10 سنوات كاملة، ومنذ انقلاب قائد
الجيش
المصري عبدالفتاح
السيسي، على الرئيس الراحل محمد
مرسي، 3 تموز/ يوليو 2013،
كان للدعم المالي الخليجي والمؤازرة في المحافل الدولية دور في تمكين السيسي
واستمرار حكمه، فيما كان لأجهزة ومخابرات دول غربية وشبكات اتصالاتها دور بوصول
البلاد لما آلت إليه أحوالها الآن.
العديد من التقارير الصحفية المنشورة
حديثا والتي جرى نشرها على مدار سنوات أشارت إلى ما قدمته دول خليجية ودول أوروبية
وإسرائيل وأمريكا من دعم لنظام السيسي، وتسليحه بمنصات مخابراتية لمواجهة معارضيه،
والتجسس عليهم ومساعدته في توقيفهم، أو كشف أسرارهم الشخصية.
"تجسس لصالح السيسي"
وبعد يومين من الذكرى العاشرة لانقلاب
السيسي، وتحديدا يوم 5 تموز/ يوليو الجاري، كشف الموقع الاستقصائي الأمريكي "the gray zone" عن وثائق مسربة
تظهر أن وكالة "رويترز" للأنباء، عملت من (2012 وحتى 2017)، للإطاحة
بالرئيس مرسي، وتثبيت ودعم حكم السيسي.
الموقع، أكد أن الوكالة تعاونت مع
وزارة الخارجية البريطانية لقيادة الأحداث المصيرية في 3 تموز/ يوليو 2013، بإطلاق
موقع "أصوات مصرية"، وتدريب جيش قوامه 300 صحفي لهذا الغرض، دوره
التغطية على جرائم السيسي بحق المصريين، وخاصة في مجزرة "رابعة" 14 آب/
أغسطس 2013.
وأشار كذلك إلى دعم واشنطن ولندن،
للسيسي، الذي اتهمته بتقويض المكاسب الديمقراطية التي حققها المصريون عقب ثورة
يناير 2011.
وقبل نحو أسبوع، وبمناسبة الذكرى
العاشرة لأحداث 30 حزيران/ يونيو 2013، كشف موقع "إنتلجنس أونلاين"
الاستخباراتي عن شراء جهاز المخابرات المصرية منصة "Webint
Center " الاستخباراتية من شركة
"بلير" الإسرائيلية عبر وسطاء من سنغافورة، والتي ساهمت في توقيف
النشطاء والمعارضين ورافضي الانقلاب.
تلك المنصة الإسرائيلية لديها القدرة
على مراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، وتحديد الموقع الجغرافي للهدف، فيما جرى
تزويد قسم البحوث التقنية (TRD)
بالمخابرات العامة المصرية بامتداد لمراقبة مواقع الإنترنت المظلم "دارك
ويب".
وفي الوقت الذي قامت فيه حكومة السيسي،
بحجب أكثر من 600 موقع إلكتروني معارض لنظامه منذ منتصف العام 2017، لجأ آلاف
المعارضين لمواقع فك الحظر المعروفة عبر الإنترنت، إلا أن إسرائيل سيطرت لاحقا على
5 من أهم تلك المواقع، مقدمة خدماتها المعلوماتية لنظام السيسي.
القصة كشفت عنها وكالة
"رويترز" في 13 أيلول/ سبتمبر 2021، بإعلانها استحواذ شركة "Kape Technologies PLC" الإسرائيلية
البريطانية المزودة لبرامج الأمن الرقمي على بعض مواقع "VPN" الهامة التي يتخفى خلفها المعارضون المصريون،
ومنها شركة "ExpressVPN".
