تتوافق المواقف
الدبلوماسية والإعلامية الإسرائيلية على بروز
بلجيكا خلال العدوان الجاري على قطاع
غزة كإحدى الدول البارزة ضد
الاحتلال، مع محاولاتها المتكررة لفرض عقوبات عليه، ودعواتها
لوقف تعاون دول الاتحاد الأوروبي معه، وفي الوقت نفسه، وربما نتيجة لهذه السياسة، ارتفعت
معاداة الاحتلال في بلجيكا، وبلغ الخطر على سياحه ذروته فيها.
دانيال أرزي مراسل
"القناة 12" في بروكسل، ذكر أنه "في نهاية الأسبوع الماضي، نُشرت وثيقة
تظهر تعرض إسرائيلي للهجوم والإصابة في بلجيكا مع ابنته بعد أن قاما بتمزيق ملصق مؤيد
للفلسطينيين في محطة قطار في مدينة بروغ، وهذه الحادثة مجرد واحدة من عدد كبير من الأحداث
في الدولة الأوروبية التي "تغلي" منذ بدء الحرب ضد الاحتلال، وعلى عكس الدول
الأخرى في أوروبا بشكل خاص، كانت بلجيكا من الدول التي لم تحظر التظاهرات المؤيدة للفلسطينيين
في أراضيها"، على حد زعمه.
وأضاف في تقرير
ترجمته "عربي21" أن "الموقف الرسمي لبلجيكا تم توضيحه في بث هيئة التلفزيون
الوطني بالرسالة التي ظهرت على شاشة التلفزيون خلال مسابقة الأغنية الأوروبية، وجاء
فيها أن بلجيكا "تدين انتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكبها دولة الاحتلال"،
واتهامها بأنها تدمّر حرية الصحافة، ولهذا السبب نقطع الصورة عنها".
وأشار إلى أنه
"إلى جانب الأحداث التي شهدتها الشوارع التي تشمل مظاهرات ضخمة، برزت بلجيكا كواحدة
من أكثر الدول نشاطًا ضد الاحتلال في القنوات الرسمية، بما في ذلك إدانة السياسة الألمانية
الداعمة له ومساعدتها المباشرة ومساهمتها في انتهاكات حقوق الإنسان".
وأوضح أنه
"بينما حافظت بلجيكا تقليديًا على علاقات دبلوماسية مع دولة الاحتلال، فإن موقفها
من مختلف القضايا المتعلقة بالصراع الإسرائيلي
الفلسطيني، وانتهاكات حقوق الإنسان،
ساهم في وضعها في طليعة النشاط المناهض له على المسرح العالمي مثل العديد من الدول
الأوروبية، وأعربت تاريخياً عن تضامنها مع الشعب الفلسطيني، ودعمت سعيه لإقامة دولته،
وتقرير مصيره".
وأكد أن
"هذه المواقف تُرجمت من خلال تعاطف بلجيكا مع القضية الفلسطينية عبر مبادرات دبلوماسية
وبيانات علنية تدين السياسات الإسرائيلية التي تعتبرها تعديًا على حقوق الفلسطينيين
وتطلعاتهم، وقد عزز هذا الدعم مكانة بلجيكا كلاعب رئيسي في تعزيز المصالح الفلسطينية
في الاتحاد الأوروبي والمحافل الدولية الأخرى المتعلقة بالعقوبات على الاحتلال، وقد
دأبت على تحذير الأوروبيين من أنهم سيتحملون العواقب، لأنه في غضون عشر سنوات سيقولون
لنا إننا شاهدنا هذه المجازر، ولم نفعل شيئاً".
وأضاف أننا
"أمام قفزة حادة في الدعوات المعادية للاحتلال الإسرائيلي، حيث يبلغ عدد اليهود
في بلجيكا 29 ألف نسمة، وفقا للمؤتمر اليهودي العالمي، ورغم أن غالبية الجالية اليهودية
في العاصمة بروكسل علمانية، إلا أن مدينة أنتويرب الساحلية بها عدد كبير من الحريديين،
وأكبر مجتمع حسيديكي في أوروبا، والآن تواجه الجالية اليهودية زيادة كبيرة في حالات
معاداة السامية في بلجيكا مئات في المئة"، على حد زعمه.
وأوضح أنه
"بالإضافة لذلك، وعلى عكس الدول الأوروبية الأخرى، لم تحظر بلجيكا أبدًا المظاهرات
المؤيدة للفلسطينيين على أراضيها، والتي يحتوي الكثير منها على هتافات معادية لإسرائيل،
وغالبًا ما تتحول إلى تعبيرات تدعو لإلحاق الضرر بالمؤسسات اليهودية والإسرائيلية في
البلاد، وفي بداية نيسان/ أبريل، أرسلت منظمتان يهوديتان في بلجيكا رسالة مفتوحة لرئيس
الحكومة ألكسندر دي كرو احتجاجا على سلبيته في إدانة ومحاربة موجة معاداة السامية في
البلاد".
وزعم أن
"هناك عددا من التصريحات المقلقة لوزراء الحكومة البلجيكية التي تنحرف عن الموقف
المشترك للاتحاد الأوروبي فيما يتعلق بالحرب في غزة، فيما تؤكد الجاليات اليهودية في
بلجيكا أن المواطنين هناك لا يفرقون بين إسرائيل واليهود، وتتهمهم بالمشاركة في الحرب،
مع العلم أنه في بداية الحرب، أصدرت الطائفة اليهودية تحذيرات لنحو نصف سكان
العالم من السفر إلى عدد من البلدان، بما فيها بلجيكا، بزعم زيادة معاداة السامية،
والتحذيرات من الأعمال المعادية في جميع أنحائها".
وأشار إلى أن
"ما يزيد مشكلة إسرائيل في بلجيكا تواجد الإسلاميين فيها، فوفقًا لمعهد بيو الأمريكي
للأبحاث من المتوقع في عام 2030 أن يصل عدد المسلمين فيها إلى 1.149 مليون، بزيادة
قدرها 80.96 بالمائة مقارنة بعام 2010، حيث بلغ عددهم آنذاك 638 ألف نسمة، ويتركزون
بشكل رئيسي في منطقة بروكسل، وأحياء سان خوسيه، ومولينبيك سان جان، وشاربيك، ويطلق
عليها "حزام بروكسل الإسلامي"، وعلى خلفية هذه المعطيات، وصلت العلاقات بين إسرائيل
وبلجيكا الآن إلى مستوى منخفض جديد، وقد يزداد سوءا في المستقبل".