صحافة إسرائيلية

تقدير إسرائيلي: إدارة ترامب الثانية تضعنا أمام المزيد من الفرص والمخاطر

الكاتب لفت إلى أن إيران "قد تسعى جاهدة لضرب إسرائيل بطريقة غير مباشرة"- جيتي
رغم الترحيب الإسرائيلي الحذر بالسياسات المتوقعة من إدارة الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب في ولايته الثانية، فإن الحذر ما زال قائما في "تل أبيب"، صحيح أنه سيتبع تجديد سياسة "الضغط الأقصى" على إيران، وخفض المساعدات لأوكرانيا، والسعي لإبرام اتفاقيات تطبيع إضافية، كل ذلك سيفيد الاحتلال، لكنه سيتطلب منه مناورة سياسية حذرة تجاه واشنطن. 

إيهود عيلام باحث الشؤون الاستراتيجية، وخبير العقيدة القتالية لجيش الاحتلال لأكثر من عشرين عاما، والمستشار بوزارة الحرب، توقع أن "تركز إدارة ترامب على القضايا المحلية كالتخفيضات الضريبية والهجرة، أما سياستها الخارجية، فلديها مدارس فكرية مختلفة ومتعارضة في بعض الأحيان، مثل الانفصالية والصقور، فقد اختار ترامب الصقور لمناصب رئيسية كوزراء الخارجية والدفاع ومستشار الأمن القومي، الذين عبروا عن دعم واضح للاحتلال في الحرب على غزة، والصراع مع إيران، وأكثر من ذلك، وسيكون اتفاق بين واشنطن وتل أبيب حول قضايا مختلفة، لكن لن يكون هناك دائما اتفاق كامل بينهما، وربما تكون خلافات مختلفة". 

وأضاف في مقال نشرته مجلة "يسرائيل ديفينس" العسكرية، و ترجمته "عربي21"، أن "ترامب يتوقع أن يسعى لتقليص نطاق حرب أوكرانيا بشكل كبير، وهذا التطور قد يخدم إسرائيل في عدة مجالات، لأنه في بعض الأحيان كان الجدل الدائر في الولايات المتحدة حول ما إذا كان مساعدة كييف يؤثر على تقديم المساعدات لتل أبيب، فيما كانت المساعدات لهما جزءًا من حزمة مساعدات أمريكية واحدة، وفي جوانب معينة من المساعدات العسكرية مثل القذائف، تنافستا على جذب انتباه الإدارة الأمريكية، وفي هذا الصدد، إذا قطع ترامب المساعدات عن أوكرانيا، من أجل الضغط عليها لقبول اتفاق وقف إطلاق النار مع روسيا، فإن ذلك سيساعد الاحتلال". 

وأشار إلى أنه "في ظل ظروف معينة، فقد يستفيد ترامب من المساعدات المقدمة لإسرائيل لإجبارها على قبول شروطه، وسيكون هذا مهمًا بشكل خاص لها في السنوات المقبلة، عندما ينتهي الاتفاق الموقع في 2016 بشأن المساعدات الأمريكية، الذي أصبح الآن منحة، وفي التفاوض على اتفاق مستقبلي، قد يطالب ترامب بأن تكون المساعدة، حتى لو كانت جزءا منها، على شكل قرض فقط، وقد يكون بشروط مواتية، لكنها لن تكون منحة، وسيعتمد الكثير على مدى استعداد إسرائيل لقبول مطالب ترامب، حتى أثناء المفاوضات الخاصة بهذا الاتفاق". 

وأوضح أن "إنهاء حرب أوكرانيا، ولو بشكل مؤقت وجزئي، قد يقلل تعاون روسيا وإيران، الذي يقلق واشنطن وإسرائيل، حيث قد تساعد روسيا إيران بتوفير أنظمة أسلحة كالطائرات المقاتلة والدفاع الجوي وغير ذلك، ومشروعها النووي، بما في ذلك كبح الإجراءات ضدها في هذا الجانب في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، خاصة إذا تعرضت مواقع صناعة النفط للقصف الإسرائيلي، حيث تدرك إيران أنها أصبحت الآن أكثر عرضة للخطر، عقب تدمير القوات الجوية الإسرائيلية لبطاريات S-300، وهي من أفضل دفاعاتها الجوية".  

