في قصف الاحتلال الإسرائيلي الأهوج على منازل ومساجد في منطقة
رفح جنوبي قطاع
غزة، التي كانت تُعدّ من أندر الأماكن الآمنة في القطاع المُحاصر، في الساعات الأولى من يوم الاثنين، استشهد أكثر من 100 فلسطيني، فيما أصيب العشرات، معظمهم نساء وأطفال.
وفي الوقت الذي قال فيه جيش الاحتلال الإسرائيلي إنه "نفّذ سلسلة من الهجمات على أهداف نوعية في منطقة الشابورة جنوبي
قطاع غزة، مضيفا أن الهجمات قد انتهت"، أكّدت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن الهجوم هو "استمرار لحرب الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني".
وقال القيادي في حركة "حماس"، عزت الرشق، فجر الاثنين، إن "المجازر التي ارتكبها الاحتلال ضد المدنيين هذه الليلة في رفح وراح ضحيتها أكثر من مئة شهيد، هي استمرار لحرب الإبادة الجماعية والتهجير القسري".
ودعت حماس إلى تحرك دولي عاجل من أجل "وقف العدوان" العنيف، الذي دمّر كل شيء في القطاع المحاصر، وجعل الحياة جحيما، وفقا لتعليقات الأهالي. فهل من مُستجيب؟
دول تُعرب عن قلقها
أعربت وزارة الخارجية التركية، الاثنين، عن بالغ قلقها إزاء الهجمات الإسرائيلية المتزايدة على مدينة رفح في قطاع غزة.
وطالبت
الخارجية التركية، في بيان لها، المجتمع الدولي، ومجلس الأمن باتخاذ الخطوات اللازمة لإيقاف إسرائيل في هجومها على غزة، مشيرة إلى أن "هذه الهجمات تعدّ جزءا من خطة طرد الشعب الفلسطيني من أرضه".
دعا وزير
الخارجية البريطاني، ديفيد كاميرون، الاثنين، دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى "وقف تحرّكاتها العسكرية الأخيرة في رفح، بعد حملة قصف ليلي دامية في ظل المخاوف من عملية بريّة مقبلة".
وقال كاميرون، للصحافيين، خلال زيارة إلى اسكتلندا: "نشعر بقلق بالغ حيال الوضع ونريد من إسرائيل أن تتوقف وتفكّر بجديّة قبل القيام بأي تحركات إضافية".
ورأت
الولايات المتحدة، الاثنين، أنها "لا تعتبر عملية إنقاذ الأسيرين الدامية التي نفذتها إسرائيل في رفح عملية واسعة النطاق، وما زالت تعارض شن هجوم بدون خطة لحماية المدنيين".
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية، ماثيو ميللر، خلال تصريح صحفي: "بدون خطة ذات مصداقية كهذه ويمكنهم تنفيذها، فإننا لا نؤيد عملية عسكرية واسعة النطاق".
بدورها، قالت وزيرة التعاون الإنمائي
البلجيكية، كارولين غينيز، إن "الوضع في مدينة رفح جنوبي قطاع غزة خطير للغاية"، مؤكدة على ضرورة منع "الإبادة الجماعية".
ووصفت غينيز، في حديث لها، الاثنين، قبيل دخولها للمشاركة في اجتماع غير رسمي لوزراء تنمية بلدان الاتحاد الأوروبي، في بروكسل، الوضع في غزة بـ"الأزمة الإنسانية الأخطر على مر العصور".
وأضافت: "الوضع في رفح خطير للغاية، ولهذا السبب من المهم جدا مواصلتنا دعم المدنيين الأبرياء والمطالبة بوقف فوري لإطلاق النار والإفراج عن السجناء والدعوة إلى تقديم المزيد من المساعدات الإنسانية لقطاع غزة"، موضحة أن "هناك أمرا من محكمة العدل الدولية ينص على أننا بحاجة إلى المزيد من وصول المساعدات الإنسانية إلى غزة من أجل منع الإبادة الجماعية".
بدوره، قال نائب رئيس الوزراء
الأيرلندي، مايكل مارتن، إن "إعلان رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن توسيع العمليات العسكرية في رفح، والأوامر بإجلاء السكان المدنيين يشكل تهديدا خطيرا لما يقدر بنحو 1.5 مليون فلسطيني يلجأون إلى المنطقة، ولا بد من إدانته".
