طرحت اللقاءات المكثفة
التي عقدها القائم بأعمال السفارة الأمريكية لدى
ليبيا، جيريمي برنت، مع صدام
وبلقاسم نجلي اللواء الليبي المتقاعد، خليفة
حفتر، بعض الأسئلة عن أهداف الخطوة، ودلالة تقارب "واشنطن" الآن مع أبنائه، وعلاقة ذلك بمواجهة النفوذ الروسي
شرق ليبيا.
وذكرت السفارة
الأمريكية أن "برنت التقى صدام وبلقاسم حفتر في بنغازي بشرق ليبيا؛ لبحث
التحديات التي تواجه الاستقرار الإقليمي، بالإضافة إلى أهمية حماية سيادة ليبيا، وتأمين حدودها، ودعم جهود توحيد المؤسسات الأمنية الليبية.
"تعاون اقتصادي وفني"
من جهته، أكد بلقاسم
خليفة حفتر، وهو يشغل منصب مدير صندوق التنمية وإعادة إعمار ليبيا، استعداد
الولايات المتحدة لدعم جهود إدارة الصندوق الرامية إلى تحقيق الإعمار والتنمية في
ليبيا، داعيا المسؤول الأمريكي ووفد السفارة لزيارة مدينة درنة؛ للوقوف على
الإنجازات هناك، وفق قوله.
في حين أكدت بلدية
بنغازي التي استضافت اللقاء، أنه "تم مناقشة سبل تعزيز التعاون مع المؤسسات
والشركات الأمريكية، وكيفية إشراكها ضمن برامج الإعمار المستهدفة من قبل إدارة
الصندوق، إضافة للحديث عن المشاريع القائمة في مدينة بنغازي ومشاريع الإعمار داخل
مدينة درنة والمدن المتضررة من الفيضانات".
وكان وفد عسكري قد زار
حفتر مؤخرا في مقره العسكري بشرق البلاد لمناقشة ملف الانتخابات البلدية، وسط
تأكيدات من العسكريين الأمريكان دعم واشنطن لجهود توحيد المؤسسة العسكرية، وإعادة
الإعمار في درنة وبقية المناطق المتضررة بالشرق من إعصار "دانيال".
"نفوذ روسي متصاعد"
وجاءت خطوة التقارب الأمريكي
مع أبناء حفتر، المتحكمين الفعليين في شرق البلاد، في ظل تصاعد النفوذ الروسي في
شرق ليبيا، بعد وصول آلاف المعدات العسكرية والجنود إلى هناك لاستكمال مشروع الفيلق
الأفريقي الروسي، الذي يزعج الولايات المتحدة وأوروبا.
ومن المعروف أن نجلي
حفتر، بالإضافة إلى أبيهم نفسه، يتمتعون بالجنسية الأمريكية كونهم ولدوا في ولاية
فيرجينيا، حيث كان يقيم والدهم فترة لجوئه في عهد معمر القذافي.
فهل تقارب واشنطن مع
أبناء حفتر الآن هدفه مواجهة النفوذ الروسي؟ وما المصالح التي تجمع الطرفين؟
"عرقلة وتعطيل لأوروبا"
وحذر تقرير لجريدة
"ديلي إكسبرس" البريطانية من أن التعامل الغربي، خاصة الأمريكي، المستمر
مع "خليفة حفتر" يهدد بعرقلة المساعي الأوروبية الهادفة لكبح النفوذ
الروسي المتنامي في ليبيا.
وأشارت إلى أنه أمام
النفوذ الروسي المتنامي، حاولت الولايات المتحدة وأوروبا في العامين الماضيين
استمالة حفتر، وهو ما دفع رئيسة الحكومة الإيطالية، جورجيا ميلوني، إلى زيارة
بنغازي مرتين في الآونة الأخيرة، محملة بعقود وصفقات اقتصادية وأمنية مقابل تعهد
حفتر بالتعاون في وقف تدفق المهاجرين صوب أوروبا.
ونقلت الصحيفة عن
الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة في لندن، جلال حرشاوي، قوله إن
"بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا أرسلوا دبلوماسييهم للاحتفال
بعرض "حفتر" العسكري في بنغازي، الخميس الماضي، بعد أسابيع قليلة من
إرسال موسكو عشرات الآلاف من الأطنان من المعدات العسكرية، ما يعني إضفاء شرعية
على حفتر".
"مواجهة ناعمة"
ورأى الكاتب والمحلل
السياسي الليبي المقيم في أمريكا، محمد بويصير، أنه "نظرا لغياب إرادة
المواجهة مع الروس تتبنى الإدارة الأمريكية ما تسميه المواجهة الناعمة، وجزء منها
الوعود بالتعاون الاقتصادي، وإن كان هذا قرارا متروكا للشركات الأمريكية وليس للحكومة
هناك، لذا أعتقد أنه قرار صعب".
وأوضح في تصريحات
لـ"عربي21" أن "الشركات التي أعلن عن مشاركتها في مشروع إعادة
الإعمار هي شركات ليبية لديها موظفون أمريكيون كانت تعمل في ليبيا منذ أيام
القذافي، لذلك لا تعتبر هذه التحركات أو حتى الاتفاقات سابقة، لكن واضح أنه مزاحمة
للروس أيضا"، وفق تقديراته.
"تكتيك لمواجهة موسكو"
في حين قال الناشط
والصحفي الليبي، موسى تيهو ساي، إن "الولايات المتحدة الأمريكية خصوصا والغرب
عموما يعتقدون أن التقارب مع حفتر هو الخيار الأسلم والأقل تكلفة كون الصدام معه يعني
خسارتهم منطقة يرونها مهمة جدا، حيث الشرق والجنوب، خصوصا في مسألة الهجرة غير
النظامية ومحاربة الإرهاب".
وأضاف: "لذا يرى
الأمريكان أن التقارب مع أبناء حفتر الآن قد يكون سبيلا لتقليل تزايد النفوذ
الروسي في البلاد، وهذه بالطبع خطة تكتيكية فقط وليست بعيدة المدى، ومن المحتمل أن
تفشل في أي وقت بسبب قوة تأثير النفوذ الروسي على الجنرال حفتر، حيث يمثل مركزا جيوسياسيا في غاية الأهمية بالنسبة للتمدد نحو أفريقيا عموما، مع تراجع غير مسبوق
للنفوذ الغربي"، بحسب رأيه وتصريحه لـ"عربي21".