تقف جمهورية
مصر العربية على مفترق طرق حرج،
حيث تواجه خيارا بين الحفاظ على سيادة أسطولها الوطني وبين بيع هذا الأسطول في
قرار قد يهدد سيادتها ويدفعها نحو أزمات
اقتصادية شديدة. يبرز هذا القرار الخطر
المحتمل الناجم عن الإدارة غير المتبصرة وافتقار الرؤية الاستراتيجية الطويلة
الأمد في وزارة الطيران المدني المصرية، وذلك من خلال قرارها بيع ٢٥٪ من الأسطول
والمتمثل في بيع 17 طائرة ضمن سياسة تسييل الأصول.
وما له من تأثيرات اقتصادية متعددة الأبعاد:
1 ـ تأثير على الجدارة الائتمانية والعملة الوطنية: الجنيه
المصري شهد تدهورا في قيمته، مما أثر سلبًا على تكلفة الاستيراد والتصدير، وعلى
قطاع النقل الجوي بشكل عام.
2 ـ زيادة الديون: الدين العام والخارجي لمصر في تزايد، مما
يعقد الوضع المالي للبلاد ويهدد بتفاقم الأزمة المالية.
3 ـ تدمير السلع الاستراتيجية وتبديد موارد
البلاد واهدار الأصول والأسطول.
وبنظرة تحليلية لتوابع الزلزال الاقتصادي في
مصر وما يتبعه من هزات اقتصادية واجتماعية وسياسية، نؤكد على أنه في ظل
التحديات
الاقتصادية التي واجهتها البلاد خلال العقد الماضي، منذ انقلاب ٢٠١٣ وصولا إلى
الانفلات الاقتصادي، يأتي قرار وزارة الطيران المدني ببيع 17 طائرة من الأسطول
الوطني كخطوة جريئة تثير العديد من التساؤلات حول مدى جدواها الاقتصادية
والاجتماعية. مع الأخذ بالاعتبار ارتفاع نسبة الدين العام إلى الناتج المحلي
الإجمالي بنسبة تجاوزت %90، وفقًا لأحدث التقارير الصادرة عن البنك الدولي، وهو ما
يجعل القرار إضافة إلى مخاطر الاستقرار المالي للدولة وانهيار الجدارة الائتمانية.
فتدهور الجدارة الائتمانية في السنوات العشر
الماضية وما شهدته مصر من تقلبات ملحوظة في التصنيف الائتماني، حيث أشارت تقارير
صادرة عن وكالات التصنيف الائتماني الدولية إلى انخفاض تدريجي يعكس تزايد المخاوف
بشأن قدرة البلاد على إدارة ديونها. يظهر هكذا قرار ببيع الأسطول ليزيد من هذه
المخاطر، ويؤدي إلى رفع تكلفة الاقتراض ويُعمق الأزمة الاقتصادية.
في ظل التحديات الاقتصادية، يُصبح الانتقال نحو حكم ديمقراطي يعتمد على الشفافية والمشاركة الشعبية أمرًا ضروريًا لإعادة تقييم السياسات الاقتصادية والإدارية بما يُحقق الاستدامة والعدالة الاجتماعية.
وعن تأثير القرار على قطاع الطيران
والقطاعات الموازية حدث ولا حرج:
فتقليص الأسطول الوطني لا يهدد فقط قطاع
الطيران ولكن ينذر أيضًا بزيادة البطالة وتفاقم الهجرة للكفاءات المتخصصة، مما
يفقد الدولة خبراتها القيمة ويعيق التطوير الاقتصادي. ويضعف مساهمة قطاع الطيران
في الناتج المحلي الإجمالي، وما له من تأثيرًا سلبيًا مضاعفًا على الاقتصاد الوطني.
هذا بالإضافة إلى تضرر القطاعات الموازية،
كالسياحة والاستيراد والتصدير، والسياسة بالبيع لشركة الطيران الروسي المعادي لدول
الاتحاد الأوروبي والدول المتحالفة معها.
وتتعاظم الكارثة عندما نتساءل عن كيفية
التعاقد على هذه الطائرات ال١٧ في ٢٠١٧ دون دراسة جدوى ودون قدره وقوة وكفاءه
تشغيلية ، مع اقتراض لقيمتها التعاقدية، وليس سعرها، ذلك ان الفساد الإداري في مصر
يطال كل العقود والصفقات فيضيف لها العمولات والإكراميات ورسوم المرور والعبور من
مسؤول لمسؤول في دوائر صناعة القرار.
لذا كان لزاما علينا أن نطرح رؤيتنا في وجوب
اتخاذ القرارات التالية:
1 ـ إلغاء قرار البيع وإجراء دراسات جدوى دقيقة.
2 ـ تطهير قطاع النقل الجوي وتطوير استراتيجية وطنية لقطاع
الطيران تعزز الكفاءة والتنافسية.
3 ـ تعزيز مبادئ الديمقراطية والشفافية في صنع القرارات.
4 ـ إعادة هيكلة الديون وتفاوض مع الدائنين لشروط أكثر مرونة.
5 ـ تنويع مصادر الإيرادات لقطاع الطيران لتجنب الحاجة إلى
بيع الأسطول.
ومن المعلوم بالضرورة أنه يجب على شرفاء مصر
أن يعيدوا تقييم سياساتها الاقتصادية والمالية لمنع اتخاذ قرارات قد تزيد من تعميق
الأزمات الاقتصادية. يجب إعادة النظر في بيع الأسطول الوطني والتركيز على تعزيز
النمو المستدام كخطوة نحو تحقيق الاستقرار الاقتصادي وتعزيز السيادة الوطنية. في
ظل التحديات الاقتصادية، يُصبح الانتقال نحو حكم ديمقراطي يعتمد على الشفافية
والمشاركة الشعبية أمرًا ضروريًا لإعادة تقييم السياسات الاقتصادية والإدارية بما
يُحقق الاستدامة والعدالة الاجتماعية.
ونختم بالقول: "إما السيادة للأسطول
الوطني وحماية الأصول المصرية، أو بيع الأسطول والذي هو تهديد مباشر للسيادة
المصرية ينذر بزلزال اقتصادي يتبعه أزمات اقتصادية متعددة".
*استشاري إدارة مشروعات وخبير النقل الجوي