وأضاف مارتن، في بيان له، "لقد شددت مرارا وتكرارا على أن القانون الإنساني الدولي يفرض التزاما واضحا على جميع الأطراف، في جميع الصراعات، بضمان حماية المدنيين"، مشدّدا على أن "أي عملية عسكرية في رفح، التي أصبحت الآن فعليا أحد أكبر مخيمات اللاجئين وأكثرها اكتظاظا في العالم، ستنطوي على انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي".
وتابع أن "الأمر بإجلاء 1.5 مليون شخص، ليس لديهم مكان آمن يذهبون إليه، يهدد بالنزوح القسري الجماعي"، مؤكدا أنه "لا يمكن أن يُسمح لهذا أن يحدث، ويجب على جميع الدول، بما في ذلك جميع الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أن تطالب بوقف فوري لإطلاق النار لأسباب إنسانية".
كذلك، أشار مارتن إلى أن "عدم وصول المساعدات الإنسانية على مدى الأشهر الأربعة الماضية يعني أن الأمم المتحدة تقدر أن 90 في المئة من السكان يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، مع خطر جدي لتطور المجاعة، وهذا أمر غير معقول".
من جهتها، عبّرت
ألمانيا عن قلقها، عبر قول متحدث باسم الخارجية الألمانية، الاثنين: "نحن قلقون جدا بشأن الوضع في رفح"، مضيفا: "هناك أكثر من مليون شخص في مساحة ضيقة جدا، يبحثون هناك عن الحماية من العمليات العسكرية، وليس بمقدورهم أساسا أن يذهبوا إلى أي مكان آخر".
واسترسل بالقول إن "أنالينا بيربوك، وزيرة خارجية ألمانيا، تعتزم زيارة الأراضي المحتلة في فلسطين، لإجراء محادثات مع حكومة الاحتلال" مشيرا إلى أنها "ستركز على الطريق السياسي للتوصل إلى هدنة إنسانية جديدة، بغرض خلق إطار زمني لإطلاق سراح المزيد من المحتجزين، وإجراء مفاوضات حول كيفية التوصل إلى وقف دائم لإطلاق النار".
وفي السياق نفسه، نوّه المتحدث إلى أن "المحادثات ستتطرق أيضا إلى بحث الوضع الإنساني الصعب في مدينة رفح، وكذلك في قطاع غزة بوجه عام"، فيما طالبت الخارجية الألمانية، بـ"إدخال المزيد من الشحنات الإنسانية إلى غزة؛ يجب حماية الناس وتوفير الرعاية لهم بشكل أفضل وأكثر فاعلية".
التعبير عن القلق مُتواصل
جدّد المدير العام ل
منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، الاثنين، الدعوة، إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة، معبّرا عن قلقه بشكل خاص إزاء هجمات الاحتلال الإسرائيلي على رفح، حيث فرّ معظم سكان القطاع.
وقال غيبريسوس "إن 15 فقط من أصل 36 مستشفى في غزة، لا تزال تعمل جزئيا أو بالحد الأدنى من طاقتها، وإن العاملين في مجال الإغاثة يبذلون قصارى جهدهم في ظل ظروف لا يمكن تصورها".
وكانت
الأمم المتحدة، قد أكدت أن "أكثر من 85 في المئة من سكان قطاع غزة نزحوا، وإن القطاع يواجه مجاعة حيث يعاني واحد من كل 5 أطفال دون سن الخامسة من سوء تغذية حاد".
وقال مسؤول السياسة الخارجية والأمن ب
الاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، "إن 1.7 مليون فلسطيني في مدينة رفح ليس لديهم مكان يلجأون إليه، وإنه يجب أن يستمر الضغط على إسرائيل لمنعها من مهاجمة المدينة".
وتابع بوريل، خلال مؤتمر صحفي، الاثنين، قبيل مشاركته في الاجتماع غير الرسمي لوزراء التنمية في بلدان الاتحاد الأوروبي بالعاصمة البلجيكية بروكسل، أن "الاجتماع سوف يتناول آخر التطورات المتعلقة بالأزمة الإنسانية الحاصلة في قطاع غزة، الذي يتعرض لحرب إسرائيلية مدمرة".
وأردف: "علينا فعل شيء غير الإعراب عن قلقنا، والكثير من الناس باتوا يقولون إن تصرفات إسرائيل غير متناسبة، وإن عدد القتلى بلغ حدا لا يطاق. حتى الرئيس الأمريكي جو بايدن قال ذلك بالأمس".
كذلك، حذّرت
منظمة أطباء بلا حدود، الاثنين، من أن "هجوم إسرائيل البري المحتمل على مدينة رفح جنوب قطاع غزة سيكون كارثيا، ويجب وقفه في المنطقة المكتظة بمئات آلاف النازحين الذين لجأوا إليها للنجاة من القصف العنيف في بقية مناطق القطاع".
