نشرت صحيفة "
غازيتا" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن معرض الدفاع الدولي الذي يقام بين الرابع والثامن من شباط/ فبراير الحالي في المملكة العربية
السعودية.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي 21"، إن
روسيا تعرض أكثر من 100 قطعة سلاح في الرياض. وتحتل الطائرات دون طيار ووسائل مكافحتها مكانًا مهمًا في المعرض. تعرض المدرجات الروسية في معرض الدفاع العالمي الطائرات المقاتلة وطائرات النقل والمركبات المدرعة والطائرات دون طيار والذخيرة الموجهة بدقة والأسلحة الصغيرة وغيرها من الابتكارات في صناعة الدفاع المحلية.
ومقارنة بمعرض الدفاع العالمي لسنة 2022، تضاعف حجم المعروض الروسي. هناك اهتمام كبير في الرياض بالأسلحة والمعدات العسكرية الروسية، التي أثبتت خصائصها التكتيكية والفنية العالية في العمليات القتالية، وأظهرت تفوقًا ملموسًا على منتجات المنافسين.
ونقلت الصحيفة عن الخبير في مجال الطائرات المسيرة دينيس فيدوتينوف، قوله: "يرى كبار المحللين العسكريين اليوم الأسباب الرئيسية للتغيرات في أشكال وأساليب استخدام القوات المسلحة في الصراعات العسكرية الحديثة بعد ظهور عدد كبير من الأنظمة غير المأهولة في ساحات القتال التي تحل مجموعة واسعة من المهام. يعتبر العديد من الخبراء أن الطائرات دون طيار التي تستخدم الذكاء الاصطناعي ربما تكون الأداة الرئيسية لتحقيق الأهداف في الحروب المستقبلية، مما يجعل الأنظمة غير المأهولة تحتل مكانة مهمة في معرض الدفاع العالمي".
إلى جانب الطائرات دون طيار ووسائل التصدي لها، تضمن معروض روسيا في الرياض أنظمة ومجمعات الصواريخ المضادة للطائرات، وسيتم أيضا عرض نماذج من مركبات الدفاع الجوي القتالية متوسطة المدى من نظام الصواريخ المضادة للطائرات من طراز "إس 350 فيتياز" ونظام الصواريخ المضادة للطائرات من طراز "فيكينغ".
ولأول مرة، تعرض روسيا في المملكة العربية السعودية أحدث نظام آلي لمكافحة المركبات الجوية دون طيار ومعدات المراقبة اللاسلكية التي يمكنها اكتشاف مشغل الطائرة بدون طيار وهو "نظام صيرب في سي 6" المضاد للطائرات دون طيار قادر على حماية الأجسام من الطائرات دون طيار وكذلك من سرب من الطائرات دون طيار.
أسلحة المستقبل
من الضروري إلقاء نظرة فاحصة على مجالات تطوير المركبات غير المأهولة ووسائل مكافحتها التي يركز عليها المطورون الرائدون في العالم. فعلى سبيل المثال، تكثف الولايات المتحدة العمل على إنشاء طائرات دون طيار تعمل جنبا إلى جنب مع الطائرات المأهولة. وفي هذه السنة تخطط القوات الجوية الأمريكية لسلسلة من الرحلات الجوية التجريبية للطائرات دون طيار التي تهدف إلى اختبار التقنيات ذات الصلة.
وأضاف فيدوتينوف "الأمر يتعلق باستخدام الطائرات التفاعلية دون طيار، التي تسمى أيضًا رجل الجناح المخلص ومن المتوقع استخدامها جنبًا إلى جنب مع الطائرات المقاتلة الحالية والمستقبلية، مثل طائرات "إف-35"".
ووفقًا للخبراء الأمريكيين، وبالتعاون مع الطائرات المأهولة، ستكون طائرة "رجل الجناح المخلص" دون طيار قادرة على أداء مهام مختلفة مثل الاستطلاع أو ضرب أهداف مختلفة أو قمع إشارات الراديو للعدو أو العمل كأفخاخ خداعية.
تعمل القوات الجوية الأمريكية على ثلاثة مجالات لتطوير طائرة "رجل الجناح المخلص" دون طيار، وهي تطوير المنصات نفسها وإنشاء بنية نظام التحكم لهذه الطائرات ومعرفة كيفية تنظيم وتدريب هذا النظام.
