قالت
صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، "إن قرار تعليق المحكمة العليا في إسرائيل الحكومي لليهود الأرثوذكس المتشددين الذين يدرسون في المدارس الدينية ويرفضون الخدمة العسكرية، سيكون له تداعيات عميقة على المجتمع وعلى حكومة نتانياهو.
وتنقل الصحيفة عن جلعاد ملاخ، خبير في شؤون الأرثوذكس المتشددين في المعهد "الإسرائيلي" للديمقراطية: "هناك احتمال أن يكون هذا أول تصدع في جدار الائتلاف".
وأضاف "أن الزعماء الأرثوذكس المتشددين يرون في الحكم خيانة لوعود
نتنياهو، حيث يحصلون على المساعدات المالية والإعفاءات العسكرية مقابل دعمهم السياسي".
ويعود تاريخ الإعفاءات العسكرية عندما منح ديفيد بن غوريون، عام 1949، إعفاءات لـ 400 طالب ديني في سن
التجنيد.
وذكرت الصحيفة أنه "منذ ذلك الحين، ازداد عدد المؤهلين للإعفاء، ويشكل اليهود الأرثوذكس المتشددون 13٪ من السكان. وكانت أحزابهم السياسية أعضاء رئيسيين في حكومات نتنياهو المتعاقبة، والآن يتوقف بقاؤه السياسي على ما إذا كان بإمكانه استرضاؤهم".
وأردفت الصحيفة، "أن النزاع يسلط الضوء على توتر مركزي في إسرائيل الحديثة، وهو توتر أصبح حادا بشكل متزايد مع استمرار قتال الجنود الإسرائيليين وموتهم في الحرب المستمرة منذ أكثر من خمسة أشهر في غزة".
ويرى كثير من
الحريديم، أن التجنيد العسكري يشكل تهديدا لوجودهم، ما يضع شبابهم المنعزلين عادة على اتصال بالحياة العلمانية.
وأشارت إلى "أن عددا متزايدا من الإسرائيليين يشعرون بالاستياء منهم لعدم قيامهم بواجبهم. ويؤيد 70 بالمئة من اليهود الإسرائيليين إنهاء الإعفاءات العسكرية الشاملة، وفقا لاستطلاع أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية".
وقال أرييه درعي، زعيم حزب شاس، وهو حزب سياسي أرثوذكسي متشدد في الائتلاف الحاكم، إن قرار المحكمة "يدمر أساس الهوية اليهودية لدولة إسرائيل".
وأضاف: "شعب إسرائيل منخرط في حرب وجود على عدة جبهات، وقضاة المحكمة العليا فعلوا كل شيء الليلة لخلق حرب بين الإخوة".
وأوضحت الصحيفة: "إذا انسحبت الأحزاب الأرثوذكسية المتشددة من الائتلاف احتجاجا، فإن ذلك سيدفع إسرائيل إلى إجراء انتخابات في وقت لا يحظى نتنياهو بشعبية كبيرة، وقد تحطمت أوراق اعتماده الأمنية بسبب هجوم حماس في 7 أكتوبر".
ووصفها الخبير جلعاد ملاخ، بأنها "هزة أخرى للتحالف، في الوقت الذي يهدد وقف إطلاق النار المحتمل مع حماس أيضا دعم نتنياهو من شركائه اليمينيين المتشددين".
وقال: "لدينا المزيد من الإشارات القوية بأن السفينة تهتز".
وطلب نتنياهو في رسالة وجهها الخميس إلى المحكمة العليا، تأجيلا لمدة ثلاثين يوما، مشيرا إلى "ظروف تتعلق بجهود الحرب"، وفقا لبيان صادر عن مكتبه.
في المقابل ترك المدعي العام غالي باهاراف-ميارا الطريق مفتوحا لفترة انتقالية يتم فيها تجميد العقوبات المالية.
وقال بعض المحللين للصحيفة إن ذلك سيسمح باتخاذ قرار أبعد في المستقبل.
وفي ذات السياق، قالت يونا جيريمي بوب في تحليل على صحيفة "جيروزاليم بوست، "في محاولة لإرضاء كل من المحكمة وغالبية سكان البلاد الذين يريدون زيادة كبيرة في مساهمة الحريديم في الجيش الإسرائيلي أو الخدمة الوطنية ما بعد 7 أكتوبر، وكذلك إرضاء نتنياهو والحريديم والحكومة بشكل مؤقت، سيتم تأجيل القضية برمتها بشكل أساسي لعدة أشهر".
بدورها، ذكرت ياروم ديسكيند، مراسلة صحيفة ميشباشا الحريدية، "أن هذه المهلة هي ما يبقي الحكومة متماسكة في الوقت الحالي، لا سيما أن التمويل، الذي يمكن أن تعوضه المدارس الدينية من التبرعات، هو أقل أهمية من جوهر حكم المحكمة".
وقالت إن فكرة أن تعلن دولة إسرائيل أنها لن تدعم بعد الآن أولئك الذين يتعلمون التوراة "زلزال كبير". ومثل غيرها من اليهود المتشددين، ترى أن دراسة التوراة لا تقل أهمية عن الخدمة في الجيش.
وتابعت: "لا يمكن للمرء أن يعيش في إسرائيل دون الاعتراف بحقيقة أن التوراة هي التي منحتنا ميزة العيش هنا، وأولئك الذين يحافظون على التوراة يحمون حقنا في العيش هنا".
وأشارت إلى أنه خلف الكواليس، لا تزال الأحزاب الحريدية تأمل في التوصل إلى اتفاق بشأن هذه القضية، مضيفة: "إذا لم يكن الأمر كذلك، فستتجه البلاد إلى الانتخابات".