نشرت صحيفة "
إزفيستيا" الروسية تقريرًا، تحدث فيه عن عدم استسلام "
إسرائيل" لضغوط النرويج وإسبانيا وأيرلندا، الدول التي اعترفت بدولة
فلسطين، وستواصل حربها في قطاع
غزة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن قرار أوسلو ومدريد ودبلن يزيد من مكانة الحركة الوطنية الفلسطينية، لكن من غير الواضح كيفية تنفيذه على أرض الواقع.
أوسلو ومدريد ودبلن تعترف بفلسطين
وتضيف الصحيفة أن النرويج وإسبانيا وأيرلندا اتخذت قرارًا منسقًا بالاعتراف بدولة فلسطين سيدخل حيز التنفيذ في 28 أيار/ مايو الجاري.
وقال رئيس الوزراء النرويجي جوناس جار ستور في 22 أيار/ مايو: "في خضم حرب أسفرت عن عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، يتعين الحفاظ على البديل الوحيد الذي يقدم حلا سياسيا لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين: دولتان تعيشان جنبا إلى جنب في سلام وأمن. للشعب الفلسطيني حق أساسي ومستقل في تقرير المصير، ولكل من الإسرائيليين والفلسطينيين الحق في العيش بسلام في دولتيهما. لن يكون هناك سلام في الشرق الأوسط دون حل الدولتين".
بالإضافة إلى ذلك، أكد زعماء الدول الثلاث أن ترسيم الحدود الإقليمية ينبغي أن يستند إلى حدود سنة 1967، رحبت كل من قطر والأردن والسعودية وبعض الدول الأخرى بقرار أوسلو ومدريد ودبلن. وكان رد فعل حركة حماس الفلسطينية، التي تشن إسرائيل ضدها حربا في غزة، إيجابيًّا أيضا.
تعليقًا على ذلك، قال القيادي بحركة حماس باسم نعيم: "نعتبر ذلك نقطة تحول في الموقف الدولي تجاه القضية الفلسطينية"، مضيفًا "أن المقاومة الفلسطينية الشجاعة وتماسكها التاريخي دفعا الدول الأوروبية إلى مثل هذا القرار".
وذكرت الصحيفة أن قرار هذه الدول الأوروبية لا يحمل أنباء جديدة كونه يكرر أحكام قرار الأمم المتحدة بشأن إنشاء دولتين، الذي تم اعتماده في منتصف القرن الماضي. لكن، كما هو متوقع، أثارت هذه الخطوة استياءً في إسرائيل، التي سارعت إلى استدعاء سفراء أيرلندا وإسبانيا والنرويج إلى وزارة خارجية هذا البلد.
من جانبه، أكد مستشار مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، دميتري جندلمان، أن إسرائيل مقتنعة بأن قرار الاعتراف بفلسطين لن يؤدي إلا إلى تأخير فرصة التوصل إلى تسوية سلمية في الشرق الأوسط.
ويضيف جندلمان: "محاولات الضغط علينا بهذه الطرق غير مجدية. إسرائيل ستواصل عمليتها العسكرية في غزة حتى يتم تدمير قوة حماس في القطاع بالكامل. وتحتفظ إسرائيل بالحق في اتخاذ المزيد من الخطوات تجاه هذه الدول، وكذلك تجاه قيادة السلطة الفلسطينية، التي تواصل نزع شرعية إسرائيل على الساحة الدولية".
في غضون ذلك، قال السفير الفلسطيني في فيينا إن سلوفينيا وبلجيكا من المرجح أن تكونا الدولتين التاليتين في الاتحاد الأوروبي اللتين تعترفان بفلسطين.
ماذا يعني هذا من الناحية العملية؟
وأوردت الصحيفة أن النرويج وإسبانيا وأيرلندا ليست الدول الأوروبية الأولى التي تعترف بدولة فلسطين. قبل ذلك، اتخذت أيسلندا هذه الخطوة سنة 2011، تلتها السويد سنة 2014. لكن دول أوروبا الشرقية، التي كانت جزءًا من الكتلة الاشتراكية قبل انهيار النظام السوفييتي، فعلت ذلك سنة 1988، من بينها صربيا وألبانيا وجمهورية التشيك وسلوفاكيا وبيلاروسيا وأوكرانيا ورومانيا وبلغاريا. كما تعترف روسيا، باعتبارها الخليفة القانوني للاتحاد السوفييتي، بالدولة الفلسطينية.