وقالت رئيسة المنظمة ميني نيكولاي، عبر عدد من التغريدات على منصة "إكس" (تويتر سابقا)، "الهجوم البري الإسرائيلي المعلن على رفح سيكون كارثيا، ويجب ألا يستمر"، محذّرة: "مع استمرار القصف الجوي للمنطقة، يواجه الآن أكثر من مليون شخص، يعيش العديد منهم في خيام وملاجئ مؤقتة، تصعيدا كبيرا في هذه المذبحة المستمرة".
من جهته، أعرب المدعي العام لل
محكمة الجنائية الدولية، كريم خان، الإثنين، عن قلقه، بخصوص هجوم جيش الاحتلال الإسرائيلي على مدينة رفح، متوعدا بـ"ملاحقة من ينتهك القوانين الدولية".
وأوضح خان في بيان، نشره على منصة "إكس" أن "التحقيق الذي يجريه مكتبه بشأن غزة، يمضي قدما بصفته مسألة شديدة الإلحاح"، مردفا: "أشعر بقلق شديد للمعلومات عن قصف وعن هجوم بري محتمل للقوات الإسرائيلية على رفح".
كذلك، دعت
فرنسا، الأحد، دولة الاحتلال الإسرائيلي إلى "وقف المعارك في قطاع غزة تجنبا لكارثة"، مبدية "قلقها الشديد بعد الضربات الإسرائيلية التي طاولت مدينة رفح في أقصى جنوب القطاع المدمر".
وقال مساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية الفرنسية، كريستوف لوموان، عبر بيان مكتوب، إن "هجوما إسرائيليا واسع النطاق على رفح سيؤدي إلى وضع إنساني كارثي ذي أبعاد جديدة وغير مبرر"، مضيفا: "بهدف تجنب كارثة، نكرر دعوتنا إلى وقف المعارك".
وأشارت باريس إلى أنّ "رفح هي اليوم مكان يلجأ إليه أكثر من 1,3 مليون شخص"، موضحة أنها "أيضا نقطة عبور حيوية لإيصال المساعدات الإنسانية لسكّان غزة"، وفقاً لمساعد المتحدث باسم وزارة الخارجية.
مصر تُحذر من "عواقب وخيمة"
قبل القصف الأهوج الذي شهدته رفح، في الساعات الأولى من يوم الاثنين؛ حذّرت مصر، الأحد، ممّا وصفته بـ"عواقب وخيمة" لهجوم عسكري إسرائيلي مُحتمل على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، بالقرب من حدودها.
وقال
بيان وزارة الخارجية المصرية، نشرته بصفحتها على منصة "فيسبوك" إنها "ترفض بشكل كامل التصريحات الصادرة عن مسؤولين رفيعي المستوى بالحكومة الإسرائيلية بشأن اعتزام القوات الإسرائيلية شن عملية عسكرية في مدينة رفح، جنوبي قطاع غزة، محذرة من العواقب الوخيمة لمثل هذا الإجراء، لا سيما في ظل ما يكتنفه من مخاطر تفاقم الكارثة الإنسانية في قطاع غزة".
وطالبت
مصر، حينها، بـ"ضرورة تكاتف جميع الجهود الدولية والإقليمية للحيلولة دون استهداف مدينة رفح الفلسطينية"، معتبرة أن "استهداف رفح، واستمرار انتهاج إسرائيل لسياسة عرقلة نفاذ المساعدات الإنسانية، بمثابة إسهام فعلي في تنفيذ سياسة تهجير الشعب الفلسطيني وتصفية قضيته، في انتهاك واضح لأحكام القانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وقرارات مجلس الأمن والجمعية العامة للأمم المتحدة ذات الصلة".
وأكدت مصر أنها "سوف تواصل اتصالاتها وتحركاتها من أجل التوصل إلى وقف فوري لإطلاق النار، وإنفاذ التهدئة وتبادل الأسرى والمحتجزين"، فيما دعت القوى الدولية المؤثرة إلى "تكثيف الضغوط على إسرائيل للتجاوب مع تلك الجهود، وتجنب اتخاذ إجراءات تزيد من تعقيد الموقف، وتتسبب في الإضرار بمصالح الجميع دون استثناء".
وفي السياق نفسه، نقلت وكالة "رويترز" الأمريكية، الجمعة، عن مصدرين أمنيين مصريين، أن "القاهرة أرسلت نحو 40 دبابة وناقلة جند مدرعة إلى شمال شرق سيناء في الأسبوعين الماضيين، في إطار سلسلة تدابير لتعزيز الأمن على حدودها مع قطاع غزة".
