لُوحظ تزايد استخدام طائرات الدرون الانتحارية
الإيرانية في مناطق الشمال السوري المحرر وتحديدا على خطوط القتال في ريفي حلب
وإدلب، لتُسفر عن مقتل عسكريين ومدنيين، وتُحيل مناطق التماس إلى قلق ورعب وسط
المدنيين، بعد أن ضاقت رقعة الشمال السوري المحرر بخمسة ملايين ساكن فيه.
تطورٌ إيراني لافت يتزامن مع استخدام الجيش الصهيوني
لنفس التكتيك في ملاحقة الفلسطينيين، والذي أدرجته منظمات حقوقية في إطار الإبادة
الجماعية، كما يترافق استخدامه مع التصعيد الحاصل بين إيران وبين القوات الأمريكية
والإسرائيلية؛ من استهداف لقادة الحرس الثوري الإيراني، أو لقادة مليشياتها
الطائفية في
سوريا والعراق، وهو ما يستدعي التوقف عند هذا التكتيك الإيراني
الجديد، والتعرف على دلالاته وأبعاده في السياق الداخلي السوري والإقليمي والدولي.
تكثيف الضربات الأمريكية والإسرائيلية المستهدفة لقادة
الحرس الثوري الإيراني أرسل رسائل ضعف عن الاحتلال الإيراني في سوريا، وبالتالي
كان لا بد من تعويض هذا الضعف من اللحاظ الإيراني، بإدخال أسلحة جديدة تعيد الثقة
للاحتلال الإيراني في سوريا، وتُبدد كل ما يعتري هذا الضعف الذي ستستغله القوى
الثورية في الشمال السوري المحرر،
تكثيف الضربات الأمريكية والإسرائيلية المستهدفة لقادة الحرس الثوري الإيراني أرسل رسائل ضعف عن الاحتلال الإيراني في سوريا، وبالتالي كان لا بد من تعويض هذا الضعف من اللحاظ الإيراني، بإدخال أسلحة جديدة تعيد الثقة للاحتلال الإيراني في سوريا، وتُبدد كل ما يعتري هذا الضعف الذي ستستغله القوى الثورية في الشمال السوري
لا سيما مع حديث أجنبي عن سحب بعض قادة الحرس
الثوري الإيراني وأركانه من محاور القتال في الشمال السوري المحرر، الذي تزايد فيه
استخدام الطائرات الانتحارية، وذلك لحرمان الثوار في الشمال المحرر من استغلال هذه
الفجوة في ضرب مواقع الاحتلال الإيراني، وبالتالي توسيع رقعة الشمال السوري
المحرر، مما قد يخلق حالة شبيهة بواقع أحجار الدومينيو على مناطق سورية محتلة من
قبل المحتلين الروسي والإيراني، لا سيما مع انشغالات إيران وأذرعها الطائفية في
القصف شبه اليومي الإسرائيلي والأمريكي.
تُحسن إيران استغلال اللحظات حتى إن كانت معادية لها،
فمع التصعيد الحاصل بين تركيا ومليشيات قسد، عززت طهران مواقعها وتحالفها مع قوات
قسد الكردية، لمواجهة تركيا وتعزيز قوات الأسد، ومما يساعد إيران في ذلك، علاقاتها
القوية القديمة مع قادة قسد حيث تحظى معهم بعلاقات وطيدة عززتها في السنوات
الماضية، بينما ظلت تركيا على العقيدة العسكرية القديمة في محاربة قسد.
العقيدة العسكرية الإيرانية في سوريا ومنطقة الشرق
الأوسط بشكل عام هي نفسها العقيدة العسكرية التي سنّها وطبقها قاسم سليماني، والذي
يسهر اليوم خليفته من بعده إسماعيل قاآني على تنفيذها وتطويرها، وتكمن بتوسيع
الحضور الإيراني في المنطقة بشكل عام، عدديا وجغرافيا ونوعيا، ولذا فمثل هذه
الطائرات الانتحارية تأتي كجزء أساسي من هذه العقيدة، حيث يوفر مطار أبو الضهور في
محافظة
إدلب قاعدة أساسية في عملية التصنيع والإعداد لهذه الطائرات، ولعل تزايد
استخدامها يؤشر إلى استراتيجية الاستنزاف التي ستعتمدها قوات المحتل الإيراني بحق
الشمال المحرر، وهي رسالة لأصحاب الشأن في المحرر، وتركيا أيضا.
استخدام الطائرات الانتحارية الإيرانية في الشمال السوري المحرر، ينبغي أن يُقرأ أبعد من الحدث السوري، بكونه رسائل إلى دول الجوار وتحديدا في الأردن وما بعده، خصوصا مع التسخين الإقليمي والدولي، والذي إيران جزء منه
استخدام الطائرات الانتحارية الإيرانية في الشمال
السوري المحرر، ينبغي أن يُقرأ أبعد من الحدث السوري، بكونه رسائل إلى دول الجوار
وتحديدا في الأردن وما بعده، خصوصا مع التسخين الإقليمي والدولي، والذي إيران جزء
منه، فبدون دعم القوى الثورية السورية لمواجهة الاحتلال الإيراني في سوريا، ستدفع
الدول العربية ثمنا باهظا لهذا التخلي، بأن تكون الهدف التالي في حال سقطت الثورة
السورية كاملة -لا سمح الله-.
هذا التحليل يعززه السعي الإيراني المتواصل إلى إضعاف
الدول العربية المجاورة لسوريا وعلى رأسها الأردن، إن كان من حيث حرب الأفيون التي
تشنها عليها، ومن ورائها الدول العربية الأخرى المستهدفة من تجارة الكبتاغون، حيث يُستخدم
الأردن كدولة ترانزيت، أو من خلال تهديدها اليوم ولأول مرة بقطع أنابيب النفط
العراقي عنها، كل ذلك يؤكد أن الأردن غدا في عين العاصفة الإيرانية.
طهران تدرك تماما أنها تمارس عملية جراحة الأعصاب مع
الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل عبر المواجهة في سوريا والعراق، فهي تدرك
تماما حاجتها للبقاء في دمشق، بوابة التشيع إلى العالم العربي كما وصفها من قبل
روحاني، والارتكازة الاستراتيجية في عقيدة الحرس الثوري الإيراني، ولذا يتم
التغاضي عن الخسائر الجانبية التي تطال قادة الحرس، وهو ما يُفسر مطالبتها
لمليشياتها بوقف عملياتها العسكرية ضد الأهداف الأمريكية لتمرير هذه المرحلة،
وتمرير العاصفة، وهو تكتيك أتقنته إيران في سوريا وغير سوريا، ما دامت نقاط
الاتفاق بينها وبين المصالح الأمريكية والإسرائيلية أكثر من نقاط الافتراق.