أعلنت شخصيات من
المعارضة السورية في العاصمة الفرنسية
باريس عن تأسيس حزب سياسي جديد باسم الحزب "السوري الديمقراطي الاجتماعي"، في حين أكدت هيئة الحزب الرئاسية لـ"عربي21" أن الهدف الأبرز هو العمل على إيجاد كيانات سياسية تمثل السوريين بشكل حقيقي.
وذكر بيان التأسيس الذي تسلمت "عربي21" نسخة منه، أن الحزب سيواصل العمل مع الشعب السوري وقواه المختلفة، على إسقاط النظام الديكتاتوري وإقامة نظام ديمقراطي تعددي وفق القرار الأممي 2254.
وأكد أن الحزب سيكرس نفسه لتقديم الخدمات وإعادة إعمار البلاد وإنشاء بنية تحتية ومؤسساتية تؤسس لنهضة اقتصادية واجتماعية وثقافية وسياسية.
واعتبر الحزب في بيانه التأسيسي أن المعيار الأساسي لعمله هو مقدار ما يقدم من خدمات تهم السوريين في حاضرهم ومستقبلهم، مشدداً على أنه "لا يخوض في الصراعات الأيديولوجية ويتحاشى جدل الهويات المدمر، ويركز على الإنجاز المتعين والملموس".
لماذا أوروبا؟
وعن سبب اختيار باريس مكانا للإعلان عن الحزب الجديد، يقول رئيس الحزب الوليد، أحمد البحري لـ"عربي21"، إن نسبة كبيرة من المهجرين السوريين يعيشون في البلدان الأوروبية، وباعتقادي فإن على السوريين المقيمين هنا المسؤولية الأكبر، بسبب المساحة الكبيرة للتحرك السياسي.
وأضاف أن غالبية أعضاء الحزب يمتلكون أدوات العمل السياسي، وبالتالي مع وجود مساحات حرية في أوروبا نأمل أن نحدث تغييراً في أنماط العمل السياسي السابق.
وقال البحري إن السوريين يحتاجون إلى جسم سياسي حقيقي يمثل الداخل السوري مستقبلاً ويدافع عن حقوقه، مستدركا: "لكن الحزب لن ينتظر إلى مرحلة ما بعد سقوط الديكتاتورية، وإنما سيبدأ الحزب العمل من اللحظة الحالية، على التواصل مع الداخل السوري لتوطيد العلاقة، ونشر فكرة الحزب وأهدافه في
سوريا".
"إحياء الحياة السياسية"
أما عضو المكتب السياسي في الحزب "السوري الديمقراطي الاجتماعي" عبد الناصر العايد، يقول إن "تأسيس الحزب الجديد، يأتي محاولة لإعادة إحياء الحياة السياسية السورية التي تعاني من حالة تكلس".
وأضاف لـ"عربي21" أن الحالة السياسية في سوريا انجرفت مؤخرا لتصبح حراك طوائف وعشائر وجماعات مناطقية وإقليمية متعددة، من دون أن تكتسب الشكل الطبيعي في العمل السياسي (الأحزاب)، ما يعني أن هدف الحزب إعادة الاعتبار للأدوات الحديثة في العمل السياسي.
وبحسب العايد، يهدف الحزب إلى تشكيل تنظيم سياسي حداثي عابر للطوائف والجماعات الأهلية التقليدية (طائفية، عشائرية، عرقية)، بهدف إعادة الاعتبار للوطنية السورية، متمنياً أن يحرض تأسيس الحزب الجديد على تأسيس أحزاب جديدة.
"ظاهرة صحية"
وتقول مصادر المعارضة السورية إن النظام السوري أدخل الحياة السياسية في حالة من "الشلل"، بسبب احتكار حزب "البعث" العمل السياسي، إلى جانب بعض الأحزاب "المترهلة" الخاضعة لهيمنة النظام.
ويصف الكاتب والمحلل السياسي المعارض حسن النيفي ظاهرة تشكيل الأحزاب بـ"الصحية"، قائلا لـ"عربي21": "لا بد منها لأن الإطار الحزبي أو أي إطار جمعي على أساس فكري إنما هو الإطار الصحيح للتعبير عن الرأي".
وتابع بأن تشكيل
أحزاب سياسية يجسّد نقلةً نوعية في الوعي الجمعي للسوريين، ويقول: "ما إن كسر السوريون حاجز الخوف وأطلقوا صيحات الحرية في وجه نظام التوحش الأسدي حتى لمسنا تعطّشاً شديداً ورغبة جامحة لدى أكثر الشرائح السورية نحو تشكيل أطر سياسية سواء أكانت أحزاباً أو تجمعات أو تيارات".
وبحسب النيفي فإن حرمان السوريين طيلة أكثر من نصف قرن من ممارسة السياسة ومصادرة حقهم في التعبير عن آرائهم، تسبب في الدفع نحو تشكيل الأحزاب، وقال: "لئن كان من تداعيات هذه الظاهرة كثرة التشكيلات السياسية وتعددها على حساب المنجز، فهذا أيضا له ما يبرره لأن المنجز السياسي لأي تشكيل إنما هو مسألة تراكمية تتكون عبر الزمن ولا يمكن أن تؤتي أكلها في الراهن المباشر".