تحت عنوان "القوة بالوكالة: كيف تشكل
إيران الشرق الأوسط" تحدث تقرير لصحيفة
نيويورك تايمز عن النفوذ الذي تشكله طهران في منطقة يتحدث سكانها اللغة العربية ويتبع أغلب سكانها المذهب السني.
ويرى التقرير أن الدعم الذي تقدمه إيران في المنطقة يخل بالتوازن العسكري مع القوى الإقليمية الكبرى في الشرق الأوسط مثل مصر والسعودية.
تشير الصحيفة إلى أن طهران، التي تعاني من العقوبات، تحيط بها دول تختلف عنها مذهبيًا ولغويًا، إلا أنها تمكنت من إظهار قوتها العسكرية عبر منطقة واسعة من الشرق الأوسط.
ويؤكد التقرير أن إيران تقدم الدعم لأكثر من 20 مجموعة مسلحة في منطقة الشرق الأوسط، سواء بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال مجموعة متنوعة من الأسلحة والتدريب والمساعدات المالية.
ونستعرض معكم أبرز هذه الجماعات التي ذكرها التقرير:
حزب الله.. الأقدم والأكبر والأكثر تسليحا
البداية من حزب الله، وهي منظمة شيعية لبنانية٬ أصبحت القوة السياسية والعسكرية المسيطرة وصاحبة النفوذ في البلاد.
ويرى التقرير أن حرب عام 2006 أظهرت قوة الحزب، فقد شن حزب الله هجوما على قوات
الاحتلال الإسرائيلي التي كانت تحتل جنوب لبنان٬ وقد أسفرت هذه الحرب عن دمار كبير في صفوف اللبنانيين، حيث قتل أكثر من ألف شخص، معظمهم من المدنيين، وأجبر أكثر من 900 ألف شخص على النزوح.
وعلى الرغم من صعوبة تقدير القيمة الدقيقة للدعم المالي الإيراني للحزب، فإن مسؤولا أمريكيا أشار خلال جلسة استماع في عام 2018 إلى أن المبلغ يصل إلى 700 مليون دولار، ولكنه لم يقدم أدلة على هذا الرقم.
ومع ذلك، فإن الدعم النقدي من إيران لحزب الله قد انخفض مع مرور الوقت، نتيجة لتأثير العقوبات الطويلة الأمد، إضافة إلى العقوبات الحادة الأخيرة التي فرضها الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وأبقاها الرئيس الحالي جو بايدن.
ومع ذلك، فإن إيران تمكنت من الحفاظ على دعمها لحزب الله من خلال العديد من الطرق الأخرى، حيث تواصل تزويده بالأسلحة وتوفير التكنولوجيا المتطورة له بحيث يمكن لمهندسي حزب الله تصنيع الأسلحة محليًا.
وقد جعلت القدرة على إنتاج أسلحته الخاصة، حزب الله من بين أكثر المليشيات تزوّداً بالأسلحة في الشرق الأوسط.
وتقدر القوات العسكرية الأمريكية وخبراء الأسلحة حجم القدرة التسليحية للحزب بحوالي 135 ألف إلى 150 ألف صاروخ وقذيفة، وبمدى يصل إلى حوالي 200 ميل، كما أنه يمكن للمقاتلين الوصول إلى أهداف داخل إسرائيل.
ومن بين الأسلحة التي يقدرها المحللون، بين 100 إلى 400 صاروخ تم تجديدها مؤخرًا بأنظمة التوجيه الدقيق التي يمكن برمجتها للهبوط على مسافة أمتار من أهدافها. وتعتمد هذه التقنية بشكل رئيسي على الأسلحة الإيرانية والروسية، على الرغم من أنها تعدل أحيانًا من قبل خبراء أسلحة حزب الله.
ويعتبر المحللون العسكريون قوات القتال في حزب الله أكثر انضباطًا وتدريبًا وتنظيمًا من معظم الجيوش في الشرق الأوسط، حيث تتألف من حوالي 30 ألف جندي و20 ألف عسكري احتياطي.