وأكد أنه "بعد انتخاب ترامب، ستكون إيران أكثر حذرا، وقد تسعى جاهدة لضرب إسرائيل بطريقة غير مباشرة، دون أن تشير مباشرة إليها، مثل هجوم على هدف إسرائيلي حول العالم، لكن إدارة ترامب ستسعى جاهدة لتجنب الحرب مع إيران، بل يتوقع أن تستعيد سياسة "الضغط الأقصى" عليها، كما اعتادت في الماضي، بفرض عقوبات شديدة عليها، وعزلها سياسيا لإجبارها على قبول قيود صارمة على بنيتها التحتية النووية والصاروخية، ودعمها لمنظمات مثل حماس وحزب الله، والحد من سياستها في الشرق الأوسط".  

ولفت إلى أن "إدارة ترامب قد تسعى لإبرام "اتفاقيات أبراهام 2"، بإضافة السعودية، صحيح أن إسرائيل تريد ذلك أيضا، لكن هذه الخطوة ستتضمن تنازلات كبيرة منها إذا أرادت المملكة الحصول على أنظمة أسلحة أمريكية متقدمة في المقابل، وأصرت على مشروع نووي مدني، والتزام إسرائيلي رسمي وواضح بإقامة دولة فلسطينية، هنا يمكن أن تتمكن تل أبيب من استغلال ذلك لصياغة اتفاق يكون معقولاً إلى حدّ ما في نظرها، ويعتمد الكثير على مدى الضغط الذي ستمارسه واشنطن عليها، التي ستسعى جاهدة لتجنب الاحتكاك معها".  

وانتقل الكاتب للحديث عن "اتخاذ إدارة ترامب نهجا صارما تجاه الصين، وقد يُطلب من إسرائيل أن تقف بشكل لا لبس فيه بجانبها في هذا الصراع العالمي، خاصة ون للصين استثمارات هنا، خاصة في البنية التحتية للنقل مثل ميناء حيفا الحيوي، الذي يخدم الأسطول السادس الأمريكي في البحر المتوسط، وتشعر واشنطن بحساسية إزاء التدخل الصيني في تل أبيب، وهو القلق الذي تم التأكيد عليه لها عدة مرات في الماضي، مع أن هناك شعور إسرائيلي بالقلق من أن الصين تستخدم نفوذها فيها للتجسس عليها، في ضوء علاقاتها مع إيران". 

وأوضح أنه "عقب اندلاع حرب غزة ولبنان، أبدت الصين موقفاً متحفظاً ومعادياً أحياناً تجاه الاحتلال، صحيح أنه يريد الاستفادة من علاقاته مع قوة مثل الصين، ذات الاقتصاد الضخم، وعدم إزعاجها، لكن يجب عليه أن يكون حذرا للغاية في ما يتعلق بالصين، والتوضيح لإدارة ترامب أنه في موقفه الصحيح،  خاصة في حال نشوء مشكلة أمريكية كبيرة مفاجئة تتمثل بهجوم كوريا الشمالية على الجنوبية، والغزو الصيني لتايوان وغيرها". 

وختم بالقول إن "مثل هذه الأحداث قد تؤدي لإحداث فوضى عالمية، ما يتطلب الاهتمام الكامل من جانب إدارة ترامب بها، على حساب انشغالها بالشرق الأوسط، صحيح أنه سيكون هناك ضغط أمريكي أقل على إسرائيل لتقديم تنازلات، ولكن في الوقت ذاته فإن اهتمامها سيقلّ، وحتى قدرتها على مساعدة الاحتلال في القضايا التي تهمه ستتراجع".