بعد 100 يوم من عدوان إسرائيل على
غزة، برغم المهل والتواطؤ الدولي بقيادة الولايات المتحدة دون تحقيق
العدوان أيا من أهداف الحرب المعلنة، وغير المعلنة بالترانسفير، وإخلاء قطاع غزة قسريا أو طوعيا من أهداف الحرب.
سيخلد يوم 11 كانون الثاني/يناير 2024 في ذاكرة كيان الاحتلال، باليوم الذي تم جر إسرائيل ومحاكمتها بارتكاب جرائم حرب وإبادة، بمرافعة تاريخية موثقة ومهنية بالأدلة والبراهين والصور ومقاطع الفيديو، وتطال التهمة شركاءها وداعميها، وعلى رأسهم الولايات المتحدة المسؤول الأول عن تلك الجرائم.
لذلك، كانت مرافعة الفريق القانوني الإسرائيلي ركيكة وغير مقنعة برفض دعوى جنوب أفريقيا بارتكاب جرائم حرب إبادة في غزة. يفضحها هول وحجم الأدلة ووقف ودفاع إدارة
بايدن، ونفي ارتكاب إسرائيل جرائم إبادة، يتعمق الانحياز والاصطفاف الأمريكي الداعم بجسر جوي وإمدادات السلاح والتمويل وتخصيص 14 مليار دولار لدعم وتزويد السلاح والغطاء السياسي والفيتو.
ورغم ذلك، فشلت إدارة بايدن في لجم تهور وجرائم الصهاينة وتقديم أي تنازلات.
فشلت إدارة بايدن في لجم تهور وجرائم الصهاينة.
بل يفاخر نتنياهو أنه هو من عطل حل الدولتين ونسف اتفاقية أوسلو والاعتراف بالسلطة الفلسطينية عام 1993، ويرى اتفاقية أوسلو أكبر خطأ! ما ينسف رؤية الإدارات الأمريكية منذ إدارة بوش الابن قبل ربع قرن، كما فشل بايدن وبلنكين بزحزحة تعنت نتنياهو ووزير المالية المتطرف سموترتش الرافض برغم ضغط بايدن، تحويل 188 مليون دولار شهريا من الأموال المستحقة للسلطة، من الضرائب والصادرات التي يدفعها الفلسطينيون العاملون داخل كيان الاحتلال لدفع رواتب الموظفين والمتقاعدين!
ولم يمارس بايدن أي ضغط حقيقي ولم يهدد بوقف مساعدات 3.8 مليار دولار سنويا، بمعدل أكثر من 10 ملايين دولار في اليوم الواحد.
ما يُحرج بايدن وإدارته ويسقط النموذج الإسرائيلي الذي روجته لعقود مع أنصارها؛ بصفتها الديمقراطية الوحيدة في المنطقة وسط صحراء الأنظمة المستبدة، لتتلطخ سمعتها وتصبح دولة منبوذة، وجيشها الأكثر وحشية على مستوى العالم، الذي انهارت هيبته لفشله المتكرر بتحقيق أي هدف بعد 100 يوم!
أصبحت إسرائيل دولة منبوذة، وجيشها الأكثر وحشية على مستوى العالم.
أحمّل في مقال اليوم مسؤولية الانهيار الأمني والتصعيد الإقليمي لبايدن وإدارته بعد ثلاثة أعوام من إدارته، لم تتبلور استراتيجية واضحة للتعامل وخفض التصعيد وحل أزمات الشرق الأوسط، وخاصة الصراع العربي ـ الإسرائيلي وملف إيران النووي، وطمأنة الحلفاء الخليجيين وغيرهم.
ولكن الخلل والسقطة الأكبر، فشل إدارة بايدن عن لجم وحشية حرب إبادة إسرائيل لغزة وسكانها من حرب إبادة بلا هوادة، ورفض بايدن ونتنياهو وحكومة أقصى اليمين وقفها برغم دموية الحرب والخسائر البشرية غير المسبوقة، وإحراج إدارته وسمعة أمريكا عربيا وحول العالم.
في استطلاع للرأي للمركز العربي في الدوحة لـ8000 مشارك في 16 دولة عربية، ارتفعت نسبة من يرون موقف الولايات المتحدة سيئا أو سيئا جدا تجاه حرب إسرائيل على غزة لـ94 ٪ الأعلى على الاطلاق. و81٪ لا يرون أن الولايات المتحدة جادة بدعم قيام دولة فلسطينية كما تدعي! و51٪ يرون الولايات المتحدة تشكل أكبر تهديد للمنطقة، تليها إسرائيل 39٪، وفي المرتبة الثالثة إيران 7٪.
وذلك غير مستغرب بسبب مواقف بايدن وإدارته، الداعم والرافض لوقف الحرب ولجم اغتيالات واستفزازات إسرائيل ضد الحرس الثوري الإيراني في سوريا باغتيال القيادي البارز رضي الموسوي، واغتيال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس في الضاحية الجنوبية لبيروت معقل حزب الله الرئيسي، واغتيال وسام الطويل القيادي وعضو مجلس الشورى في حزب الله وصهر أمين عام حزب الله حسن نصرالله، واغتيال قيادي في حركة النجباء في بغداد.
هذا يرفع أسهم إيران وحلفائها، وحماس وحزب الله في لبنان.
واكتملت دائرة التصعيد وزاد الطين بلة، ردع الحوثيين عن استهداف السفن وناقلات النفط، ومنع السفن المتجهة إلى موانئ إسرائيل وخاصة ميناء إيلات؛ دعما للمقاومة الفلسطينية في غزة. ما يهدد أمن الملاحة والاقتصاد العالمي، وغيّرت 12 شركة شحن كبرى مسار سفنها من قناة السويس والبحر الأحمر إلى رأس الرجاء الصالح.
ردت أمريكا بتشكيل تحالف عسكري «حارس الازدهار» وشن الولايات المتحدة والمملكة المتحدة بدعم لوجستي من 8 دول أخرى أعضاء في حلف الناتو باستثناء اليابان والبحرين، غارات جوية بـ150 بصواريخ توماهوك ومقاتلات وبوارج بحرية وغواصات، على 27 موقعا للحوثيين في صنعاء والحديدة وصعدة ومحافظة ذمار في فجر الجمعة الماضي.
وهدد الحوثيون: «لن نتردد باستهداف مصادر التهديد، وكل الأهداف المعادية في البر والبحر الأحمر». وانتقدت إيران والحوثيون وحماس إدارة بايدن وبريطانيا، واتهمتها بتوسيع المواجهة. وهو عكس ما تروج له واشنطن.
تبقى السقطة الكبيرة للرئيس بايدن وإدارته بعد ثلاثة أعوام في البيت الأبيض، فشله في تحقيق أي إنجاز، بل عمق تراجع الثقة وزاد من قلق وإحراج الحلفاء لاصطفافه الكلي مع إسرائيل وقصفه الحوثيين في اليمن، ما استنفر الحلفاء وعبروا عن القلق من مخاوف توسيع المواجهات.
السقطة الكبيرة للرئيس بايدن وإدارته بعد ثلاثة أعوام في البيت الأبيض، فشله في تحقيق أي إنجاز.
ما يخالف استراتيجية إدارة بايدن باحتواء التصعيد، ويُفشل حل الدولتين. ما يحمّل بايدن شخصيا وإدارته مسؤولية خطر تصعيد حافة الهاوية.