تواجه
حملة الصوت المسلم في
بريطانيا مزاعم من مرشحين خاسرين في
الانتخابات العامة التي جرت هذا الشهر أمام
مرشحين دعمتهم، بما في ذلك اتهامات بتشجيع المضايقات والمطاردة، إضافة إلى هجوم
عليها من قبل المحافظين واليمين. لكن الحملة ردت على هذه الاتهامات، ولوحت
بإجراءات قانونية ضد من يروجونها بحقها.
وكان
المرشح
العمالي جوناثان أشوورث، الذي خسر في مواجهة مرشح مستقل مدعوم من الحملة، قد
تحدث في مقابلة مع إذاعة "إل بي سي" عن مضايقات تعرض لها، وعن منشورات
تستهدفه بشكل شخصي خلال الحملة الانتخابية، ومطاردات في الشارع، ووصفه بأنه مؤيد
للإبادة الجماعية (في غزة). وأشار إلى منافسه المستقل شوكت آدم الذي فاز بالمقعد، وحملة
الصوت المسلم، التي قال إنها دعت لمعاقبة النواب على خلفية قضية غزة.
لكن
الحملة ردت بأن محاميها سيتحدثون إلى أشوورث، ودعته إلى سحب اتهاماته.
وقالت
في بيان نشرته عبر حسابها على منصة إكس: "هذه المنشورات لم تأت من الصوت
المسلم أو حملة المرشح المستقل المحلي. في الحقيقة الحملة (الخاصة بالمرشح) نفت
علاقته بشكل علني، وكذلك نحن".
وخسر
جوناثان أشوورث، الذي يتوقع أن يتولى منصبا وزاريا، في دائرة جنوب ليستر بوسط
إنكلترا، وهي منطقة فاز فيها العمال في الانتخابات الماضية بفارق 22 ألف صوت. وفاز
شوكت آدم في هذه الدائرة التي يشكل المسلمون 30 في المئة من ناخبيها بفارق 979
صوتا.
وقالت
الحملة مخاطبة أشوورث: "إذا كان أعضاء دائرتك الانتخابية لا يحبونك، فهذا
بسببك. مرة أخرى، نحن لم تكن لنا أي علاقة مطلقا بأي مطاردة في الشارع، أو أننا
شجعنا أي سلوك ينطوي على مضايقة".
وذكّرت
الحملة أشوورث بأنه رفض التصويت في البرلمان لصالح مشروع في البرلمان يدعو لوقف
إطلاق النار في غزة، في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، كما تجاهل التوقيع على رسالة
تطالب بوقف بيع الأسلحة إلى إسرائيل، ووقعها 134 من أعضاء من النواب واللوردات، في
آذار/ مارس الماضي.
وقالت
الحملة مخاطبة أشوورث: "خسارتك يجب أن تكون لحظة لمراجعة الذات وتصحيح المسار،
والهجوم علينا هو عكس ذلك".
وزعم
أشوورث أن الحملة لم تكن لإحداث تغيير بشأن بعض القضايا والسياسات التي تخص
المسلمين، وإنما "معاقبة" النواب فقط. لكن الحملة ردت بأن
"سياساتنا مدرجة بشكل واضح على موقعنا، ويجب عليك قراءتها والانخراط مع
مجتمعك المحلي، وفهم لماذا صوّت لنائب جديد".
وكانت
الحملة قد حددت ثلاثة معايير لتأييد أي مرشح، وهي موقفه بشأن دعم وقف إطلاق النار
في غزة، ودعم قضايا المسلمين، والتمتع بالشعبية في الدائرة الانتخابية التي ينتمي
إليها.
وقررت
الحملة عدم دعم أي مرشح من حزب العمال بغض النظر عن مواقفهم، مع التزام الحياد في
12 منطقة لمرشحين عماليين كان يُتوقع أن يتم دعمهم ومعروفين بمواقفهم المؤيدة
لفلسطين.
وكرر
الاتهامات بشأن المضايقات؛ المرشح العمالي خالد محمود، الذي خسر في دائرة بيري بار
في برمنغهام، لصالح المرشح المستقل أيوب خان بفارق 507 أصوات.
ومحمود
بالرغم من أنه صوت لصالح مشروع قرار في البرلمان لوقف إطلاق النار في تشرين
الثاني/ نوفمبر الماضي، إلا أنه حاول الدفاع عن سياسات الحزب وزعيمه كير ستارمر.
وظهر في تسجيل فيديو وهو يتشاجر مع محاوريه في أحد المساجد في برمنغهام، حيث
اتهمهم بالجهل وأنهم لا يقرأون.
واتهم
محمود، في مقابلة مع إذاعة "إل بي سي" حملة منافسه بالمضايقة وارتكاب
مخالفات أمام مراكز الاقتراع، متهما الشرطة بعدم التحرك. لكن محمود لم يشر إلى
حملة الصوت المسلم التي دعمت خان.
