نشر موقع "ريسبونسيبل ستيت كرافت" الأمريكي تقريرًا تحدث فيه عن التطورات بين
السعودية والولايات المتحدة الأمريكية، بعد الكشف عن أدلة مزعومة حول وجود دور لمسؤولين سعوديين في هجمات الحادي عشر من أيلول/ سبتمبر 2001.
وقال الموقع، في تقريره الذي ترجمته "عربي21"، إن هناك أدلة جديدة تظهر أن بعض المسؤولين الحكوميين السعوديين كانوا أكثر تورطًا في هجمات 11 أيلول/ سبتمبر مما كان معروفًا من قبل.
ووفقاً لملف جديد في دعوى قضائية رفعتها عائلات ضحايا 11 أيلول/ سبتمبر، فقد تلقى نشطاء تنظيم
القاعدة دعمًا كبيرًا من أعضاء الحكومة السعودية في استعداداتهم للهجمات.
وكما أوضح دانييل بنيامين، رئيس الأكاديمية الأمريكية في برلين، وستيفن سيمون، زميل معهد كوينسي، في مقال جديد لصحيفة "ذا أتلانتك"، فإن المدعين يزعمون أن المسؤولين السعوديين "لم يكونوا عملاء مارقين بل واجهة أمامية لمؤامرة شملت السفارة السعودية في واشنطن وكبار المسؤولين الحكوميين في الرياض". وإذا كانت هذه الادعاءات صحيحة، فإن ذلك سيكون له آثار مهمة على فهمنا للهجمات وكيفية عمل الجماعات الإرهابية الدولية، كما أنه يعطي الأمريكيين سببًا آخر للتشكيك في حكمة الاتفاقية الأمنية مع السعودية اليوم.
وأوضح الموقع أنه كان هناك بالفعل بعض الأدلة على التواطؤ بين المسؤولين السعوديين والخاطفين في أحداث 11 أيلول/ سبتمبر التي تم الكشف عنها في الماضي، ولكن كما أشار بنيامين وسيمون، تشير الأدلة الجديدة إلى أن الإجراءات التي اتخذها مسؤولان سعوديان يعملان في
الولايات المتحدة لدعم الخاطفين كانت "متعمدة ومستدامة ومنسقة بعناية مع مسؤولين سعوديين آخرين".
وتابع: "إذا كان هذا صحيحًا، فإن فشل حكومتنا في محاسبة السعوديين على دور مسؤوليهم في الهجمات أمر لا يغتفر. وهو يجعل التساهل المستمر للسعودية من قبل الإدارات المتعاقبة على مدى العقدين الماضيين أكثر إثارة للاشمئزاز".
وكما هو متوقع، فإنها تنفي الحكومة السعودية هذه الاتهامات، لكن هذا ما تفعله الرياض دائمًا عندما تكون هناك اتهامات ذات مصداقية بارتكاب مخالفات ضدها. ففي الأسابيع التي أعقبت مقتل الصحفي جمال خاشقجي في سنة 2018، زعمت الحكومة السعودية أنها لم تفعل له شيئًا، بل إنها استخدمت شخصية مزدوجة مقنعة بشكل سيئ للترويج لقصة كاذبة مفادها أنه غادر القنصلية طوعًا في إسطنبول. ونفت الحكومة السعودية بشكل روتيني مسؤوليتها عن الغارات الجوية على أهداف مدنية في اليمن عندما كانت قواتها هي الوحيدة التي يمكنها شنها. إن النفي السعودي ليس له أهمية كبيرة، بحسب الموقع.
ووفق الموقع؛ يقدم بنيامين وسيمون حجة قوية مفادها أن الدليل على التورط السعودي الأعمق في هجمات 11 أيلول/ سبتمبر يسيء إلى رد فعل واشنطن العسكري في "الحرب على الإرهاب". إن تصور أن تنظيم القاعدة قد نفذ مثل هذه الهجمات المذهلة دون دعم من الدولة وشبكة دعم داخل الولايات المتحدة، كان سبباً في تشجيع صناع القرار السياسي على الانغماس في تهديد التضخم المفرط الذي حول الإرهاب من مشكلة حقيقية ولكن يمكن التحكم فيها إلى التهديد المحدد لهذا العصر. ولو كانت الولايات المتحدة قد فهمت بشكل أفضل كيف وقعت الهجمات، فإن بنيامين وسيمون يشيران إلى أنه "ربما كانت لدينا الثقة اللازمة لمغادرة أفغانستان بسرعة، بدلاً من الانتظار لمدة عشرين سنة". ولم يكن للولايات المتحدة أيضاً أي سبب لتورط نفسها في صراعات في أفريقيا باسم مكافحة الإرهاب.
