شكّلت قاعدة حميميم في الساحل السوري خلال السنوات
الأخيرة رأس جسر روسي حقيقي في التمدد إلى أفريقيا، وبردع الغرب في البحر المتوسط،
الذي تقبع عدد من دوله على الضفة الأخرى المواجهة للضفة العربية، ويعود تاريخ
الوجود الروسي في الساحل السوري إلى فترة الرئيس السوري حافظ الأسد الذي حرص بعد
عام واحد على وصوله إلى السلطة، وتحديداً عام 1971 على منح روسيا قاعدة طرطوس
البحرية، كبوليصة تأمين على بقائه في السلطة، ليأتي بعد أربعة عقود تقريباً نجله
بشار الأسد ليمنح روسيا قاعدة حميميم الجوية لنفس الغاية، وهي حمايته من الغضب
الشعبي الذي جسّدته
الثورة السورية. وهو ما وفّر لأول مرة حماية جوية لقاعدة بحرية
روسية، ظلت لأربعة عقود مكشوفة الغطاء الجوي.
لكن الهدف بالنسبة لروسيا كان أبعد مما
أراده بشار الأسد، إذ إنها أرادت بذلك: أولاً استخدام القاعدة، كرأس جسر لوجودها
في أفريقيا بعد تراجع الغرب عنها، وتحديداً الفرنسي الذي انسحب من دول أفريقيا
الوسطى،ومالي وغيرهما، عززه تراجع وانسحاب أمريكي في أفغانستان، والشرق الأوسط،
لتستغله روسيا بالتمدد، بذريعة وجود تنظيم الدولة، ولجوء أنظمة الاستبداد للإعتماد
عليها في حمايتها بعيداً عن الغرب الذي تراجعت ثقتها بحمايته ودعمه، وكان أكبر
دليل على هذه الحماية ما استثمرته روسيا بحماية بشار الأسد.
تبحث هذه الورقة في الأهمية الجيواستراتيجية
لقاعدة حميميم، وتوسعها بما يخدم أغراضاً أبعد من الحرب الروسية المشنونة على
الثورة السورية، لتُرجع الورقة سبب وجود القاعدة إلى هدفين روسيين استراتيجيين:
الأول الوصول إلى أفريقيا الوسطى، وانتزاعها من الهيمنة الغربية، تجسّد ذلك بتنامي
الدور الروسي في ليبيا والسودان، ومصر،وأفريقيا الوسطى، ومالي، وموزمبيق وغيرها،
مع تعدد أشكال وأنماط هذا الوصول من نقل المرتزقة ممثلاً بشركة (فاغنر)، إمّا
من
سوريا إلى الدول المعنية هذه، أو باستخدامها كمحطة ترانزيت، بالإضافة إلى نقل مرتزقة من السوريين للقتال إلى جانب حليف
روسيا في ليبيا وهو الجنرال المتمرد خليفة حفتر، يُضاف إليه نقل الأسلحة وبيعها لدول
أفريقيا، بالإضافة إلى تخديم القواعد الجوية الروسية في تلك الدول، أما الهدف
الاستراتيجي الثاني فهو ردع الغرب، عبر توسعة القاعدة بما يخدم نشر قاذفات
استراتيجية نووية، وطائرات سي يو 57 الاستراتيجية، وبوارج نووية، بالإضافة لنشر
دفاعات جوية متطورة مثل إس إس 400، وإس إس 300، وهو نشر يستهدف الغرب بشكل مباشر،
ولا علاقة له بحماية الأسد ومحاربة تنظيم الدولة وهي الذراع التي أتت من أجلها إلى
سوريا.
قاعدة حميميم باقية وتتوسع..
أتت قاعدة حميميم هبة السماء للرئيس الروسي
فلاديمير بوتين الطامح إلى إعادة أمجاد الاتحاد السوفييتي، والذي سبق أن وصف
انهياره بـ "أعظم كارثة جيوستراتيجية في القرن العشرين"، فوفّرت هذه
المنحة غطاءً جوياً، لقاعدة طرطوس
البحرية، التي ظلت مكشوفة جوياً، منذ أن منحها الرئيس السوري حافظ الأسد عام 1971
للإتحاد السوفييتي، لتضرب روسيا بذلك عدة عصافير بحجر واحد.
