أولا ـ محددات الموقف
1 ـ إن
تونس ازداد تدهور حالها على جميع الأصعدة
كما لم يحدث لها في أي وقت مضى .
2 ـإأن السبب المباشر من ضمن الأسباب الأخرى
لهذا الانهيار القياسي هو وجود قيس سعيد في قرطاج وهو الشخص الذي لا تؤهله في
الأصل لا القدرات الذهنية ولا العملية ولا السياسية (كما شرحناه حتى قبل انتخابه
في 2019) لقيادة أي بلاد فضلا عن البلاد التونسية بمميزاتها وبأوضاعها الصعبة والحرجة.
ومما يزيد من فداحة وخطورة الوضع الانفراد الفرعوني بالسلطة وتعويق قيس سعيد
بالانقلاب لجميع آليات ومحركات التطور بما أدخل البلاد في دائرة مغلقة من العبث
المطلق المهدد لكيان الدولة والأمان المجتمعي.
3 ـ إن القوى الصلبة والقوى الأخرى التي
رافقت قيس سعيد منذ انقلابه في 25 تموز / يوليو 2021 لا يمكنها منطقيا وعمليا في
2024 مواصلة مسايرته في تفكيك الدولة وتقسيم الجسم الوطني، فهي على تنوعها تظل قوى
تونسية لا تتساوق طموحاتها مع تصرفات قيس سعيد حتى بدالة الربح والخسارة.
4 ـ إان قيس سعيد تراجعت شعبيته بشكل لافت
إلى حد الانهيار بالمقارنة مع 2019 حتى في الدورة الأولى، إذ لم يعد يناصره الا
شريحة محبطة معروفة بمحدودية الوعي وخواء الخطاب وضعف السردية لا يملك المرء إلا
الإشفاق على الجزء المغرر به منها والحسرة على الجزء المخدوع فيها.
إن وضعية البلاد وعوائق المسار الانتخابي بلغت درجة من الخطورة تخرجنا من موقع الرفاه للاختيار المريح للرئيس القادم و قد تضع بعضنا في حالة الاكراه لاختيار أي مرشح يكون أقل تعاسة من قيس سعيد.
5 ـ إن إنقاذ الدولة والمجتمع التونسي من
هذا البلاء الجاثم أصبح متاحا إلى حد ما في سياق راهن مفاده أن التخلص من قوس قيس
سعيد هو في حقيقته مهمة وطنية حارقة وهو فرض عين محمول على كل تونسية وتونسي مهما
كانت قناعاته وتوجهاته.
6 ـ إن صندوق الاقتراع على الرغم مما أحاط
به الانقلابي من إجراءات تعسفية لصالحه يظل في الوضع الشعبي الراهن فرصة قد تكون
متاحة للتخلص من البلاء المحيق بالبلاد والعباد خاصة أنه السبيل الباقي للمواطنين
قبل اضطرارهم لاحقا إلى التمرد على الطغيان والتصدي للخراب.
7 ـ إن الخروقات القانونية الفادحة و العبثيةالمتصلة بالانتخابات الرئاسية (سبق لي التعرض لها في
مقال سابق) و التي قد تكون متعمدة يمكن أن توقف المسار الانتخابي في أية مرحلة و ذلك
بقرار قضائي اداري و تؤجله إلى وقت آخر محفوف بالمخاطر بما يحرم التونسيون من
إمكانيات التغيير العاجل بواسطة
الصندوق.
8 ـ إن وضعية البلاد وعوائق
المسار الانتخابي بلغت درجة من الخطورة تخرجنا من موقع الرفاه للاختيار المريح
للرئيس القادم و قد تضع بعضنا في حالة الاكراه لاختيار أي مرشح يكون أقل تعاسة من
قيس سعيد.
ثانيا ـ المطلوب وطنيا:
1 ـ إن الخطوة الحاسمة لإنقاذ البلاد هي
التخلص بواسطة الصندوق من قيس سعيد بوصفه العائق الأول لفتح الأفق الوطني. و ن ثمة
فإن شعار هذه
الانتخابات هو "لا
تصويت لقيس سعيد" إذ يجب وضع سدود انتخابية لفوزه المستبعد أصلا.
2 ـ أمام العوائق الموضوعة تعسفا لقبول الترشح فإنه من المهم
الآن أن نتفاعل مع هذه الشروط إيجابا بمساعدة المترشحين الجديين على تجاوز عائق
التزكيات والتفاعل سلبا بخوض معارك قضائية ونضالية للضغط من أجل تسهيل الشروط
الأخرى.