وتنقل الصحيفة عن الخبير في معهد الدراسات الإستراتيجية والتحليل بموسكو سيرجي ديميدينكو: "من غير المرجح أن يرتكز قرار الدول الأوروبية الثلاث التي أعلنت الاعتراف بفلسطين في 22 أيار/ مايو، فقط على اعتبارات تتعلق بوجوب تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، بل يرجع الفضل إلى اليسار، أي المفاهيم الليبرالية التي تهيمن اليوم على الحياة الفكرية في الغرب".
ويضيف ديميدينكو: "تشجع البيئة الأيديولوجية في أوروبا على الاعتراف بفلسطين. نرى مظاهرات مختلفة لدعم إسرائيل، لكن هناك احتجاجات الطلاب المؤيدة للفلسطينيين".
ويرى ديميدينكو أن معنى قرار هذه الدول الثلاث من الناحية العملية غير واضح، مشيرًا إلى أنه لا أحد يعرف كيفية حل مسألة حدود دولة فلسطين، وما هي الخدمات التي ستضمن أمنها، ومن سيدير هذا الكيان؛ نظرًا لأن فلسطين مقسمة إلى الضفة الغربية وقطاع غزة، حيث يعيش الأغلبية.
ويعتقد ديميدينكو أن الدول الغربية لا تقدم حلولاً لثلاث قضايا إشكالية رئيسية: اللاجئين والمستوطنات اليهودية في الأراضي الفلسطينية ووضع القدس. ويخلص ديميدينكو إلى أنه "من المستحيل الحديث عن أي اعتراف كامل بفلسطين في هذه الظروف".
كيف يغير الاعتراف بفلسطين العلاقات الدولية؟
وتنقل الصحيفة عن الباحث البارز في مركز الدراسات العربية والإسلامية، بوريس دولغوف، أنه على الرغم من أن الاعتراف بدولة فلسطين لم يغير شيئًا من الناحية العملية، فإنه يعتبر حدثا مهما؛ لأنه في مسائل القانون الدولي يعزز بشكل كبير مكانة المنظمات الوطنية الفلسطينية والسلطة الفلسطينية بقيادة محمود عباس.
وبحسب دولغوف، فإن الاعتراف بفلسطين يمكّن الحركة الوطنية الفلسطينية من التقدم بمطالب تشكيل وإنشاء دولة وطنية ذات ثقل أكبر وفرص أكبر، ما يضمن الفرصة للمشاركة في المنظمات المتخصصة، مثل الأمم المتحدة.
بشكل عام، كلما زاد عدد الدول التي تعترف بفلسطين، زادت شرعية الحركة الفلسطينية، ما يضيف ثقلاً للحركة الوطنية في مسألة الضغط على إسرائيل بسبب أفعالها في قطاع غزة.
ويعتقد سيرغي ديميدينكو أن الدول الأوروبية الأخرى قد تنضم أيضًا إلى اتجاه الاعتراف. ومع ذلك، من المستبعد اتخاذ مثل هذه القرارات بسرعة.
وأضاف ديميدينكو: "ينبغي أن يكون القرار مفيدًا، ويسمح بإحراز تقدم كبير على المستوى السياسي. من وجهة النظر هذه، ينبغي أن يتم اتخاذه في الوقت المناسب".
يتناسب هذا الموقف مع إطار المسار الأمريكي للسياسة في الشرق الأوسط. ويتفق الخبراء على عدم إحراز تقدم في هذه القضية من طرف واشنطن. بحسب الممثل الرسمي لمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض، أكد الرئيس الأمريكي جو بايدن في 22 أيار/ مايو، أنه ضد اعتراف الدول الأخرى بفلسطين من جانب واحد.
وفي ختام التقرير، نوهت الصحيفة إلى أن رد فعل إسرائيل، التي تتمتع بدعم شامل من الولايات المتحدة، قد يكون قاسيًا جدًّا. في الوقت ذاته، يستبعد الخبراء قطع إسرائيل العلاقات الدبلوماسية.