انقسمت دول جوار
النيجر، بشأن خيارات التدخل العسكري الذي لوحت به المجموعة الاقتصادية لدول غرب
أفريقيا (
إيكواس) بهدف إعادة رئيس النيجر المنتخب محمد بازوم.
وتتقاسم النيجر الحدود مع سبع دول هي: الجزائر ولبيبا ونيجيريا وبنين، وتشاد، ومالي، وبوركينافاسو.
وكان زعماء المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) لوحوا باتخاذ إجراءات عسكرية ضد المجلس العسكري في النيجر، بعد أن استولى على السلطة في
انقلاب الأسبوع الماضي.
وأمهل قادة (إيكواس) المجلس العسكري، سبعة أيام، لإعادة الرئيس محمد بازوم المحتجز، إلى منصبه.
تلويح بالانسحاب
وقد عبرت ثلاث دول من جوار النيجر بشكل صريح عن رفضها لأي تدخل عسكري أجنبي في هذا البلد.
وقالت مالي وبوركينافاسو في بيان مشترك، إن أي تدخل عسكري في النيجر سيؤدي إلى انسحابهما من المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس" وإلى "تبني تدابير للدفاع المشروع دعما للقوات المسلحة والشعب في النيجر".
ومن جانبه، اعتبر المجلس العسكري الحاكم في غينيا كوناكري أن التدخل العسكري في النيجر "سيؤدي إلى تفكك مجموعة إيكواس"، مضيفا أن عقوبات المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا"غير شرعية"، ولن يتم الالتزام بها.
وأوضح المجلس العسكري الغيني في بيان صادر عنه، أن "شعوب غينيا ومالي وبوركينا فاسو والنيجر تتطلع إلى احترام سيادتها".
من جهتها، حذرت الجزائر من التدخل العسكري الأجنبي في جارتها الجنوبية النيجر، معتبرة أن من شأن ذلك "تعقيد الأمور وزيادة خطورة الأزمة الحالية".
ودعت وزارة الخارجية الجزائرية في بيان صادر عنها، إلى "الحذر وضبط النفس أمام نيات التدخل العسكري الأجنبي، التي تعتبر للأسف خيارات غير مستبعدة ويمكن اللجوء إليها".
لكن الجزائر عكس الدول الثلاث الأخرى، عبرت عن تمسكها بالعودة للنظام الدستوري، واحترام متطلبات دولة القانون في النيجر، ودعم الحكومة الجزائرية للرئيس محمد بازوم باعتباره "رئيسا شرعيا" للبلاد.
داعمون للتدخل العسكري
في المقابل عبرت دولتان من دول جوار النيجر هما نيجيريا وبنين، عن دعمها لخيارات المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس)، فيما لم تصدر مواقف واضحة من تشاد وليبيا الجارتين لهذا البلد الغرب أفريقي.
وقد عبرت نيجيريا التي تقود حاليا المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، عن رفضها للانقلاب العسكري في النيجر، مشددة على ضرورة عودة الرئيس بازوم، حتى إذا تطلب ذلك تدخلا عسكريا.
من جهتها، أكدت بنين دعمها لأي قرار تتخذه "إيكواس" بشأن النيجر، فيما لم تصدر مواقف واضحة من ليبيا.
ولم يصدر موقف واضح من تشاد التي تخوض وساطة في الأزمة النيجرية، وقد زار رئيسها محمد إدريس ديبي قبل أيام العاصمة نيامي، وتباحث مع مختلف الأطراف المعنية.
متنفس لـ"نيامي"
وقد استبعد الباحث الموريتاني المختص في الشؤون الأفريقية إسماعيل ولد الشيخ سيديا، أن يشكل رفض بعض دول جوار النيجر التدخل العسكري في نيامي، أي عقبة أمام مساعي "الإيكواس" بخصوص التدخل العسكري لإعادة بازوم.
لكنه، اعتبر في تصريح لـ"
عربي21" أن رفض دول جوار النيجر للتدخل العسكري ودعم بعض هذه الدول بشكل واضح للانقلابيين، قد يشكل متنفسا لنيامي في وجه الحصار الغرب أفريقي.
ولفت ولد الشيخ سيديا إلى أن الجزائر وليبيا وتشاد، بالإضافة إلى مالي وبوركينافاسو سيكون لهم دور كبير في الحد من تداعيات حصار دول مجموعة غرب أفريقيا للنيجر.
وأضاف: "لكن الجاذبية الروسية التي قد تجمع النيجر بجارتيها (مالي وبوركينافاسو) قد تشكل حجر عثرة أمام استخدام القوة لاحقا إن لم تظهر روسيا تقاعسا أو إنهاكا أمام الاستنهاض النيجيري غير المباشر".
وأشار إلى أن بوركينا فاسو ومالي رفضتا التدخل العسكري لأنهما معنيتان بشكل مباشر بالحالة النيجرية الانقلابية وتلامساتها جغرافيا وإنسانيا "وكل استهداف للانقلاب في النيجر هو بشكل مباشر وغير مباشر استهداف لهما".
أما الباحث المهتم بالشأن الأفريقي، الخليفة ولد أحمد، فقد اعتبر أن تلويح مالي وبوركينافاسو، بالوقوف إلى جانب الانقلابيين في النيجر، سيربك بشكل كبير "إيكواس".
وأضاف في تصريح لـ"
عربي21": "لن تستطيع المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا (إيكواس) مواجهة ثلاث دول أفريقية، لذلك أرى أن الحلول الدبلوماسية والحوار ستكون هي خيار المجموعة خلال الأسابيع القادمة".
تحالف مواز
والأربعاء، أعلن المجلس العسكري الحاكم في النيجر إعادة فتح حدود البلاد مع 5 دول مجاورة، بعد أسبوع على إغلاقها إثر الانقلاب العسكري.
وقال المتحدث باسم المجلس العسكري الكولونيل أمادو عبد الرحمن في بيان تلاه على التلفزيون الرسمي النيجري، أن البلدان المعنية هي الجزائر، وبوركينا فاسو، ومالي، وليبيا، وتشاد، وذلك اعتبارا من 1 آب/ أغسطس 2023.
ويرى متابعون أن فتح النيجر حدودها مع خمس من دول الجوار، وإيفادها الرجل الثاني في المجلس العسكري الحاكم بنيامي ساليفو مودي إلى مالي وبوركينا فاسو، خطوة يحاول من خلالها عسكريو نيامي كسر حصار "إيكواس" عبر تشكيل تحالف مواز، يضم أساسا الدول التي تحكمها أنظمة عسكرية انقلابية، وبلدان أخرى لا تؤيد التدخل العسكري في البلاد.
ولا يستبعد متابعون أن يمد انقلابيو النيجر جسورا مع روسيا، ومجموعة فاغنر من أجل نشر قوات في البلاد، خصوصا أن قائد هذه المجموعة يفغيني بريغوجين، سبق أن اعتبر ما حصل في نيامي "ليس سوى كفاح شعب النيجر ضد المستعمرين الذين يحاولون فرض نمط حياتهم عليهم".