واصلت أسعار أذون وسندات الخزانة بالجنيه
المصري ارتفاعها إلى أرقام غير مسبوقة، وتجاوزت للمرة الأولى 30%، ولم تستجب أسعار الفائدة إلى صفقة رأس الحكمة التي أبرمتها مصر والإمارات بقيمة 35 مليار دولار في كبح جماح الفائدة.
وخلال الأسبوع الجاري، طرح البنك المركزي المصري نيابة عن وزارة المالية، أذون خزانة ضخمة بقيمة 185 مليار جنيه، لأجل 91 و273 و364 يوما، لتمويل عجز الموازنة العامة للدولة، وسط توقعات بارتفاع عجز الموازنة ما بين 8%و 10% بدلا من نحو 7%، وفقا لاستطلاعات رأي بعض الخبراء.
توقع خبراء تحدثوا لـ"عربي21" أن يواصل العائد على أذون الخزانة التي يطرحها البنك المركزي نيابة عن وزارة المالية في الارتفاع خلال الشهور المقبلة وحتى انتهاء السنة المالية الحالية في تموز/ يوليو المقبل، وأن تصل إلى قرابة 35%.
كل 1 بالمئة زيادة في سعر الفائدة على أذون الخزانة يزيد عجز الموازنة العامة للدولة بنحو 32 مليار جنيه؛ بسبب عبء تكلفة تمويل الدين، بحسب وزير المالية المصري، وتعتبر البنوك المحلية -خاصة الحكومية- أكبر مشتر لها من أموال المودعين.
لماذا يرتفع عجز الموازنة؟
أرجع وزير المالية المصري، محمد معيط، ارتفاع نسبة العجز من 4.37% إلى 5.8% في الأشهر السبعة الأولى من السنة المالية، التي بدأت في الأول من تموز/ يوليو الماضي، إلى ارتفاع أسعار الفائدة مقارنة في الفترة نفسها من العام المالي الماضي.
أذون الخزانة هي أداة دين حكومية قصيرة الأجل تصدر بمدة تتراوح بين ثلاثة أشهر إلى سنة، وأظهرت بيانات البنك المركزي، أن بعض البنوك والمؤسسات المالية طالبت بفائدة تصل إلى 35%، لكن المركزي المصري قبل بأقل من ذلك.
رفع المركزي المصري في شباط/ فبراير الماضي سعري عائد الإيداع والإقراض لليلة واحدة وسعر بواقع 200 نقطة أساس ليصل إلى 21.25 %، 22.25 % و21.75 %، على الترتيب في إطار سياسة التشديد النقدي وكبح جماح التضخم.
كم سوف تقترض مصر في عام؟
اقترضت مصر – عبر أدوات الدين - خلال النصف الأول من السنة المالية 2023-2024 نحو 2.7 تريليون جنيه ( ما يعادل 87.3 مليار دولار) وهو أكثر ما كانت تخطط لاقتراضه، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.
كانت مصر تقدر الاحتياجات التمويلية خلال العام المالي الجاري بـ2.14 تريليون جنيه ولكنها اقترضت هذا المبلغ وأكثر بـ 26% في 6 شهور فقط.
لكن البنك المركزي المصري يشير إلى حالة من عدم اليقين حول توقعات التضخم، خاصة بما يتعلق بأسعار السلع العالمية، وذلك نتيجة للتوترات الجيوسياسية التي يشهدها العالم حاليًا وكذا اضطراب حركة الملاحة في البحر الأحمر.
وكشف رئيس
النظام المصري، عبد الفتاح السيسي، أن إيرادات قناة السويس تراجعت نحو 40 - 50 في المئة بسبب الاضطرابات في البحر الأحمر، حققت القناة إيرادات العام الماضي وصفت بالقياسية بلغت نحو 10 مليارات دولار.