ومع فشل طائرات الميغ
29 من الإقلاع من حاملة الطائرات الروسية في قاعدة طرطوس، وتحطمها وسقوطها في
البحر، تعزز دور قاعدة حميميم الجوية، كمنصة روسية وحيدة للتوسع والتمدد، فلجأت
روسيا لاستيعاب احتياجات القاعدة في تمدد
نفوذها وتأثيرها إلى استراتيجية ضم أراضٍ جديدة للقاعدة، وتوسيع عدد مدرجاتها" لتستقبل بذلك طائرات ضخمة، مما يعني التوسع العسكري هذا أبعد بكثير من
احتياجاتها العسكرية لقمع الثورة السورية أو محاربة تنظيم الدولة.
طرطوس وحميميم.. أدوات نفوذ إلى أفريقيا
إلى تاريخ 1991 لم يكن هناك وجود للأسطول
الروسي البحري في البحر الأبيض المتوسط، باستثناء نقطة بحرية لتقديم خدمات للأسطول
البحري الروسي الخامس الذي يوازي الأسطول السادس الأمريكي، وكانت مثل هذه الخدمات
تساعد الرحلات البحرية الروسية الطويلة المدى، إلى المحيطين الأطلسي والهندي، ومع
انهيار الاتحاد السوفياتي انعكس ذلك سلباً على إنفاق موسكو على قواعدها في الخارج،
فانسحب الاسطول الروسي من طرطوس وبقيت منشأة خدماتية مهترئة حتى عام 2012 حيث
كانت تقوم بخدمة السفن البحرية الروسية،
وتحديداً القادمة من البحر الأسود، وهو ما يؤكد العلاقة العسكرية بين البحرين
المتوسط والأسود، ومع اندلاع الثورة السورية، فكرت روسيا بإخلاء المنشأة البحرية،
لاسيما مع ترنح النظام، لكن الأمر اختلف فجأة عام 2015 حين قررت غزو سوريا، والبدء
في تجديد وتوسعة قاعدة طرطوس البحرية،
بحيث تستقبل سفناً حربية ومن بينها سفينة تعمل بالوقود النووي، كل ذلك تحت ذريعة
محاربة تنظيم الدولة" داعش".
ومع تمدد روسيا عسكرياً، وفي المفاصل
الرئيسية للدولة السورية، وصل الأمر إلى شراء أصول في الدولة السورية، بدأت تتخذ
القاعدة أبعاداً أكثر من سوريا، فكان أن نجح التحرك الروسي عام 2018 في إقناع
الرئيس السوداني عمر حسن البشير لزيارة رئيس النظام السوري بشار الأسد، في مسعى
روسي لكسر الحصار العربي عن النظام، وقامت طائرة روسية بالإقلاع من قاعدة حميميم
إلى الخرطوم، لجلبه إلى دمشق ولقاء الأسد، على أمل أن يشكل ذلك تطبيعاً مع النظام،
ومقدمة لإعادته إلى الجامعة العربية، وكانت موسكو تأمل من خلال هذه الخطوة أن
تندفع دول عربية أخرى وراءها، فقد كانت حتى تلك الفترة غاضبة من سياستها الخارجية
لعجزها عن استثمار ما تراه انتصاراً عسكرياً في سوريا، وتحويله إلى انتصار سياسي،
مدخله فك الحصار عن نظام الأسد.
إن الانتشار الروسي العسكري والتسليحي في القواعد السورية يمكن استخدامه في صراعات روسيا بالشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لاسيما مع تعزيز نفوذها في المنطقتين
ومع سقوط البشير في انتفاضة شعبية عام 2019،
سريعاً ما كان الضحية الأساسية لهذا السقوط، تراجع زخم موجة تعويم الأسد وكسر
الحصار عنه، فقد أظهر قائد المجلس العسكري السوداني الجديد الجنرال عبد الفتاح
البرهان، رغبة جامحة للإصلاح مع الغرب، وترميم علاقات متوترة تاريخياً بين نظام
البشير والغرب، فاختلفت الأولويات السودانية، وهو ما أدى واقعاً إلى فرْملة
التطبيع السوداني تجاه الأسد والتي كان قد
بدأها البشير.
