نشرت صحيفة "
واشنطن بوست" الأمريكية مقالا للصحفي إيشان ثارور، قال فيه إنه ليس هناك من هو راض عن نهج الرئيس الأمريكي جو
بايدن تجاه حرب إسرائيل على قطاع
غزة.
وأضاف في المقال الذي ترجمته "عربي21"، أن منتقدين من اليسار يقولون إن البيت الأبيض حرض على "إبادة جماعية"، حيث أدت الحملة الإسرائيلية ضد حركة حماس إلى استشهاد أكثر من 30 ألف
فلسطيني في قطاع غزة، وتهجير غالبية السكان، وتحويل كامل" المنطقة المحاصرة إلى كابوس إنساني تتناثر فيه الأنقاض.
وفي هذا الصدد، حظيت "إسرائيل" بدعم واضح من الولايات المتحدة، سواء من حيث المساعدات العسكرية الملموسة، أو الغطاء الدبلوماسي في الأمم المتحدة والمحافل الدولية الأخرى، الأمر الذي أثار استياء الحلفاء والشركاء الأوروبيين في أماكن أخرى، وفقا للتقرير.
وقال الكاتب إن "النقاد من اليمين، بما في ذلك في الحزب الجمهوري، يرون أن بايدن لا يفعل ما يكفي لدعم إسرائيل بشكل واضح. ويقولون إن بايدن شديد الحساسية تجاه معاناة الفلسطينيين، والتي، على الرغم مما يقرب من نصف عام من الحرب الإسرائيلية، فإنهم يحملون حماس بشكل مباشر وزر الحرب، بحجة أن هجومها في 7 تشرين الأول/ أكتوبر على إسرائيل كان بمثابة أكثر الأيام دموية في التاريخ اليهودي منذ المحرقة".
وتابع بأن البعض، خاصة أولئك الذين يؤيدون التحالف الفعلي للرئيس السابق دونالد ترامب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي اليميني بنيامين
نتنياهو وائتلافه اليميني المتطرف، مستاؤون من لفتات بايدن الرمزية لإعادة التوازن إلى العلاقات الأمريكية الإسرائيلية. وتشمل هذه القرارات قرار إدارته بفرض عقوبات على حفنة من المستوطنين الإسرائيليين المتورطين في أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية، والقرار الأخير بأن المستوطنات الإسرائيلية هناك "تتعارض مع القانون الدولي"، وهو عكس لمبدأ عهد ترامب المثير للجدل بعكس ذلك.
ويجتمع المسؤولون الأمريكيون ونظراؤهم العرب لبحث الخطوط العريضة المحتملة للهدنة التي يمكن التوصل إليها بين إسرائيل وحماس، خلال عطلة نهاية الأسبوع، ودعت نائبة الرئيس هاريس حماس إلى قبول الشروط التي تم طرحها من أجل أن يكون هناك وقف "فوري" لإطلاق النار. وقالت أيضا إنه لا توجد "أعذار" لإسرائيل لعدم بذل المزيد من الجهد للسماح بدخول المساعدات إلى قطاع غزة المتضور جوعا، حيث تتزايد التقارير عن وفاة الأطفال بسبب سوء التغذية والمرض، وفقا للمقال.
وذكر الكاتب أنه في هذا الأسبوع، برزت التوترات المتزايدة بين البيت الأبيض ونتنياهو إلى الواجهة. ربما يكون بايدن قد عرض على إسرائيل "عناق الدب" دعما لها في أعقاب 7 تشرين الأول/ أكتوبر، لكنه يبقي على نحو متزايد رئيس الوزراء الإسرائيلي المحاصر على مسافة بعيدة. وبدلا من ذلك، يجتمع مسؤولو الإدارة مع منافس نتنياهو الوسطي بيني غانتس، وهو أيضا عضو في الحكومة الإسرائيلية في زمن الحرب.
ووصل غانتس إلى واشنطن لعقد اجتماعات يومي الاثنين والثلاثاء مع مسؤولي الإدارة، بما في ذلك هاريس، وكذلك المشرعين الديمقراطيين والجمهوريين. بالنسبة للبيت الأبيض، يمثل غانتس زعيما إسرائيليا أكثر عقلانية ومستساغا، والذي، على عكس نتنياهو، لا يواجه اتهامات بالفساد، ولم يقض العقد الماضي في التدخل في السياسة الحزبية في واشنطن. وهذا ليس بالأمر الهين، إذ تدرك المؤسسة الديمقراطية الغضب المتزايد بشأن الحرب المستمرة بين أفراد قاعدتها، حسب المقال.