وبحسب الوكالة، قال المصدران الأمنيان، إن "مصر أقامت أيضا حواجز رملية وعززت المراقبة عند مواقع التمركز الحدودية".
إلى ذلك، حثّ المتحدث باسم حكومة الاحتلال الإسرائيلي، إيلون ليفي، وكالات الأمم المتحدة، على "إجلاء المدنيين من أماكن القتال"، وقال إن "أمام الأمم المتحدة خياران هما إنقاذ حماس أو إنقاذ المدنيين".
وأضاف أن "الحرب ستتواصل حتى القضاء على حماس وإطلاق سراح الأسرى، وأنه سيكون الأمر سخيفا إن توقفت الحرب الآن"، متابعا: "على الرئيس الفلسطيني الالتزام بالقضاء على حماس لا دعمها، وإن إسرائيل تتوقع من حلفائها الوقوف إلى جانبها في مواجهة حماس".
آخر ملاذ للنازحين
يتواجد في رفح، قرب الحدود مع مصر 1.3 مليون فلسطيني، أي أكثر من نصف سكان القطاع المحاصر؛ جُلّهم فرّوا من عدوان الاحتلال الإسرائيلي الأهوج المُتواصل في شمال القطاع ووسطه، منذ أكثر من أربعة أشهر.
ويعتبر الفلسطينيون النازحون قسرا من ديارهم، رفح، آخر ملاذ لهم في كافة القطاع المنكوب.
ودعا مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، جوزيب بوريل، الاثنين، الولايات المتحدة، إلى إعادة النظر في مساعداتها العسكرية لدولة الاحتلال الإسرائيلي بسبب العدد الكبير من الضحايا المدنيين في الحرب في غزة، مستفسرا عن "المكان الذي سيذهب إليه النازحون في رفح، وإذا ما كان القمر هو المكان الذي سوف يلجأون إليه".
وأشار بوريل إلى أن الرئيس الأمريكي، جو بايدن، قال الأسبوع الماضي إن "رد إسرائيل على هجوم حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية "حماس" في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، تجاوز الحد".
وفي هذا السياق، غرّد النائب في البرلمان المصري، مصطفى بكري، عبر حسابه في "إكس": "القصف الجوي والبري والبحري بدأ ضد أهلنا في رفح، مئات الشهداء والمصابين يسقطون.. الحرائق تشتعل، الأطفال بلا مأوى، الموت يطاردهم في كل مكان من الشمال إلى الجنوب، جيشنا في حالة استنفار لمواجهة أية تطورات".
وتابع النائب المصري: "الأمن القومي وحدود مصر خط أحمر، الشعب المصري كله يدعم جيشه والقائد الأعلى، ترابنا مقدس، لن نراهن على الغرب أو أمريكا، نراهن على أنفسنا وجيشنا العظيم في حماية ترابنا الوطني ورفض تصفية القضية الفلسطينية".
وختم بكري بالقول: "ما يجري في غزة هولوكست لم يشهد له التاريخ الحديث مثيلا، هو وصمة عار في جبين العالم بأسره، هو إعلان سقوط لكافة المنظمات والمواثيق الدولية، حسبنا الله ونعم الوكيل".
تحذيرات مُتواصلة
قالت
منظمة "هيومن رايتس ووتش" الحقوقية، الاثنين، إن "إجبار 1.7 مليون نازح فلسطيني في رفح على الإخلاء مجددا، بلا مكان آمن يأوون إليه، غير قانوني وستكون له عواقب كارثية".
وأضافت المنظمة الحقوقية، عبر تغريدة على حسابها في منصة "إكس": "لا يوجد مكان آمن يمكن الذهاب إليه في غزة"، فيما طالبت المجتمع الدولي، باتخاذ "الإجراءات اللازمة لمنع المزيد من الفظائع".
كذلك، أكّدت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، الاثنين، "عدم وجود أي مخرج من مدينة رفح جنوب قطاع غزة نظرا لاستمرار المعارك وغياب المناطق الآمنة"، وذلك على لسان المتحدثة باسم الوكالة، تمارا الرفاعي.
وتابعت الرفاعي، في تصريح صحفي، نشرت فحواه المنظمة الأممية على حسابها عبر منصة "إكس": "ليس هناك أي مخرج من رفح في ظل استمرار المعارك وغياب المناطق الآمنة"؛ محذّرة من أن "أي تحرك عسكري في المدينة سيكون له تبعات كارثية".