نشر موقع "ناشونال انترسيت" مقالا لبول أر بيلر، الضابط السابق في الاستخبارات الأمريكية والمحرر المساهم في المجلة قال فيه إن الرئيس الأمريكي جو
بايدن لو خسر حملة إعادة انتخابه في العام المقبل فسيكون رئيس وزراء الاحتلال بنيامين
نتنياهو واحدا من الأسباب حيث أنه لا يحب بايدن ولا تهمه المصالح الأمريكية.
وقال إن الحرب الإسرائيلية في
غزة أصبحت واحدة من السلبيات الكبرى لرئاسة بايدن. وفي اللحظة التي شنت فيها حماس هجومها في 7 تشرين الأول/أكتوبر لم يكن هناك أي مفر للهروب من التداعيات السياسية المحتومة، ومثل أي هجوم خارجي، سيظل وبوضوح نقطة سوداء على من كان يسكن في البيت الأبيض في حينه، سواء كان الرئيس الأمريكي قادرا على منعه أم لا. ومرة أخرى، فقد قلب الهجوم أوراق سياسة بايدن الخارجية التي افترضت أن "النزاع الإسرائيلي- الفلسطيني" سيظل على الهامش، وهو ما سيسمح للإدارة بالتركيز على أجزاء أخرى من العالم.
ويعتقد الكاتب أن الكثير من التداعيات السلبية هي من صنع بايدن نفسه، حيث منح دعماً مباشراً وغير مشروط لنتنياهو وحكومته، وهو "عناق" يجد بايدن صعوبة الفكاك منه منذ أن بدأت الحكومة الإسرائيلية بالتسبب بموت ودمار ومعاناة لا توصف على سكان غزة.
ويقول الكاتب إن "بايدن، الآن متورط في واحدة من أضخم الكوارث الإنسانية على قاعدة القرن الماضي. وفشلت استراتيجية "عناق الدب" ومحاولة البقاء قريبا من نتنياهو وضبط تحركاته، وخسر الكثير من الدعم داخل قاعدة حزبه الديمقراطي والتي يحتاج لدعمها الفاعل للفوز في إعادة انتخابه".
ويقول إن أهم التداعيات لهذه الأحداث لها علاقة بالمصالح الأمريكية، وكانت واضحة من الغضب والسخط الذي زاد ضد الولايات المتحدة. وأصبحت واشنطن معزولة على مسرح الدبلوماسية الدولية وبخسارة الدعم بين الدول للأهداف الأمريكية.
وهناك موازنات حول الكيفية التي تعمل فيها السياسات المحلية ضد بايدن، فالدوافع المحلية للرجل الذي اختار بايدن دعمه، هي هذه إذ يواجه نتنياهو العديد من المشاكل السياسية المحلية، فقد هز هجوم حماس الهالة التي أقامها حول نفسه وأنه "مستر أمن"، والأثر المدمر كان واضحا في استطلاعات الرأي التي نظمت بعد الهجوم مباشرة حيث كشفت عن تراجع كبير في شعبيته وحزبه الليكود. ولعكس هذا الوضع وإنقاذ مستقبله السياسي، فلدى نتنياهو حافز لمواصلة الحرب المدمرة في غزة وتجاهل المناشدات الأمريكية، إما بضبط العمليات العسكرية أو الحاجة لحل سياسي يعطي الفلسطينيين حق تقرير المصير.
وعلى المدى القريب، يخدم الهجوم نتنياهو كوسيلة لري ظمأ الإسرائيليين للانتقام من الفلسطينيين وحتى لو لم يكن نتنياهو قادراً على استعادة سمعته كرجل الأمن فإنه يستطيع الظهور بمظهر الرجل المعارض لإقامة الدولة الفلسطينية، بقوة السلاح والدبلوماسية الثابتة بحسب ما يعتقد.