3 ـ عند إعلان هيئة بوعسكر على المقبولين للترشح في بداية آب
/ أغسطس 2024 فإن:
ـ الاحتمال الأول هو قبول عدد معقول من المترشحين ممن
يمثلون في تنوعهم اتجاهات
الرأي العام . وفي هذه الصورة علينا كقوى ديمقراطية التفاوض مع هذا المترشح أو ذاك
للالتفاف حوله مقابل التزامات محددة .
ـ الاحتمال الثاني: في صورة قبول الهيئة لمترشحين غير
جديين سواءا في مواجهة أو مع قيس سعيد فإن مرحلة نضالية سيحين وقتها بدءا من
مقاطعة نشيطة للانتخابات وصولا إلى أشكال نضالية أخرى متاحة.
4 ـ في صورة الاحتمال الأول أعلاه يتعين علينا تعبئة الشعب
للمشاركة في الحملة الانتخابية وخاصة في التصويت يوم الاقتراع بما يفرض عمليا دورة
ثانية لان عدم المشاركة الواسعة ستكون حتما لفائدة العشرة في المائة التابعة لقيس سعيد و التي
ستنزل لا محالة بثقلها و أكبر .
5 ـ في الدورة الثانية وإن فشل قيس سعيد في الوصول إليها
فللشعب كامل الحرية في اختيار رئيسه أما في صورة وجود قيس سعيد في الدورة الثانية
فيجب مضاعفة العمل والتعبئة من أجل إسقاطه بإسناد منافسه مهما كان بكل قوة حتى إن
كان هذا الأخير محل جدل من هذا الطرف أو ذاك. إذ لا ننسى أن المرحلة الحالية هي الإنقاذ
وإطفاء الحريق وسد الشريان النازف بإسقاط قيس سعيد قبل رفاهة التصويت على من يراه
هذا الطرف أو ذاك قريبا منه أو بعيدا.
ثالثا ـ المخاوف المشروعة.
1 ـ القول إن قيس سعيد كما صرح به لن يسلم السلطة حتى إن خسر
الانتخابات.. نحن لا نستبعد هكذا احتمال فالرجل أثبت سابقا أنه قصووي وغير مهتم
بالآخرين وبمصلحة الوطن.. إن أقدم على ذلك فهو لن يمر مهما كان الوضع وسيسقط قسرا
ونتمنى أن يكون ذلك بأقل الخسائر .
وما زلت أعتقد أن قيس سعيد وقبل لجوئه لهكذا
مغامرة فإنه سيسعى لطرق باب إلغاء الانتخابات بقرار قضائي بالاستناد على الخروقات
الفادحة التي ارتكبها هو نفسه في النصوص الخاصة بالانتخابات.
إن الخطوة الحاسمة لإنقاذ البلاد هي التخلص بواسطة الصندوق من قيس سعيد بوصفه العائق الأول لفتح الأفق الوطني. و ن ثمة فإن شعار هذه الانتخابات هو "لا تصويت لقيس سعيد" إذ يجب وضع سدود انتخابية لفوزه المستبعد أصلا .
2 ـ القول إن المشاركة في الانتخابات هي خيار يضفي الشرعية
على الانقلاب ويكسبه شرعية جديدة وإن المقاطعة هي السبيل الوحيد للتخلص من هذا
الكابوس الوطني . مثل هذا القول له حجية والمقاطعة
النشيطة مازالت قائمة إذا توفرت شروطها السابق ذكرها والمتمثلة في مخرجات هيئة
بوعسكر في 6 أغسطس / آب وإعلانها عن الترشحات المقبولة، أما التلبس بخيار المقاطعة
في كل الأحوال فأراه هدرا لفرصة متاحة لا يخدم إلا الانقلابي.
3 ـ القول إنه من غير المعقول إعادة تجربة 2019 مع قيس
سعيد بالتصويت لمترشح لا يوثق فيه . ولهؤلاء أقول إن الوطن في
قاعة الإنعاش وإن الحريق يشتد فيه ببقاء قيس سعيد وإنه ليس لهذا الشعب اليوم خيار
آخر غير الإطاحة به في أقرب الأوقات فكل يوم يبقى فيه في قرطاج يلحق الضرر الفادح
بتونس، ومن ثمة فإننا نتمنى أن يكون عدد المقبول ترشحاتهم كثر ليتسنى الاختيار لكن
ومهما كان الحال فإننا سنجد من ضمنهم رجل دولة سوي يتعامل مع الشعب وقواه الحية بمعايير
السياسة بما يفتح الأفق الوطني نحو تطوره الطبيعي نحو النمو والحرية والكرامة
الوطنية.. وغير ذلك فهو استمرار السد التاريخي المتمثل في قيس سعيد .
* أستاذ جامعي ومحامٍ ووزير تونسي سابق