أعلنت الحكومة الموريتانية عن حصاد أول تجربة ناجحة في مجال
زراعة القمح، وسط تطلعات إلى أن يحقق هذا البلد العربي الواقع في غرب أفريقيا والبالغ عدد سكانه نحو 4 ملايين نسمة، اكتفاء ذاتيا في مجال الحبوب.
ووصف وكيل وزارة الزراعة الموريتانية أحمد سالم ولد العربي، نجاح أول تجربة في زراعة القمح في البلد بأنه تاريخي، لافتا إلى أن حصاد القمح هذا هو الأول في تاريخ البلد.
وأشرف عدد من المسؤولين الحكوميين من منطقة روصو جنوب البلاد على بدء عملية حصاد مزارع القمح لأول مرة، حيث كان التركيز في السنوات الماضية على زراعة الأرز وأنواع أخرى من الحبوب.
ودعت وزارة الزراعة المستثمرين في المجال الزراعي إلى التوجه لزراعة محصول القمح باعتباره محصولا استراتيجيا.
وتقول الحكومة إنها تخطط خلال العام الحالي إلى استغلال مساحة زراعية إجمالية قدرها 389,740 هكتارا وإنتاج 776,700 طن من مختلف الشعب الزراعية سواء تعلق الأمر بشعبة زراعة المحاصيل التقليدية أو شعبة الزراعة المروية أو شعبة زراعة الخضروات أو شعبة زراعة نخيل التمور، أو شعبتي القمح والأعلاف.
"نتائج مشجعة"
واعتبر وكيل وزارة الزراعة أحمد سالم ولد العربي، أن هذه التجربة (زراعة القمح) تعتبر "مشجعة حسب النتائج المتحصل عليها، حيث تتراوح المردودية ما بين 4 و5 أطنان للهكتار، وبإنتاج خام بحدود 1000 طن، بالإضافة إلى وصول عدد أصناف القمح الملائمة للزراعة في
موريتانيا إلى خمسة أصناف".
وأضاف: "نسعى لإدخال وتوطين زراعة القمح ضمن التركيبة المحصولية للبلد وهو ما ينسجم مع استراتيجية القطاع الهادفة إلى توطين زراعة القمح كمحصول استراتيجي أساسي".
معوقات
وعلى مدى السنوات الماضية واجهت زراعة القمح في موريتانيا معوقات أبرزها عدم توفر الخبرة الكافية لدى ممارسي زراعة القمح، حيث إن زراعة هذا المحصول لم تكن معروفة لدى المزارعين الموريتانيين.
وسعت السلطات الموريتانية إلى إدخال زراعة القمح في المنظومة الزراعية منذ العام 2014، لكن واجهتها عوامل متعددة للنهوض بهذا النوع من الزراعة حالت دون المساهمة في تحقيق الاكتفاء الذاتي.
ويقول المزارع سيدي ولد أحمد، إن نجاح تجربة القمح والنتائج التي تحققت في حصاد هذا العام، تعني أن الأراضي الموريتانية صالحة لزراعة هذا المحصول.
وأضاف في تصريح لـ"عربي21": "بعد نجاح التجربة هذا العام أتوقع أن تعرف زراعة القمح قفزة كبيرة خلال الفترة القادمة، أتوقع أن يكون هناك إقبال من المزارعين على زراعة هذا المحصول، وهو ما يمكن البلد من تحقيق اكتفاء ذاتي من هذه المادة خلال سنة أو سنتين".
ولفت إلى أن موريتانيا حققت اكتفاء ذاتيا من الأزر بفعل نجاح تجارب زراعته في المزارع المنتشرة جنوب البلد.
القمح الروسي والأوكراني
وبحسب برنامج الأغذية العالمي، فإن موريتانيا تعتمد بشكل كامل على القمح الروسي والأوكراني، وذلك بنسبة 80 بالمئة من الأول و20 بالمئة من الثاني، ما يعني أنها من بين الدول الأفريقية الأكثر تضررا من تداعيات الحرب الروسية في أوكرانيا.
ولا تتوفر أرقام دقيقة عن حجم إنتاج موريتانيا من الحبوب، لغياب إصدارات بانتظام من طرف الجهات المعنية، كما أنه لا تتوفر أرقام حكومية عن حجم واردات البلاد من القمح.
لكن وبحسب بيانات الأمم المتحدة بشأن التجارة الدولية، فإن قيمة واردات موريتانيا من القمح الأوكراني تجاوزت الـ15.64 مليون دولار أمريكي خلال 2020.
ووفق منظمة الأغذية الزراعية (الفاو) فإن موريتانيا تستورد سنويا قرابة الـ340 ألف طن سنويا من القمح، وهي الكمية التي تعتبرها المنظمة غير كافية لسد حاجات البلاد، مشيرةً إلى أن حاجاتها من القمح لسنة 2021 بلغت 580 ألف طن.
الزراعة على ضفاف النهر
وتقع الزراعة المروية الأكثر تركيزا في موريتانيا في الجنوب على ضفاف نهر السنغال، حيث تبلغ الأراضي الصالحة للزراعة نحو 513,000 هكتار.
وتقول الحكومة إنها قامت "ببناء العديد من القنوات والسدود وأنظمة الري في السنوات الأخيرة، تشمل قناة آفطوط الساحلية التي تمتد على الضفة الموريتانية من نهر السنغال على مسافة تزيد على الـ55 كم من أنظمة ري حديثة لتشجيع ممارسة الأنشطة الزراعية".
ويعيش نحو 31 بالمئة من سكان موريتانيا تحت خط الفقر، وفق بيانات رسمية.
ويصنف البنك الدولي موريتانيا ضمن "الدول الأقل تطورا"، حيث تحتل المرتبة الـ160 من أصل 189 دولة، بحسب الترتيب العام المعتمد على مؤشر النمو البشري.