إكس"، بدأه بأن الاغتيال يقتل محادثات وقف إطلاق النار، وأن نتنياهو
خرّب محادثات وقف إطلاق النار لأن إنهاء الحرب سينهي على الأرجح حياته السياسية.
ومع أن موقعا اتهم تغطية الإذاعة الوطنية العامة عن فلسطين بأنها أسوأ من المستوى المتدني الذي
تمارسه وسائل الإعلام الرئيسية، إلا أن ستيف إنسيب من الإذاعة الوطنية العامة أجرى
مقابلة مع تريتا بارسي على الهواء، واستطاع بارسي أن يقول لجمهور الإذاعة الوطنية
العامة الكبير في جميع أنحاء البلاد إن نتنياهو "قتل عمدًا" المحادثات
حول وقف إطلاق النار وعودة الأسرى.