لكن هذه الانتكاسة، قابلها فرصة روسية في
أفريقيا، بسحب الدعم الفرنسي عن رئيس جمهورية وسط أفريقيا فوستان أرشانج كواديرا،
لتسارع موسكو إلى ملء الفراغ، بدعم الرئيس فوستان عبر إرسال مليشيات فاغنر، معززة
بالأسلحة والذخائر، واستخدمت لذلك قاعدة حميميم كمحطة ومنصة، وبهذا تكون موسكو قد خرقت حظر الأمم المتحدة في توريد السلاح
لأفريقيا الوسطى، وهو ما كشفه تحقيق صحافي روسي من ثلاثة صحافيين قتلوا في ظروف
غامضة في أفريقيا الوسطى، وفُسر على أنه تجاوز للخطوط الحمر الروسية في المنطقة.
في السادس والعشرين من شهر أيار/ مايو الماضي
رصدت الأجهزة الغربية وصول طائرة ميغ 29 الروسية إلى قاعدة الجفرة الليبية قادمة
من قاعدة حميميم، مما شكل ) دليلاً واضحاً على الدور المركزي الذي تلعبه قاعدة
حميميم في تعاظم الوجود الروسي في البحر المتوسط وأفريقيا. ولاحظ تقرير
استخباراتي أمريكي أن 14 طائرة عسكرية روسية من طرازميغ29، وسوخوي 24أقلعت من
روسيا إلى قاعدة حميميم في سوريا، حيث تم طلاؤها هناك، لإخفاء هويتها الروسية قبل
أن تقلع إلى ليبيا.
لعبت قاعدة حميميم من جانبها دوراً وبعداً
جديداً آخر في تسهيل حركة المرور الجوية للطائرات الروسية المتجهة إلى قاعدة
الوطية الليبية، وكذلك إلى بنغازي من خلال نقل الأسلحة والذخائر والمعدات
العسكرية، وقد تحدثت التقارير عن دور القاعدة في نقل مرتزقة حتى إلى فنزويلا. وذلك
قبل أن تفقد قوات خليفة حفتر المتحالفة مع روسيا لقاعدة الوطية التي كانت تلعب ذلك
الدور. وكان من أهم وظائف قاعدة حميميم نقل المرتزقة من السوريين التابعين للنظام
للقتال في صفوف قوات حفتر، على أمل تقوية حلفائها وتعزيز حضورها في أفريقيا،
بالإضافة إلى تعزيز سياستها في تعويم النظام السوري وسط العالم العربي،وهو ما جوبه
لاحقاً بصد وردٍّ عربي قوي، تجلّى ذلك في الاستدارة التي حصلت بالتحرك الأردني
والليبي وحتى المصري ضد التطبيع مع النظام السوري، وهو ما يتناقض تماماً مع الرغبة
الروسية بترجمة انتصارها العسكري الجزئي إلى انتصار سياسي، وينقل تحقيق مطول
للفايننشال تايمز عن جيمس جيفري المبعوث الأمريكي السابق لدى المعارضة السورية
قوله: "إن التدخل الروسي في سوريا عام 2015 لم يكن عنوانه دعم ومساندة الأسد،
وإنما تقوية نفوذ روسيا في الشرق الأوسط، وتأمين القاعدة البحرية في المتوسط."
حميميم.. أبعد من سوريا
أغْرى الانتصار العسكري الروسي الجزئي في
سوريا شهية الروس في التمدد ما بعد سوريا، فقرر أن يجعل من قاعدتيه في طرطوس
وحميميم قواعد متقدمة للتمدد والتوسع.ويرى خبراء بأن أفق روسيا فيما بعد سوريا
والمتوسط ، يتركز على انخراط أكثر في المتوسط، والحرص على تنميته وتطوره في
السنوات المقبلة ما دامت هذه القواعد تدعم إعادة الاستثمار الروسي في الشرق الأوسط
وشمال أفريقيا،وقد برزت قيمة قاعدة حميميم حتى في الحرب الأوكرانية إذ يتحدث
خبراء بأن السفن البحرية الروسية، لن تكون قادرة على مواصلة ودعم الانتشار البحري المتقدم
في غياب نقاط دعم لتسهيل الحركة، لاسيما اسطول الشمال الروسي أثناء مروره باتجاه
البحر الأحمر، وكذلك إلى غربي المتوسط، بما فيها انتشار السفن النووية في القاعدة.".