دائرة الاقتراض
توقع الخبير
الاقتصادي، إبراهيم نوار، أن "تواصل أسعار الفائدة على أذون الخزانة ارتفاعها لتتجاوز مستوى 30%؛ لأنها المصدر الوحيد المتاح أمام الحكومة للاقتراض لتمويل عجز الموازنة وتدبير النفقات في ظل عدم التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد وتوقف الأسواق الدولية عن إقراض مصر".
وأوضح في حديثه لـ"عربي21": "أن جزء من هذه الديون هو أيضا من أجل سداد ديون محلية أخرى، هي عملية تدوير الديون من خلال البنوك المحلية؛ لأن كل إيرادات الدولة من الضرائب البالغة نحو 75% من إيرادات الدولة لا تغطي خدمة الديون ".
ورأى نوار أن "الدولة ليس أمامها أي حلول لسد هذين البندين سوى الاستدانة من البنوك المحلية وهذا يمثل عبئا عليها وباتت مكشوفة على ديون الحكومة بأكثر من 50% كما أنها ينبغي أن تستلف من أجل دفعات مستحقات البنوك السابقة".
مصر.. مالها وما عليها
إلى جانب ارتفاع أسعار العائد على أذون الخزانة، واصل العجز في صافي الأصول الأجنبية ارتفاعه بمقدار 54.73 مليار جنيه، مسجلًا نحو 896.121 مليار جنيه خلال كانون الثاني/ يناير الماضي، أي ما يعادل نحو 29 مليار دولار.
وسجل إجمالي الأصول الأجنبية لدى القطاع المصرفي، نحو 1.45 تريليون جنيه بنهاية كانون الثاني/ يناير، ، فيما بلغ إجمالي الالتزامات بالعملة الأجنبية نحو 2.35 تريليون جنيه في الفترة ذاتها، بحسب تقرير حديث صادر عن البنك المركزي.
تراجعت الودائع بالعملة الأجنبية، إلى 1.539 تريليون جنيه، وارتفع إجمالي الودائع غير الحكومية بالعملة المحلية لدى البنوك إلى 6.367 تريليون جنيه بنهاية في الفترة ذاتها.
فضلا عن الدين الخارجي البالغ نحو 164.7 مليار دولار، يصل إجمالي الالتزامات الخارجية (الأقساط وفوائد الديون) إلى 42.3 مليار دولار خلال العام الحالي، وتصل الفجوة التمويلية لمصر خلال الأعوام الأربعة المقبلة، إلى 25 مليار دولار بفرض سد عجز صافى الأصول الأجنبية للقطاع المصرفي، وفق تقدير بنك الاستثمار الأمريكي، جولدمان ساكس.
دلالة ارتفاع العائد على أدوات الدين
وصف الخبير الاقتصادي ورجل الأعمال المصري، الدكتور محمد رزق، "ارتفاع العائد على أدوات الدين إلى مستويات تاريخية أنه بات أمر طبيعي نتيجة حاجة الحكومة الماسة لسداد مستحقات الديون القديمة بأخرى جديدة لتمويل عجز الموازنة لدفع المرتبات والأجور والمعاشات وغيرها".
وأعرب عن توقعه في حديثه لـ"عربي21"، أن "يكون طلب عائد أكثر من 30% من قبل البنوك وصلت إلى 35% مؤشرا على استمرار مسلسل رفع أسعار الفائدة، سواء على مستوى البنك المركزي حيث يقوم بمراجعتها كل فترة، أو على مستوى البنوك المحلية لإغراء المواطنين بشراء شهادات بعائد مرتفع".
وأوضح رزق، أن "تكلفة الديون قصيرة الأجل من 3 إلى 12 شهرا مكلفة للغاية، وتداعياتها على الاقتصاد سلبية للغاية، حيث ترتفع الأسعار مصحوبة بزيادة الديون المحلية، ومع استمرار سياسات الحكومة النقدية والمالية المتخاصمتين لن تخرج من دائرة الاقتراض والسداد".