وأشار الكاتب إلى حديث الصحفي الإسرائيلي بن صامويلز في صحيفة "هآرتس" العبرية، وقوله إنه "بينما سيستخدم غانتس نهجا متشددا بلا شك تجاه الفلسطينيين أيضا، فإنه لا يحمل اسم نتنياهو وسمعته الملوثة. ويدرك المشرعون الديمقراطيون تماما الموقف الصعب الذي يجدون أنفسهم فيه في أثناء محاولتهم التعامل مع انتقادات السياسة الإسرائيلية بدعم إسرائيل كحليف. غانتس يوفر لهم آلية التصحيح الذاتي".
وبحسب ما ورد، فإن رحلة غانتس لم تتم الموافقة عليها من قبل مكتب رئيس الوزراء، وأدت إلى استنكار حلفاء نتنياهو اليمينيين. واتهم وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريش غانتس بأنه شريك في المشروع الأكبر لإدارة بايدن، المتمثل في تنشيط عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، والعمل على إنشاء دولة فلسطينية طال انتظارها.
وقال سموتريتش، الاثنين، خلال اجتماع في القدس، "إن الحكومة الأمريكية تبحث عن أماكن لدق إسفين بين الإسرائيليين، من أجل المضي قدما في خططها، بمساعدة غانتس. وبهذه الطريقة، يعمل غانتس على تعزيز خططهم لإقامة دولة فلسطينية".
وذكر الكاتب أن نتنياهو لم يخف معارضته لإقامة دولة فلسطينية ورؤية بايدن لما بعد الحرب. ويشير العديد من المحللين الإسرائيليين إلى أن نتنياهو يربط بقاءه السياسي باستمرار الحرب ومنع أي نقاش حول تقديم تنازلات للفلسطينيين، ناهيك عن إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، لإرضاء اليمين الإسرائيلي المتطرف الذي يرتكز عليه ائتلافه الحاكم.
في حين أن غانتس وغيره من القادة الوسطيين، وفقا للتقرير، بالكاد يعززون السيادة الفلسطينية وتقرير المصير، يعتقد مسؤولو الإدارة أنهم أكثر استعدادا لمستقبل ما بعد الحرب الذي يأمل البيت الأبيض أن يراه، والذي هو عبارة عن عملية تدريجية تتولى من خلالها السلطة الفلسطينية "بعد الإصلاح" السيطرة غزة، بدعم كبير من الجيران العرب الأثرياء، الذين سيعملون، في الوقت نفسه، على تحسين العلاقات مع إسرائيل وزيادة دمجها في المنطقة. كما يتم التلويح بالجائزة الكبرى، وهي التطبيع بين إسرائيل و السعودية.
وأشار نمرود نوفيك من منتدى السياسة الإسرائيلية في مقال افتتاحي، إلى أن "نهج بايدن يمنح إسرائيل بديلا لاحتلال مفتوح لغزة والأمل للفلسطينيين الذين يحتاجون إلى بديل لأيديولوجية حماس والصراع الدائم الذي تجلبه". لكنه أضاف أنه يتعين على بايدن والولايات المتحدة بذل المزيد من الجهود "لإيصال قوة هذا الوعد للإسرائيليين... ودحض تشويهات نتنياهو".
وذكر المقال أن برنارد أفيشاي، كتب في صحيفة "نيويوركر" أن بايدن يجب أن يضع إبهامه على ميزان السياسة الإسرائيلية، وأن يقاوم بقوة أكبر ضد نتنياهو وزمرته، حتى لو كان ذلك ينطوي على ممارسة النفوذ في المحافل الدولية مثل الأمم المتحدة، حيث يقوم البيت الأبيض بحماية إسرائيل من اللوم.
وأضاف أفيشاي: "هناك قادة علمانيون في إسرائيل في وضع يسمح لهم بدعم رؤية بديلة لغزة والمنطقة، وربما لإسقاط نتنياهو. لكن الرهبة تسيطر على الجمهور، وهؤلاء القادة ليس لديهم حاليا مكانة حقيقية في غياب رئيس أمريكي يقدم تفاصيل خطة، ويثبت دعم الحلفاء العرب، ويحذر إسرائيل من العواقب الوخيمة لتحديه".