في
الوقت الذي تواجه فيه دولة
الاحتلال أزمة سياسية متصاعدة مع دول الاتحاد الأوروبي،
ورغم أنه حتى عقود قليلة مضت، كانت لأوروبا تحفظات على صفقات
الأسلحة الإسرائيلية،
ولكن مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، واستيقاظ زعماء القارة على أزمة أمنية، فقد
دخلت الشركات الإسرائيلية لملء هذا الفراغ الأوروبي، والنتيجة أن الاتحاد الأوروبي
اليوم بات أكبر شريك تجاري لإسرائيل، وفي العقود الأخيرة أصبح الوجهة الأولى
لصادراتها العسكرية التي حطّمت الأرقام القياسية.
آساف
أوني خبير العلاقات الإسرائيلية الأوروبية، كشف أنه "وفقا لبيانات وزارة
الحرب، فقد بلغ إجمالي حجم صادراتها العسكرية في 2022، حوالي 12.3 مليار دولار،
ذهب أربعة مليارات منها للدول الأوروبية، بينما في الماضي البعيد استحدثت إسرائيل
أنظمة أسلحة متقدمة من الصناعات الأوروبية، فرنسا أولاً، ثم بريطانيا، وأخيراً
ألمانيا.. ومنذ ذلك الحين انقلبت التشكيلات، حتى تمت الموافقة الأمريكية على بيع
نظام "آرو 3" لألمانيا بثلاثة مليارات دولار، ما يعني يقظة أوروبية
بدأت في 24 فبراير 2022، مع اندلاع حرب أوكرانيا، وأدركت أنها في مشكلة أمنية
خطيرة".
وأضاف
في
مقال نشرته مجلة غلوبس، وترجمته "عربي21" أن "الحرب الروسية
الأوكرانية دفعت بوفود المشتريات من جميع أنحاء
أوروبا لزيارة إسرائيل، وشكلت
السبب وراء سلسلة المعاملات الأخيرة المعلن عنها بين الشركات الإسرائيلية والعملاء
الأوروبيين، مع أنه قبل الحرب باعت هذه الشركات أسلحة ومعدات عسكرية بعشرات ملايين
الدولارات سنويًا لأوروبا، وهي تمتلك فروعًا في الدول الأوروبية، بينها إلبيت
ورافائيل، لكن البيانات قفزت في 2022 لمئات الملايين من اليوروهات، حتى رفعت قيمة
الصفقتين الأخيرتين الكبيرتين المبلغ إلى المليارات، وهما: بيع نظام حيتس لألمانيا
ومقلاع داود لفنلندا مقابل 345 مليون دولار".
ونقل
عن ران كريل نائب الرئيس للتسويق وتطوير الأعمال الدولية في شركة إلبيت سيستيمز، قوله: "إنني عندما أسمع عن مشروع أوروبي استراتيجي لبناء نظام دفاعي معقد، يشمل
عددا كبيرا من الدول، أعلم أن الصناعة الإسرائيلية لديها "نافذة" للدخول
من خلالها، والشركة واحدة من أهم المستفيدين من الطفرة الدفاعية الأوروبية، كونها
تمتاز بعامل السرعة في إنجاز الصفقات المطلوبة، مقارنة بالعمليات المطولة التي
تؤدي لفقدان الصبر لدى العملاء، بجانب الوعود المتعلقة بمساعدات البحث والتطوير،
مع أسباب أخرى تتعلق بغياب التردد الأوروبي الموجود في الماضي بشأن الصفقات
الأمنية مع إسرائيل".
وأوضح
أن "الصفقات العسكرية الإسرائيلية مع فنلندا والدنمارك وإسبانيا، وبمرور
الوقت، مع ألمانيا، ودول أخرى، أظهرت أنهم يشترون الأسلحة والمعدات الأمنية من
إسرائيل، وبات هذا الأمر أكثر شرعية، بعد أن تم اختبار أنظمتها العسكرية في
المعركة، خاصة الطائرات بدون طيار، لأن إسرائيل لا تبيع الأنظمة فحسب، بل تبيع
أيضًا الخبرة، وهو أمر بالغ الأهمية، وهذا جزء كبير من ميزتها، وأصبحت صور القبة
الحديدية قبل عامين، وهي تتعامل بنجاح مع صواريخ غزة، بمثابة تسويق من الدرجة
الأولى".
وزعم
أن "هناك صحوة في جانب البحث والتطوير العسكري في أوروبا، صحيح أن الماراثون
بدأ بالفعل بشكل جيد، لكن الصناعات العسكرية الإسرائيلية ما زالت متقدمة على
نظيراتها الأوروبية ببضعة كيلومترات، لكن السباق لم ينته بعد، وتعتقد شركة إلبيت
أن السوق الأوروبية تستمر في النمو، وهي تقترب من 30% من نطاق نشاطها، وكانت
أوروبا دائمًا الوجهة الأولى بالنسبة لها في العقود الثلاثة الماضية، وباتت
استراتيجية الصناعات الإسرائيلية دائما أكثر استباقية، وأكثر جرأة قليلا".
تكشف
هذه المعطيات أن الصادرات العسكرية الإسرائيلية تواجه قيودا تنظيمية أقل مقارنة
ببعض الدول الأوروبية، ولذلك تخضع لكوابح أكثر صرامة، ورغم توقيع العديد من
الصفقات المهمة، لكنها ما زالت تواجه اختبارات لقدرتها على توريد الأسلحة بسرعة
وكفاءة، ومع عقود استمرار محتملة، يدرك الأوروبيون جيدًا الحاجة لتعزيز الصناعات
العسكرية الإسرائيلية في القارة، في مجالات مهمة مثل التسليح ومشاريع بناء
الطائرات المقاتلة وغيرها من الأسلحة الاستراتيجية.