التهاون الغربي في إسقاط النظام السوري منذ بداية الثورة الشعبية ضده، وفّر فرصة ذهبية للنظام في أن يفلت لـ 12 عاماً من العقاب، وهو ما سيشجع مستبدين آخرين على السير على نفس المنوال، وشجع كذلك روسيا على دعم نظام الأسد الذي استخدم الكيماوي 217 مرة بحسب الخوذ البيضاء، ليكون نواة لاستراتيجية روسية شاملة في دعم الأنظمة الإستبدادية
ومن المحتم والمؤكد فإن الانتشار الروسي
العسكري والتسليحي في القواعد السورية يمكن استخدامه في صراعات روسيا بالشرق
الأوسط وشمال أفريقيا، لاسيما مع تعزيز نفوذها في المنطقتين،إذ نجحت موسكو بذلك في
تقديم نفسها كبوليصة تأمين للأنظمة الاستبدادية والدول الضعيفة التي ترهن نفسها
مقابل حماية أنظمتها، وتوفير دعم لها، وقد رأت موسكو ذلك بشكل مباشر وقريب المدى
في وقوفها إلى جانب رئيس النظام السوري، مما شكل سابقة بقدرته وقدرة أمثاله على
الإفلات من العقاب مهما فعلوا بشعوبهم. بالإضافة إلى المكاسب التي جنتها روسيا من
وراء وجودها في القاعدتين عبر إضعاف النفوذ الأطلسي في جنوب المتوسط، مما يخفف
الضغوط الأطلسية على روسيا، خصوصاً وأن قاعدة طرطوس البحرية السورية تعد القاعدة
البحرية الروسية الوحيدة التي تبقت لموسكو خارج أراضيها.
هذا الوجود الروسي تحرّش غير مرة
بالأمريكيين الموجودين في سوريا، ليصل في بداية أيلول الماضي أن ترسل روسيا طائرة
عسكرية لقصف قاعدة التنف الأمريكية في الشرق السوري حيث يتمركز مئات من القوات
الأمريكية، ولم يسجل وقوع ضحايا، وأتبعته روسيا بإرسال بارجة نووية إلى المتوسط
لردع قوات النيتو، وتقديم دفاع خارجي لعملياتها في البحر الأسود."[10] لكن
مقابل ذلك فإن أمريكا ليست صامتة إزاء التمدد الروسي والصيني، فهي تقوم بتعزيز
وجودها في قواعد يونانية مقلقة للأتراك، كما التفتت إلى القوة الناعمة، حين أطلقت
منتدى الغاز لشرق المتوسط والذي ضم إيطاليا، ومصر والسلطة الفلسطينية وإسرائيل
واليونان والأردن، وقبرص، مع احتفاظ الولايات المتحدة والاتحاد الأوربي بعضوية مراقب.
يبقى القول إن كل الاستعدادات والتحضيرات
الروسية في حميميم، ومن بينها طبيعة الأسلحة المنصوبة، وأنواعها، وحتى استخداماتها
تشير بشكل واضح إلى أن الوجود الروسي في القاعدة أبعد من سوريا وقمع الثورة
السورية، ومحاربة تنظيم الدولة، وتحدث كثير من الخبراء العسكريين المراقبين للواقع
السوري عن أن روسيا لم تكن تركز على محاربة تنظيم الدولة مقارنة بالحرص على حماية
النظام السوري، ومحاربة القوى الثورية التي كانت تقاتله، وكان لتجريب روسيا أكثر
من 320 نوع من الأسلحة فرصة لترويج بيع السلاح الروسي، وقال سيرغي تشيميزوف
مدير شركة "روستيخ" للأسلحة، في فبراير 2017، إن "العملية العسكرية في
سوريا دعاية مجانية للصواريخ والطائرات والسفن الحربية الروسية". وبحسب خبراء،
فإن النجاحات التي حققتها الأسلحة الروسية كانت سببًا رئيسيًا في تغيير سير
المعارك التي مالت كفتها بشكل كبير لصالح قوات النظام السوري، واستثمرت موسكو هذه
الانتصارات سياسيًا واقتصاديًا وإعلاميًا لتعلن أن فرصة اختبار الأسلحة في أرض
المعارك هي خير برهان على جودتها.