ووفق تحقيق لـ17 مؤسسة إعلامية فرنسية
ألمانية وإنجليزية وأمريكية، نشرته في تموز/ يوليو 2021، جرى الكشف عن محاولة
اختراق لهواتف 180 صحفيا و600 سياسي و85 ناشطا و65 رجل أعمال، عبر برنامج
"بيغاسوس" الإسرائيلي، في 45 دولة، بينها 17 دولة عربية منها مصر، ما
اعتبره مراقبون إحدى نقاط التعاون الأمني والاستخباراتي بين نظامي القاهرة وتل
أبيب.
ولم ينته الأمر عند تجسس
"بيغاسوس"، بل إنه ووفق موقع "01net"،
كشف مختبر "سيتيزن لاب" الكندي المتخصص في الأمن العالمي، في 11 نيسان/
أبريل 2023، عن برنامج التجسس الإسرائيلي الأحدث "QuaDreams"،
الذي يجري استخدامه لمراقبة الصحفيين والسياسيين والمعارضين في دول عربية منها
مصر.
وكانت فضيحة العملية "سيرلي"
وتورط فرنسا بقتل 19 مصريا على حدودها مع ليبيا بين أعوام 2016 و2018، والتي كشف
عنها موقع "ديسكلوز" الاستقصائي تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، الأكثر
تأكيدا لتورط المخابرات الغربية في جرائم نظام السيسي بحق المصريين.
وفي شباط/ فبراير 2016، بدأت فرنسا
مهمة "سيرلي" الاستخبارية لحساب مصر في إطار مكافحة الإرهاب، لكن المهمة
خرجت عن أهدافها بتورط فرنسا في دعم نظام السيسي بمواجهة معارضيه.
وفي تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، كشف موقع "سيرفيلانس ديسكلوز"، عن
نظام سيبراني ضخم للمراقبة أقامته 3 شركات فرنسية ساعد نظام السيسي، في
"أعمال القمع غير المسبوقة"، التي أدت إلى اعتقال نحو 65 ألف مصري، بحسب
الموقع.
وبحسب تحقيق الموقع الفرنسي، قامت شركة
"نيكسا تكنولوجيز" بتثبيت برنامج لمراقبة الإنترنت، وأنشأت "إيكروم
سنريز" جهازا للتنصت على الهاتف وتحديد الموقع الجغرافي، فيما بنت شركة
"داسو سيستيم" محرك بحث ربط قواعد البيانات المختلفة، خدمة للنظام
المصري.
وأكد الموقع أن الإمارات خصصت 168
مليون دولار عام 2013، لتزويد السيسي بالتجسس الرقمي، مشيرا لاستئجار أبوظبي شركة
"لمركزة" ملايين المعلومات التي جمعتها الشركات الفرنسية والنظام
المصري، لإنشاء قاعدة البيانات الرقمية لبطاقات الهوية المصرية وجوازات السفر
المتاحة لها.
"لقاءات استعادة الشرعية"
وفي الوقت الذي كان يرتكب فيه السيسي،
المذابح بحق شعبه، ويسجن آلاف المصريين دون محاكمات عادلة، وبالرغم من المناشدات
الحقوقية التي لم تنته منذ انقلابه حتى اليوم، كان الدعم السياسي والدبلوماسي
الغربي والخليجي للسيسي كبيرا.
حيث تمت استضافة السيسي في أغلب
العواصم الأوروبية والخليجية وفي الأمم المتحدة، كما زار القاهرة للقاء السيسي
الكثير من الرؤساء الغربيين والخليجيين، ما مثل دعما وقبولا بشرعية السيسي، وعدم
اعتراف بما تعتبره المعارضة انقلابا عسكريا على رئيس شرعي منتخب، الراحل مرسي.
ووفق كتاب "الزيارات الخارجية
واللقاءات الدولية"، والذي يوثق للزيارات الخارجية واللقاءات الدولية للسيسي،
والصادر عن الهيئة العامة للاستعلامات، فإن جولاته الخارجية بلغت 138 زيارة إلى 50
دولة في 8 سنوات من (2014- 2022).