وإضافة
إلى آدم وخان، فاز ثلاثة مرشحين مستقلين آخرين دعمتهم الحملة أمام مرشحي العمال،
وهم عدنان حسين في بلاكبيرن، وإقبال محمد في دوسبري أند باتلي في ويست يوركشاير، وزعيم
العمال السابق جيرمي كوربين، الذي خاض الانتخابات كمستقل بعد استبعاده من قوائم
الحزب، لمقعد دائرة شمال إزلنغتون في لندن.
كما
فاز مرشحون آخرون من الأحزاب كانت الحملة قد دعت للتصويت لهم، بينهم الزعيمة المشتركة
لحزب الخضر كارلا دينيار التي أطاحت بالمرشحة العمالية عن دائرة بريستول سنترال، تانغام
ديبونير، وهي وزيرة سابقة في حكومة الظل العمالية وكان ينتظر أن تتولى منصبا وزاريا
في الحكومة الجديدة. وخسر العمال في هذه الدائرة نحو 30 نقطة مئوية، وزادت أصوات
الخضر بنسبة مماثلة.
وعلاوة
على ذلك، ساهم مرشحون مستقلون دعمتهم الحملة في تخفيض أصوات العمال في العديد من
الدوائر التي يشكل المسلمون نسبة كبيرة من ناخبيها، حيث نافس عدد من المرشحين بقوة
وكانوا على بعد عدة مئات فقط من الأصوات من الفوز.
وتعد
حملة الصوت المسلم أول حملة منظمة لتوحيد أصوات المسلمين في بريطانيا خلال
الانتخابات، كما شهدت الانتخابات أكبر عدد من المرشحين المستقلين، كثير منهم من
العرب والمسلمين، نافسوا مرشحي الأحزاب الكبرى، وخصوصا على خلفية قضية غزة.
وتتعرض
حملة الصوت المسلم لهجوم، سواء من قبل المرشحين العماليين الخاسرين أو من قبل أصوات
اليمين والمحافظين.
وكان
زعيم حزب الإصلاح اليميني نايجل فاراج قد زعم في تصريحات قبل أيام من الانتخابات؛
أن المسلمين يصوتون كطائفة لمرشحيهم من المسلمين فقط، لكن نتائج الانتخابات تشير
إلى أن هناك مرشحين مستقلين وقفوا بقوة في وجه مرشحين مسلمين آخرين عن حزب العمال،
كما أن ناخبين مسلمين صوتوا لصالح مرشحين غير مسلمين مؤيدين لغزة مقابل مرشحي حزب
العمال.
وكرر
الاتهامات بالتصويت "الطائفي"؛ عضو حزب المحافظين أندرو ستريت، الذي خسر
موقعه كعمدة لمقاطعة ويست ميدلاند في الانتخابات المحلية في أيار/ مايو الماضي
لصالح حزب العمال.
وقال
ستريت إن الناخبين المسلمين وجهوا أصواتهم في تلك الانتخابات للمرشح المسلم
المستقل، رغم أن المرشح العمالي هو من فاز بفارق ضئيل في نهاية المطاف، مرجعا ذلك
إلى تأثير حرب غزة.
وفي
ذات السياق، نشرت صحيفة جويش كرونيكل اليهودية مقالا يهاجم حملة الصوت المسلم،
ويتهمها بالتطرف وأنها واجهة للإخوان المسلمين. ودعا المقال حزب العمال لجذب المسلمين
"المذعورين" من صعود حملة الصوت المسلم؛ إلى جانبه، لمواجهة الحملة الذي
قال المقال إنها "وجدت لتبقى".
ويشار
إلى أن أصوات حزب العمال، بالرغم من فوزه بعدد أكبر من المقاعد، شهدت انخفاضا خلال
الانتخابات الأخيرة، ويُعتقد أن الفارق بين عدد الأصوات التي حصل عليها الحزب
بقيادة جيرمي كوربين في 2019 وتلك التي حصل عليها تحت قيادة ستارمر في 2024، والذي
يبلغ نحو 600 ألف صوت، يمثل عدد الأصوات التي فقدها الحزب من أصوات المسلمين بسبب
حرب غزة.
وبشكل
عام، انخفضت نسبة التصويت بما يتراوح بين 2 و15 في المئة بعض الدوائر، الأمر
الذي تكرر في الانتخابات المحلية، وعُزي بشكل أساسي إلى امتناع العديد من المسلمين
عن التوجه لصناديق الاقتراع؛ احتجاجا على موقف الأحزاب.
وتشير
أرقام رصدتها هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي)، إلى انخفاض أصوات العمال بمعدل
11 في المئة في المناطق التي تزيد فيها نسبة المسلمين على 10 في المئة من الناخبين،
في حين ترتفع هذه النسبة إلى أكثر من 35 في المئة في المناطق التي تزيد نسبة
المسلمين على 30 في المئة. وقدرت محطة سكاي نيوز تراجع تصويت المسلمين لحزب العمال
بنحو 14.2 في المئة بشكل عام.