أكد المشاركون في مؤتمر مجلس مسلمي
أوروبا، الجمعة، أن الحرب الإسرائيلية في
غزة وصمود الشعب
الفلسطيني في مواجهة هذا العدوان أثر بشكل كبير على نظرة فئات واسعة من المجتمع الأوروبي للإسلام. لافتين إلى وجود طفرة في أعداد المقبلين على الإسلام منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي.
وتطرق المتحدثون خلال الجلسة الافتتاحية لمؤتمر مجلس مسلمي أوروبا الذي احتضنته مدينة إسطنبول التركية، تحت عنوان "تداعيات الشرق الأوسط على أوروبا ودور مسلمي أوروبا"، إلى أثر العدوان الإسرائيلي الدموي ضد غزة على المجتمعات الغربية.
وشهد المؤتمر حضور أكثر من 200 مشارك من قادة وممثلي المؤسسات الأوروبية الأعضاء في المجلس فضلا عن لفيف من المسؤولين في الدولة التركية.
تزايد الإقبال على الإسلام
وقال رئيس مجلس مسلمي أوروبا، عبد الله بن منصور، خلال كلمته في الجلسة الافتتاحية، التي تابعتها "عربي21"، إن الإقبال على اعتناق الإسلام وإعادة اكتشافه من قبل الغربيين قد شهد قفزة نوعية خلال الأشهر الأخيرة جراء صمود الشعب الفلسطيني رغم الإبادة الجماعية الإسرائيلية المتواصلة.
وتطرق بن منصور إلى تاريخ الوجود الإسلامي في القارة الأوروبية وتطوره عبر العقود الأخيرة، والأثر النوعي لتداعيات الحرب الإسرائيلية في غزة والمجازر التي يرتكبها
الاحتلال بحق الشعب الفلسطيني.
بدوره، تحدث نائب رئيس رئاسة الشؤون الدينية في تركيا، سليم أرغون، عن الدروس التي ينبغي على العالم الإسلامي خصوصا استخلاصها من صمود أهالي غزة، موضحا أنه بعد السابع من تشرين الأول /أكتوبر أصبح الدين الإسلامي والقرآن الكريم شاغل الناس في أنحاء العالم الغربي حيث تصاعدت نسبة الإقبال والتعرف على الديانة الإسلامية.
وتطرق إلى تحرر دولة جنوب أفريقيا من نظام الفصل العنصري بعد عقود من النضال، موضحا أن دولة الاحتلال هي آخر نظام فصل عنصري إحلالي في العالم بعد انهيار الجنوب أفريقي أواخر القرن المنصرم.
"انهيار الفصل العنصري"
وقال أرغون في كلمته الافتتاحية، إنه "تم إنشاء دولتين على أساس الفصل العنصري في القرن العشرين؛ الأولى هي جنوب أفريقيا والثانية هي دولة الاحتلال الإسرائيلي في الشرق الأوسط"، موضحا أن "الصفة المشتركة بين هاتين الدولتين، هي الاعتقاد أن بعض الاختلاف في الخصائص الخلقية تمنح الدولة حق السيطرة على الآخرين واضطهادهم".
وأضاف: "لقد انهارت الأولى واندثر نظامها، واليوم نرى أناسا من الدولة الأولى (جنوب أفريقيا) يأخذون الثانية، التي هي دولة الاحتلال، إلى محكمة العدل الدولية في لاهاي".
بدوره، تطرق رئيس حزب البناء في الجزائر، والمرشح الرئاسي السابق، عبد القادر بن قرينة، إلى أن القوى في العالم تتحرك من الغرب إلى الشرق في الوقت الراهن، مشددا على ضرورة أن يكون للعالم الإسلامي دور في تشكيل ملامح النظام العالمي الذي يتبلور الآن كردة فعل على تطبيقات الدول المهيمنة على شعوب العربية والإسلامية.
وحول العدوان على قطاع غزة، أكد بن قرينة على أن فلسطين هي القضية الأولى والمركزية بالنسبة للشعوب العربية والإسلامية، مضيفا أن "العالم يدرك موقع القضية بعد التهافت العسكري من العديد من دول العالم لمحاربة بضعة آلاف في قطاع غزة".
"ازدواجية المعايير"
من جهته، قال النائب في البرلمان التركي، ومستشار أمين عام حزب العدالة والتنمية، أووز اوتشنجو، إن هناك إبادة جماعية مستمرة أمام أنظار العالم أجمع، لافتا إلى أن العدوان الإسرائيلي فرّغ القيم الأوروبية المتعلقة بالعدالة وحقوق الإنسان من محتواها.
وأضاف أن "ما كان يقال لروسيا قبل عامين حول جرائم الحرب في أوكرانيا، لا يقال اليوم إلى الاحتلال الإسرائيلي رغم فظاعة الجريمة المتواصلة بحق الفلسطينيين".
وتابع: "نحن ضد هذه الازدواجية في المعايير، وهذا ظلم لا مثيل له، وللأسف لم نتمكن من إيقاف ذلك، وهنا يجب أن نتعلم كيف يمكن أن نكون ذوي أصوات مؤثرة في كافة الصعد حول العالم".
تحديات تواجه الوجود الإسلامي في أوروبا
وتحدث نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، عصام البشير، عن خمسة تحديات تواجه المسلمين في القارة الأوروبية اليوم، ما بين انتماء الهوية والتزامات المواطنة.
وأوضح أن التحدي الأول الذي واجه الوجود الإسلامي في أوروبا، هو "السعي لإفساد الفطرة"، لافتا إلى أن هذا التحدي هو "تحد كبير يستهدف الوجود البشري؛ وعنوانه الخروج عن قانون الفطرة لإفسادها".
والتحدي الثاني، وفقا للبشير، يتمثل في التشكيك في الثوابت التي قامت عليها العقيدة الإسلامية، "كالتشكيك في القرآن الكريم والسنة النبوية ورواتها، وكافة المناهج التي توافق عليها المسلمون في علومهم".
ولفت إلى أن التحدي الثالث، هو "تحدي الحفاظ على الثوابت ومواكبة المتغيرات"، أما الرابع فيكمن في "تنامي إشعال الكراهية والإساءة إلى الأديان والرموز والمقدسات".
وأشار البشير إلى أن التحدي الخامس والأخير، هو "سقوط الشعارات الأخلاقية والإنسانية للغرب بعد 7 أكتوبر وحالة التحول الكبرى في الضمير العالمي الواسع"، مشددا على "ضرورة أن يكون هناك حوار لمواجهة خطورة ازدواجية المعايير وتجزئة القيم، عبر إقامة شراكات مع أصحاب الضمير الحر لإنشاء تحالف ومنظمات لنصر المظلومين".
ويأتي مؤتمر "مجلس مسلمي أوروبا"، في ظل تنامي الرفض الشعبي في مختلف الدول الأوروبية للحرب التي يشنها الاحتلال الإسرائيلي ضد قطاع غزة، وتزايد الوعي الغربي خصوصا لدى الشباب، بالانتهاكات الصارخة التي ترتكبها قوات الاحتلال للقوانين الدولية عامة وخصوصا منها المتعلقة بحقوق الإنسان.
ومجلس مسلمي أوروبا هو مؤسسة أوروبية مستقلة غير ربحية، تعنى بالوجود الإسلامي في أوروبا ضمن منهج الإسلام الوسطي.
وتأسس "المجلس" سنة 1989 ويضمّ في عضويته آلاف المؤسسات في أكثر من 28 دولة أوروبية ويعتبر أكبر مؤسسة إسلامية تمثل الوجود الإسلامي.