ووفقًا للمحللين، فإنها تمتلك القدرة على تجنيد وتدريب آلاف الجنود الجدد بسرعة من خلال دورها كقوة سياسية ومقدمة للخدمات الاجتماعية في العديد من المجتمعات اللبنانية.
ومع العدوان الإسرائيلي على غزة بعد السابع من أكتوبر، فقد بدأ حزب الله بتصعيد الضغط على الحدود الإسرائيلية، شاناً ضربات عبر الحدود٬ وقامت إسرائيل بالرد، وأجبر العديد من المدنيين على الفرار من منازلهم على جانبي الحدود.
الحوثيون.. أحدث الوافدين
أصبح الحوثيون هم الحكام الفعليين لليمن بعد سيطرتهم على العاصمة في عام 2014٬ وهم يسيطرون الآن على حوالي ثلث البلاد، وفقًا لمسؤولين أمريكيين.
ويتلقى الحوثيون أسلحة وتدريبًا من إيران بدلاً من الدعم المالي المباشر، لكن الخبراء يقولون إنهم يحصلون أيضًا على المخدرات، وبعض المنتجات النفطية، وكلاهما يمكن إعادة بيعهما، ما يوفر للحوثيين الأموال التي يحتاجونها.
وفي كانون الأول/ ديسمبر 2023، فرضت وزارة الخزانة الأمريكية عقوبات على الأفراد وعلى شركات الصرافة في إيران وتركيا واليمن المتورطين في تحويل ملايين الدولارات من إيران إلى الحوثيين.
وعن تقديرات القوة البشرية لمليشيا الحوثي وحجم ترسانتها٬ يقول خبراء إن لديها حوالي 20 ألف مقاتل مدربين، لكن قادة الحوثيين زعموا أن لديهم ما يصل إلى 200 ألف مقاتل، وفي عام 2015 قدرت الأمم المتحدة العدد بحوالي 75 ألفًا.
وقد أدى هجوم للحوثيين في 6 آذار/ مارس في البحر الأحمر إلى مقتل ثلاثة بحارة وإصابة أربعة آخرين وإلحاق أضرار بالغة بسفينة الشحن التي ترفع علم بربادوس، ما أدى إلى غرقها. واستهدفت ضربات أخرى للحوثيين سفنا مملوكة لبريطانيا واليونان.
ومنذ اندلاع الحرب على غزة، أطلق الحوثيون أكثر من 60 هجومًا صاروخيًا وطائرات بدون طيار على السفن التي تعبر البحر الأحمر وخليج عدن، وفقًا لخدمة أبحاث الكونغرس.
ما هو واضح، بناءً على الهجمات الأخيرة، هو أن الحوثيين لديهم بعض الوحدات المدربة تدريباً عالياً والماهرة في تشغيل طائرات بدون طيار متطورة بشكل متزايد بالإضافة إلى الصواريخ الباليستية المضادة للسفن والصواريخ المخصصة لأهداف ثابتة على الأرض.
الجماعات المسلحة العراقية.. الجار الأقرب
تعود روابط الجماعات العراقية الشيعية بإيران إلى ما يقرب من عقدين من الزمن، وعلى مر السنين قدمت لهم طهران المال والأسلحة والتدريب.
وتتكون من أربع مليشيات شيعية: كتائب حزب الله (التي لا علاقة لها بحزب الله في لبنان)، وحركة النجباء، وكتائب سيد الشهداء، وعصائب أهل الحق.
وإلى اليوم لا تزال طهران توفر التدريب وقطع الأسلحة بالإضافة إلى الدعم الفني والاستراتيجي٬ لكن الجماعات الشيعية أصبحت الآن جزءاً من الجهاز الأمني للحكومة العراقية تحت مظلة قوات الحشد الشعبي، التي تضم أكثر من 35 مجموعة مسلحة.
وتغطي الحكومة العراقية رواتب معظم الموظفين العاديين. ومن غير الواضح ما إذا كانت إيران ستزيد رواتب القادة وقيادات الجماعات.