فالتوتر مع إدارة بايدن لن يكون سلبياً على نتنياهو بل سيكون إيجابياً، وسيظهر الخلاف لقاعدة نتنياهو بأنه الرجل الذي وقف أمام الضغوط الأمريكية وعارض إقامة دولة فلسطينية، إلى جانب ذلك، فالتأثير الحالي في العلاقات الأمريكية- الإسرائيلية لا يزال يتدفق من اتجاه واحد، كما هو الحال، فالدعم العسكري الأمريكي لم يتوقف، وتردع الديناميات السياسية الأمريكية التي تضمن استمرار الدعم العسكري بايدن من وضع شروط ذات معنى على الدعم.
ثم هناك اتهامات الفساد التي تلاحق نتنياهو، حيث استؤنفت محاكمته قبل فترة وبعد توقف أسابيع بسبب الحرب، فالمشكلة القانونية الشخصية تقدم دافعا إضافيا لنتنياهو كي يواصل الحرب التي تحرف النظر عن كل شيء. وتعطي سياسة الحرب فرصة للحفاظ على العناصر المتطرفة في حكومته وتؤجل اليوم الذي سيواجه فيه تداعيات قانونية على سلوكه. وفي المشهد السياسي الأمريكي المحلي، فآثار سياساته والكيفية التي تؤثر فيها على موقع بايدن تظل من صالح نتنياهو. وسيفرح الأخير بالتأكيد لو هزم دونالد ترامب بايدن في انتخابات الرئاسة عام 2024.
وعلى الرغم من المدى الذي انحنى فيه بايدن للوراء وغير مواقفه لدعم إسرائيل، إلا أن ما عمله لا يتطابق مع الهدايا التي قدمها ترامب لها، بما في ذلك نقل السفارة الأمريكية إلى القدس والإعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان وتبني "خطة سلام" تضع الفلسطينيين في موقع التابع دائما وبدون فرصة للحصول على دولتهم. وكانت العلاقة بين ترامب ونتنياهو قوية بدرجة ظهور صورهما في الحملات الانتخابية.
وتعكس الشراكة توجها بعيد المدى، كشفت عنه استطلاعات الرأي وهو أن المواقف الأمريكية من "إسرائيل" أصبحت منقسمة بناء على الخطوط الحزبية ومع أن الحزب الديمقراطي بزعامة بايدن يشخصن الطبيعة التوافقية بين الحزبين فيما يتعلق بإسرائيل، إلا أن الحزب الجمهوري هو الذي أصبح بحسب توصيف المبعوث الأمريكي السابق أرون ديفيد ميلر حزب "مع إسرائيل حقا أو باطلا". فالتحالف الأكبر لم يعد بين الولايات المتحدة و"إسرائيل" بقدر ما هو تحالف بين الحزب الجمهوري واليمين الإسرائيلي المتطرف والذي يضم الحكومة الإسرائيلية.
ووسط هذه الظروف، يظل بايدن نهمة للعقاب السياسي. ولدى نتنياهو تاريخ في إحراج بايدن وإضعافه، فبعد فترة قصيرة من إعلانه عندما كان نائبا للرئيس الأمريكي عام 2010 عن دعم غير مشروط لإسرائيل، أعلنت الحكومة التي كان يترأسها نتنياهو عن توسيع البناء الإستيطاني في القدس الشرقية. وبعد فوز بايدن عام 2020، زعم نتنياهو أن بايدن نام أثناء لقاء مع رئيس الوزراء السابق نفتالي بنيت، وذلك بناء على شريط فيديو مفبرك.
وبطرق عدة يعبر بايدن عن السياسي الأمريكي العتيق، وكان طبيعيا أن يعبر عن دعمه الغريزي لإسرائيل مثل أي سياسي، إلا أن تصرفه المفترض لا يعمل في صالحه على خلفية الرعب في غزة و"لو خسر انتخابات العام المقبل، فستكون هناك عدة أسباب، واحد منها عناقه لسياسي أجنبي لا يكن حبا لمصالح الولايات المتحدة ولا يهمه المنظور السياسي لبايدن".