وفي حين أنه من الصحيح أن "السعودية سنة 2001 لم تعد موجودة، كما يقول بنيامين وسيمون، إلا أن الأدلة على التواطؤ السعودي الرسمي الكبير في أسوأ الهجمات الإرهابية في التاريخ الأمريكي يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار عند النظر في مستقبل العلاقات الأمريكية والسعودية".
فإذا كانت عناصر من حكومة أخرى متورطة في هجوم كبير على الولايات المتحدة، فمن المشكوك فيه أن زعماءنا السياسيين سوف يفكرون الآن في فكرة منحهم ضمانة أمنية وتكنولوجيا نووية، كما هو مقترح كجزء من الاتفاق الأمريكي السعودي الجديد. وهناك بالفعل العديد من الأسباب التي تجعل الاتفاقية الأمنية والاتفاق النووي الذي اقترحته إدارة بايدن مع الرياض غير مرغوب فيهما بالنسبة للولايات المتحدة، لكن الدليل على التورط السعودي الأعمق في أحداث 11 أيلول/ سبتمبر يجب أن يجعل الفكرة مشعة سياسيًا لدرجة أنه لن يرغب أحد في أن يكون له أي علاقة به، بحسب قوله.
وذكر الموقع أنه على الرغم من الحرب في غزة، فلا تزال إدارة بايدن مصممة على متابعة اتفاق التطبيع مع السعودية وإسرائيل. لقد كانت هناك موجة من التقارير الأخيرة التي تفيد بأن المفاوضات بشأن الجزء الأمريكي السعودي من "الصفقة الضخمة" على وشك الانتهاء. وكان السعوديون سعداء بالموافقة على ترتيب تمنحهم فيه الولايات المتحدة الكثير من الهدايا باهظة الثمن، ومن المتوقع ألا يفعلوا شيئًا تقريبًا في المقابل. وكما كان الحال منذ البداية، فإن عدم رغبة إسرائيل في تقديم تنازلات حقيقية للفلسطينيين بشأن أي شيء هو العقبة الرئيسية أمام إبرام الصفقة الأكبر. ولا ينبغي للولايات المتحدة أن ترغب في أي جزء من اتفاق تتحمل فيه أعباء إضافية دون أن تكسب أي شيء.
ولفت الموقع إلى أن تركيز الرئيس على هذه الصفقة حير العديد من خبراء السياسة الإقليمية والخارجية، الذين لا يستطيعون فهم السبب وراء إنفاق الولايات المتحدة الكثير من الوقت والطاقة على مبادرة لن تحل أيًا من مشاكل المنطقة.
وأورد الموقع أن أحد التفسيرات هو أن الإدارة تعتقد أن هذا سيحصر السعوديين في تحالف أوثق مع الولايات المتحدة كجزء من التنافس مع الصين، لكن هذا ليس له معنى كبير. وسيواصل السعوديون زيادة علاقاتهم التجارية مع الصين بغض النظر عما تقدمه لهم الولايات المتحدة. والسبب الآخر هو أن وجهة نظر الرئيس بشأن الاتفاق السعودي الإسرائيلي عفا عليها الزمن مثل نهجه تجاه المنطقة ككل، ويعتقد أنها ستكون على قدم المساواة مع اتفاقيات كامب ديفيد. ولعل أبسط تفسير هو أن بايدن يرغب في التفوق على ترامب في تقديم الخدمات لإسرائيل.
ومهما كان السبب وراء ذلك، فإن الولايات المتحدة ستدفع ثمنًا باهظًا بشكل غير مقبول مقابل أي اتفاق. ولا ينبغي لحكومتنا أن تتطلع إلى ربط نفسها بشكل أوثق بالسعوديين في أي حال.
واختتم الموقع التقرير بالقول إن الكشف الأخير عن تواطؤ سعودي أكبر محتمل في أحداث 11 أيلول/سبتمبر يجب أن يكون القشة الأخيرة التي تضع حداً لأي حديث آخر عن اتفاقية أمنية مع الرياض.
للاطلاع على النص الأصلي (هنا)