أظهرت تصريحات رئيس النظام السوري بشار
الأسد، في مقابلة تلفزيونية، عقبات أمام إمكانية تقدم عملية
التطبيع بين أنقرة ودمشق.
وخلال مقابلة مع قناة "سكاي نيوز" العربية، قال الأسد: "لن يتم اللقاء مع
أردوغان تحت شروطه". وتساءل ساخرا: "لماذا نلتقي أنا وأردوغان؟! لكي نشرب المرطبات مثلا".
ويطالب الأسد بانسحاب كامل للجيش التركي من شمال
سوريا، من أجل تطبيع العلاقات مع
تركيا، لكن أنقرة تؤكد أن "التهديدات الإرهابية" هي السبب الأساسي لوجود قواتها هناك.
وهناك اختلافات كبيرة في بعض المصطلحات لدى الطرفين، ما يؤثر على تطبيق التطبيع بين الجانبين، وتقع هذه التعريفات ضمن تصنيفات "الإرهاب" و"المنظمات الإرهابية"، ومكافحتها، وعلى سبيل المثال فإن تركيا عندما تقول "إرهاب ومنظمات إرهابية"، فإنها تعطي الأولوية للوحدات الكردية المسلحة، يليها تنظيم الدولة. كما أن تركيا تشدد على أن "الجيش الوطني السوري" ليس منظمة إرهابية، وتدعمه وتشرف عليه.
أما بالنسبة للنظام السوري، فإنه يعتبر الوحدات الكردية المسلحة "قوة انفصالية"، وفي ذات الوقت يصنف "الجيش الوطني السوري" على أنه "منظمة إرهابية"، وبينما تقول تركيا إنها موجودة في سوريا لـ"محاربة الإرهاب"، تتهم دمشق أنقرة بأنها تدعم "المنظمات الإرهابية".
وتحاول تركيا إقناع النظام السوري بالانخراط في معركة فعلية ضد قوات سوريا الديمقراطية، لكن أولوية دمشق تكمن في مواجهة منظمات مثل "الجيش الوطني السوري" وجبهة النصرة وتنظيم الدولة.
ورغم تأكيد تركيا على احترامها لوحدة الأراضي السورية وسيادتها في اجتماعات أستانا، فإن النظام السوري لا ينظر إلى ذلك أنه كاف، ويؤكد على شرطه: "على تركيا الانسحاب من أراضينا".
وفي أيار/ مايو الماضي، شدد الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، على أن بلاده ليس لديها خطط للانسحاب من سوريا، طالما أن "التهديد الإرهابي" مستمر.
الكاتب موسى أوزقورلو في
تقرير على موقع "بولتيكا يول"، ذكر أن الجانبين لا يقتربان إلى نقطة مشتركة بينهما، والأسد في المقابلة الأخيرة، يظهر إصراره على عدم تقديم تنازلات أو التطبيع دون رؤية خطوات ملموسة من تركيا.
وأشار إلى أن الأسد استخدم كلمات قاسية، اتهم فيها تركيا بصناعة "الإرهاب في سوريا"، لكنه أيضا استخدم كلمات ناعمة قائلا: "تركيا دولة جارة، وكان من الطبيعي أن نحاول تطوير علاقاتنا معها، وإذا ظهرت ظروف مختلفة في المستقبل بعد انسحاب تركيا، فمن الطبيعي أن نعود إلى نفس السياسة القائمة على إقامة علاقات جيدة مع الجيران".
وتابع بأن القضايا المتعلقة بتوقف تركيا عن دعم "الجيش الوطني السوري"، وعودة اللاجئين، والعملية السياسية في سوريا، وتحدي الحدود، والعلاقات الاقتصادية، وإعادة الإعمار.. من الواضح أنها قضايا سيتم مناقشتها من الجانب السوري بعد حالة الانسحاب التركي من الشمال السوري.
ورأى أنه في ظل عدم وجود تقارب بشأن الشرط السوري، فإنه لن يكون من الممكن الانتقال للحديث عن قضايا أخرى، وستستمر العلاقات بين البلدين على هذا النحو، وعليه فإن عملية التطبيع لن تكون سهلة أبدا.
من جهته قال سفير تركيا السابق لدى دمشق، عمر أونهون، إنه بعد المفاوضات التي بدأت بين مسؤولي المخابرات، وانتقلت إلى مستوى رؤساء المخابرات والدفاع، وثم الخارجية، كان من المتوقع أن يعقد لقاء قمة بين أردوغان والأسد، وهذا كان واضحا منذ البداية، وأن هناك خلافات جدية بين الجانبين لم يتم الاتفاق عليها.
وأضاف في مقابلة مع موقع "
إندبندنت" التركية، أنه خلال الأزمة السورية، عانت تركيا الكثير بسبب "التنظيمات الإرهابية" على الجانب الآخر من حدودها، وفي البداية هيمن تنظيم الدولة، ثم سيطرت وحدات حماية الشعب الكردية بعدها على المنطقة، فقررت تركيا إنشاء خط دفاعي أمامي داخل الأراضي السورية، وترى أن انسحاب قواتها سيعرض الأمن التركي للخطر.
وأشار إلى أن تركيا تؤكد على أنها ستسحب قواتها إذا ضمن سلامة أمنها، لكن الجانب السوري يصر على موقفه بالانسحاب أولا.
وأضاف أن روسيا معنية بتطبيع تركيا العلاقات مع النظام السوري، وتعتقد أنه يمكن التوصل إلى نتيجة من خلال العملية الدبلوماسية.
السياسي التركي ياسين أقطاي، قال في
مقال على صحيفة "يني شفق"، إن هناك "تهديدا إرهابيا" لتركيا من سوريا، وبسبب ذلك فإنه يحق لتركيا أن تتواجد في الشمال السوري في إطار الإجراءات الوقائية، في ظل عدم استعداد الأسد لمنع هذا التهديد.
ورأى أن التواجد التركي في الشمال السوري، أيضا مرهون بقضية اللاجئين الذين أجبروا على الهروب من مذابح الأسد، موضحا أن عدد اللاجئين في تركيا بلغ 3.5 مليون سوري، ولمنع تدفق المهاجرين الذي قد يصل بمجموعه إلى 8- 9 ملايين، يتطلب من تركيا البقاء في الداخل السوري.
وشدد على أن أهم شرط لعودة آمنة للاجئين السوريين، هو حمايتهم من ظلم الأسد، ووفرت تركيا هذا الشرط جزئيا في المناطق الآمنة التي أنشاتها بثلاث عمليات، مضيفا أن المطلوب توفير الأمان في حلب التي تشكل نحو 1.5 مليون لاجئ سوري في تركيا، برعاية أممية، وطالما أن الأسد هناك فلن يتمكنوا من العودة.
وتابع بأن المطلوب من تركيا البدء بالمطالبة تطبيق نظام المناطق الآمنة في حلب وحمص وحماة، برعاية الأمم المتحدة.