أثار سجن
السيناتور الموريتاني السابق، رئيس منظمة "الشفافية الشاملة" (غير حكومية) محمد ولد غده، على خلفية نشر منظمته تقريرا تحدث عن "فساد" تورطت فيه شركة موريتانية خاصة مملوكة لرئيس اتحاد أرباب العمل الموريتانيين زين العابدين ولد الشيخ أحمد، جدلا واسعا في البلاد.
ووجه المدعى العام بمحكمة نواكشوط الغربية، تهمها للسيناتور السابق، بينها "الافتراء والقذف ونشر معلومات مزيفة؛ قصد الضرر"، وأحاله للسجن قبل يومين.
وكانت منظمة "الشفافية الشاملة" التي يرأسها ولد غده قد نشرت قبل أسابيع تقريرا، اتهمت فيه شركة مملوكة لرئيس اتحاد أرباب العمل الموريتانيين "بارتكاب جرائم فساد، وتبديد أموال، عبر تنفيذ مشاريع عمومية بطريقة غير مكتملة، وغير مطابقة للمواصفات الفنية".
"تهديد لمن يفضح الفساد"
وفور إحالة السيناتور السابق للسجن، أصدرت غالبية الأحزاب السياسية الموريتانية والمنظمات والهيئات، بيانات تنديد ورفض لقرار السجن.
وقال رئيس حزب "اتحاد قوى التقدّم" محمد ولد مولود، إن حبس رئيس منظمة الشفافية محمد ولد غدة "تهديد مُبطّن لكل من يتجرأ على فضح
الفساد".
وأضاف في تصريح صحفي: "حبس رئيس منظمة لكشفه فسادا أمر خطير، ويبدد الثقة في جدّية مكافحة الفساد".
فيما وصف حزب "التجمع الوطني للإصلاح والتنمية" اعتقال السيناتور السابق بأنه "توظيف لأدوات الدولة من أجل التنكيل بالمعارضين".
ولفت الحزب في بيان أرسل نسخة منه لـ"عربي21" إلى أن البلد "يعاني ازديادا ملحوظا في حالات التضييق على الحريات وتكميم الأفواه، وتوظيف أدوات الدولة في التنكيل بالمعارضين، مع استشراء كبير لمظاهر الفساد في شتى مفاصل الدولة".
وتحدث الحزب عن "مكافأة رجال الفساد عبر التدوير المستمر لهم في مختلف المناصب الحكومية الحساسة، رغم تقارير تتحدث عن فسادهم من مؤسسات دستورية كمحكمة الحسابات وغيرها".
وأوضح الحزب أن سجن رئيس منظمة كفش فسادا "ينذر بخطر ويرسل رسالة تشجيع وطمأنة للمفسدين، ويمنحهم الفرصة للإفلات من المحاسبة والعقاب".
"معلومات مغلوطة"
أما دفاع الشركة الخاصة التي رفعت الدعوى ضد السيناتور السابق ولد غده، فقد اتهمت رئيس منظمة الشفافية بتقديم معلومات مغلوطة قصد الضرر بها.
وقال محامي الشركة، بوبا ولد الحسن، في مؤتمر صحفي، إن تسليط الضوء على هذه الشركة "بوسائل لم تتحر الدقة"، وغض الطرف عن باقي الشركات المشاركة في الصفقة المشتبه في فسادها، غير مقبول.
"عقاب سابق لأوانه"
وفي خضم هذا السجال والرفض الواسع لقرار سجن السيناتور ولد غده، أطل رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان (حكومية) أحمد سالم ولد بوحبين، بتصريح اعتبر فيه أن سجن ولد غده "عقاب سابق لأوانه، ومخالف للقانون".
وأضاف: "الإجراء المتخذ في حق ولد غده، لا مبرر له، ويدخل في إطار المسلكيات المخالفة للقانون، التي ما زالت راسخة، وتعيق التقيد الحاصل في مجال حقوق الإنسان".
ولفت إلى أن "العديد من المسلكيات المخالفة للقانون ما زالت راسخة، ومن ضمنها سهولة التوقيف والحرمان من الحرية، والحبس الاحتياطي، والإيداع في السجن على خلفية قضايا لم تبتّ فيها العدالة ولا تتوفر فيها شروط الحبس الاحتياطي المنصوص عليها في مجلّة المرافعات الجنائية".
نفي حكومي
من جهتها، سارعت الحكومة الموريتانية إلى نفي أي علاقة لها بقرار السجن السيناتور السابق محمد ولد غده.
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة الناني ولد اشروقه في مؤتمر صحفي: "الحكومة ليست طرفا في هذه القضية، وهي موضوع يعود إلى التقاضي بين طرفين"، مشددا على أن الحكومة لا تعلق على المسائل المعروضة أمام القضاء.
ويشكل موضوع محاربة الفساد واحدا من أبرز عناوين السجال بين القوى السياسية في
موريتانيا، إذ لا ينتهى هذا السجال إلا ليبدأ من جديد، وسط غياب أرقام دقيقة عن حجم الظاهرة في هذا البلد العربي الواقع غرب أفريقيا، والمقبل على ثروة غاز توصف بالكبيرة.