يبدو استخدام طائرة "رجل الجناح المخلص" دون طيار في سلاح الجو الأمريكي واسع النطاق. في السابق، كان العدد المقدر للأجهزة الواعدة هو 1000 وحدة. ومع ذلك، يرجح خبراء القوات الجوية الأمريكية تجاوز عددها الإجمالي هذا الحد. ومن أجل شراء مثل هذه التقنيات بكميات كبيرة، يجب أن تكون تكلفة الأجهزة رخيصة نسبيا. لذلك، على الأرجح، سيكون سعر هذه الطائرات دون طيار يتراوح بين ربع وثلث تكلفة المقاتلة "إف-35" أي في حدود 20 و27 مليون دولار لكل وحدة.
المنصات الممكنة
تنظر القوات الجوية الأمريكية في عدد من الطائرات من العديد من شركات التطوير كمنصة محتملة "لرجل الجناح المخلص"، إحداها هي الطائرة دون طيار من طراز "كراتوس إكس كيو 58 فالكري". تستطيع فالكري الطيران بسرعة تصل إلى 1050 كم/ساعة، بينما تصل سرعة إبحار الجهاز إلى 882 كم/ساعة.
يوجد أكثر من متنافس على دور "الرجل المخلص" في القوات الجوية الأمريكية. بالإضافة إلى شركة خراتوس، شاركت أيضًا بوينغ وجنرال أتوميكس ونورثروب غرومان في البداية في العمل حول هذه المسألة. وتقدم شركة بوينغ طائرة بوينغ لويال وينغمان التي يشبه شكلها طائرة فالكيري دون طيار، لكن مداخل هواء المحرك موجودة على جانبي جسم الطائرة. ورغم عدم الكشف رسميًا عن خصائص الجهاز، فمن الممكن الافتراض أنه أثقل إلى حد ما من طائرة فالكيري.
لماذا "رجل الجناح المخلص"؟
أشارت الصحيفة إلى أن إدراج الطائرات دون طيار المتفاعلة المستقلة في القوة القتالية يعد إحدى الأولويات الرئيسية للقوات الجوية الأمريكية، حيث يخطط البنتاغون للارتقاء بالطيران القتالي إلى مستوى مختلف نوعيًا، مع تحديث الأسطول المقاتل وتغيير تكوينه بشكل جذري.
لماذا تُكثّف الولايات المتحدة في الوقت الراهن العمل على موضوع لا يعد بنتائج فورية، مما يعني أن القوات الجوية تستثمر فقط في مواضيع واعدة؟ في الحقيقة، أظهرت الصراعات العسكرية الأخيرة بشكل واضح مدى ضعف أنظمة الطيران المستخدمة. وعليه، أدركت الولايات المتحدة أنها على الرغم من تفوقها العددي المحتمل، إلا أنها لا تستطيع ضمان النجاح في حروب المستقبل.
حسب فيدوتينوف "أجبر هذا القوات الجوية الأمريكية على الاهتمام مرة أخرى بدراسة الأساليب البديلة المحتملة التي يمكنها تغيير قواعد اللعبة في المستقبل". وأحد الخيارات تنفيذ مفهوم "رجل الجناح المخلص" دون طيار. ومن المتوقع أن يتيح تطوير هذه التقنيات التفوق على العدو في الصراعات العسكرية المستقبلية. ولذلك، تشارك الصين والهند وتركيا وأستراليا حاليًا في مشاريع مماثلة.
ماذا عن روسيا؟
تعود فكرة إنشاء طائرات دون طيار روسية "متفاعلة" لأحد المتخصصين الروس الرائدين في مجال الطائرات دون طيار، وهو المصمم نيكولاي دولجينكوف. وقد طور قائمة بالمهام اللازمة لتنفيذ هذا المفهوم والتطورات الإضافية في الخارج، بما في ذلك إطلاق مشاريع مماثلة في الصين والهند وتركيا.
حيال هذا الشأن، قال فيدوتينوف إن "المسار الإضافي للأحداث المتعلقة بالعملية العسكرية الروسية أجبر الإدارة العسكرية الروسية على إعادة النظر بشكل كبير في قائمة أولوياتها فيما يتعلق بتطوير الأسلحة والمعدات العسكرية، مع التركيز على ما هو مطلوب هنا الآن".
وبالنسبة لروسيا، فإن قضايا ضمان أمن الدولة لا تقتصر على المهام الحالية قصيرة المدى لأن ديناميات التغيّرات في الوضع الجيوسياسي والعسكري السياسي، وظهور تهديدات جديدة تؤكد أهمية بدء مشاريعنا الخاصة من حيث إنشاء طائرات دون طيار التي تتفاعل مع الطائرات المأهولة.
وحسب فيدوتينوف فإن تأجيل إنشاء أنظمة خاصة بروسيا من هذا النوع لفترة طويلة لا يخدم مصالحها ويهدد بخطر تفويت فرصة تغيير ميزان القوى لصالحها ويعطي الفرصة لخصومها للقيام بذلك.