وتستخدم كتائب حزب الله، التي يتراوح عدد مقاتليها بين 10 آلاف و30 ألف مقاتل، طائرات بدون طيار وصواريخ يصل مداها إلى حوالي 700 ميل، وفقًا للقيادة المركزية الأمريكية.
وبمساعدة إيران، فقد اكتسب التنظيم القدرة على تعديل الصواريخ لجعلها أكثر دقة٫ كما أن لديها مجموعة متنوعة من الطائرات بدون طيار الهجومية، بما في ذلك تلك التي يمكنها السفر لمسافة تصل إلى 450 ميلاً.
واستخدمت طائرة بدون طيار في الهجوم على قاعدة إعادة الإمداد الذي أسفر عن مقتل ثلاثة جنود أمريكيين.
ولدى حركة النجباء وكتائب سيد الشهداء قوات أقل - ويقدر المحللون أن أعداد قواتهما تقترب من ألف إلى خمسة آلاف لكنهما تستخدمان أسلحة مماثلة.
ومع اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر/ تشرين الأول، كثفت اثنتان من تلك الجماعات هجماتها على المواقع الأمريكية في العراق.
وشنت كتائب حزب الله وحركة النجباء 166 هجوما على منشآت عسكرية أمريكية في العراق وسوريا، وفقا لمتحدث باسم البنتاغون.
وأصابت الهجمات المبكرة نحو 70 جنديا، وكانت معظم الإصابات طفيفة نسبيا. لكن في 28 يناير/كانون الثاني، أدت ضربة على قاعدة إعادة إمداد على الحدود الأردنية السورية إلى مقتل ثلاثة جنود أمريكيين وإصابة أكثر من 34 آخرين.
الجماعات المسلحة السورية
دعمت طهران العناصر المسلحة خارج الحكومة السورية وداخلها على النقيض من لبنان، حيث ركزت إيران جهودها على كيان مسلح غير حكومي، وذهب الدعم في
سوريا إلى كل من الجهات المسلحة الحكومية وغير الحكومية.
هناك مجموعتان بالوكالة تتألفان من مقاتلين تم تجنيدهم في إيران ويسيطر عليهم بالكامل فيلق القدس، وهو جهاز عسكري واستخباراتي خارجي تابع للحرس الثوري.
ويذكر أن إيران ساعدت في دعم الرئيس السوري بشار الأسد بطرق عديدة، بما في ذلك من خلال قروض بمليارات الدولارات للحكومة، وإمدادات النفط بأسعار مخفضة والمدفوعات للمساعدة في دعم القوات العسكرية السورية.
وينشر الحرس الثوري مجموعتين من المليشيا على الأقل في سوريا: لواء فاطميون، المكون من اللاجئين الأفغان، ولواء زينبيون، المكون من لاجئين باكستانيين. وتفيد التقارير بأنهم يدفعون للوحدات المسلحة الأخرى رواتب متواضعة.
وتعود العلاقات الإيرانية السورية إلى ما بعد الثورة الإيرانية عام 1979 مباشرة، عندما دعمت سوريا الحكومة الجديدة في طهران بينما تجنبها الآخرون. وتعتبر إيران سوريا شريكا استراتيجيا.
دعم المقاومة الفلسطينية
تعتبر حركة
حماس، وحركة الجهاد الإسلامي أبرز حركات المقاومة الفلسطينية السنية وتركز هدفها في محاربة المحتل الإسرائيلي٬ ولا ينكر قادتها الدعم الذي يحصلون عليه من إيران.
وبحسب التقرير فلا يعتقد المسؤولون الأمريكيون أن إيران هي التي بادرت بهجوم حماس أو أنه تم إبلاغها به مسبقًا في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر.
وتعتقد الصحيفة أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي تتلقيان معًا أكثر من 100 مليون دولار سنويًا من طهران بالإضافة إلى الأسلحة والتدريب، وفقًا لمزاعم وزارة الخارجية الأمريكية لعام 2020.