ويرى البروفيسور في معهد التقييمات
الاستراتيجية إيفان كونوفالوف، أن بعض الأسلحة الروسية ستكون أكثر طلبًا بعد
مشاركتها في الحرب بسوريا، مشيرًا إلى أن استعراض قدرات الأسلحة الروسية في سوريا
كان ناجحًا رغم أنه لم يكن هدفًا من العملية العسكرية الروسية. وبعيداً عن هذه
الأغراض التي حققتها القاعدة كانت
الإستراتيجية الروسية تقوم على منع الغرب
من الاعتماد على النفط والغاز الليبيين، ليكون أسير ورهينة الغاز الروسي، وذكر
كاتب في الفورين بوليسي بأن"احتياطيات النفط المؤكدة في ليبيا تبلغ 48 مليار
برميل والغاز الطبيعي 53 تريليون قدم مكعب، كما تمتلك 39% من إجمالي احتياطيات
النفط في أفريقيا، وبذلك تعد ليبيا عملاق طاقة محتمل على أعتاب قارة أوروبا، ففي
عام 2020 باعت 63% من صادراتها إلى القارة (في المقام الأول إيطاليا وإسبانيا
وألمانيا)، إذ بلغ الإنتاج أكثر من مليون برميل يوميا في عام 2021.
ومنذ عام 2020 انتقلت مليشيا فاغنر إلى وضع
يسمح لها بعرقلة كل الإنتاج الحالي في ليبيا و منع أي جهد مستقبلي من قبل الاتحاد
الأوروبي الذي يتطلع إلى الحد من الاعتماد على الطاقة في روسيا بالاستفادة من
الطاقة في ليبيا." ويتسق التحرك الروسي في البحر المتوسط بقاعدة حميميم
وطرطوس، مع التحرك الصيني في ميناء طرابلس بلبنان وموانئ أخرى مطلة على المتوسط في
كل من إسرائيل واليونان ولبنان وتركيا ومصر وسوريا، وقد يؤثر هذا النفوذ على قدرة
الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي على المناورة في المنطقة.
وما كان يبدو تحالفاً تكتيكياً مؤقتاً بين
مثلث أضلاعه روسيا والصين وإيران، في سوريا غدا تحالفاً استراتيجياً بين هذه الأطراف
في أوكرانيا يدفع ثمنه الغرب وتحديداً أمريكا، وكل ذلك حصل تحت غطاء مكافحة هذه
الأطراف لما تصفه بالإرهاب والتطرف، فكان ذريعة لنشر كل أسلحتها ومدّ نفوذها في
المنطقة على حساب التراجع في النفوذ الغربي والامريكي تحديداً.
الخلاصة
تخلص الورقة إلى أن التهاون الغربي في إسقاط
النظام السوري منذ بداية الثورة الشعبية ضده، وفّر فرصة ذهبية للنظام في أن يفلت
لـ 12 عاماً من العقاب، وهو ما سيشجع مستبدين آخرين على السير على نفس المنوال،
وشجع كذلك روسيا على دعم نظام الأسد الذي استخدم الكيماوي 217 مرة بحسب الخوذ
البيضاء، ليكون نواة لاستراتيجية روسية شاملة في دعم الأنظمة الإستبدادية، وأدى
هذا التهاون الغربي إلى تعزيز روسيا لقاعدتين بحرية وجوية في الساحل السوري، بدت
أغراضها أبعد من سوريا، وعلى حساب النفوذ الغربي تحديداً في أفريقيا، وحتى في أوكرانيا، وربما في المستقبل أبعد من ذلك كله.
وتبرز الورقة بأن الجرح السوري الذي تلوّث لسنوات سيصيب من حوله، وقد أصاب من حوله
عبر نقل مليشيات فاغنر، وتدخلات روسية في دول أفريقيا بما يعود بالضررعلى المصالح
الغربية في منطقة كانت حكراً عليها.