41 زيارة للدول العربية والخليجية 13
منها للسعودية، و40 لدول أوروبا أهمها ألمانيا وفرنسا وبريطانيا واليونان وقبرص،
فيما زار السيسي أمريكا 8 مرات 6 منها لنيويورك للمشاركة باجتماعات الأمم المتحدة،
فيما قام السيسي خلال العام الأول لحكمه 2014، بأكثر عدد زيارات خارجية بلغت 27
زيارة.
الدعم الأمريكي
ومنذ اللحظة الأولى لانقلاب 3 تموز/
يوليو 2013، عجزت الدبلوماسية الأمريكية في عهد الرئيس باراك أوباما، عن الانتصار
للشرعية ومنع انقلاب عسكري مكتمل الأركان.
ورغم التلويح بقطع المعونة العسكرية؛
إلا أن واشنطن لم تتخذ أي إجراء بمواجهة جرائم السيسي، وظل حاضرا في جميع اجتماعات
الأمم المتحدة في نيويورك لـ6 سنوات، بجانب زياتين لواشنطن.
كما تلقى السيسي، الكثير من الدعم
الأمريكي عبر نواب الكونغرس وخاصة الجمهوريين منهم، وتوالت صفقات السلاح الأمريكية
له، بجانب عمل العديد من شركات العلاقات العامة الأمريكية لصالح تجميل صورة السيسي
لدى الرأي العام الغربي، مثل شركة "ويبر شاندويك".
وزارة العدل الأمريكية كشفت، في شباط/
فبراير 2019، عن تعاقد المخابرات المصرية مع شركة "كاسيدي أند أسوشيتس"
مقابل 50 ألف دولار شهريا لتحسين العلاقات مع الحكومة الأمريكية، والتعاقد مع
مجموعة الضغط "جلوفر بارك"، منذ تشرين الأول/أكتوبر 2013 مقابل 3 ملايين
دولار سنويا، تتحملها الإمارات.
ومع قدوم الرئيس الأمريكي السابق دونالد
ترامب، للحكم (2017- 2021)، فتح الباب على مصراعيه لاستقبال السيسي، في واشنطن عام
2017، ودعمه بل ووصفه بـ"ديكتاتوري المفضل".
وبرغم، ما أعلنه المرشح الرئاسي جو
بايدن عام 2020، من أنه "لن يعطي شيكات على بياض لديكتاتور ترامب
المفضل"، وانتقد ملفه في حقوق الإنسان، إلا أن بايدن الرئيس، عاد ومنح
السيسي، الكثير من الثناء في أيار/ مايو 2021، لدوره في التهدئة بفلسطين.
لم يكن الدعم الدبلوماسي الأمريكي فقط
حاضرا للسيسي، بل كان الدعم العسكري أيضا، ففي كانون الثاني/ يناير 2022، أعلنت
واشنطن عن صفقتي سلاح لنظام السيسي بقيمة 2.5 مليار دولار، الأولى بقيمة 2.2 مليار
دولار نظير 12 طائرة طراز "C-130J Super Hercules"،
والثانية بقيمة 355 مليون دولار لأنظمة دفاع جوي.
دعم صندوق النقد
الدعم الغربي الاقتصادي بدا لافتا في
لقاءات السيسي، مع رؤساء الشركات الدولية أبرزهم رئيس شركة "تويوتا"
اليابانية، ورئيس شركة "سيمنز" الألمانية، ورئيس مجلس إدارة شركة PRL الأمريكية للسكك الحديدية، ورئيس شركة
"شنايدر إليكتريك" العالمية، وغيرها.
ولكن، مع انتهاء السيسي، من مشروع حفر
تفريعة قناة السويس، الذي التهم نحو 64 مليار جنيه من مدخرات المصريين بنحو 8
مليارات دولار، وبرغم الدعم المالي الخليجي الذي يربو على 50 مليار دولار بحسب بعض
التقديرات، بدأت أزمته المالية تتفاقم ما دفعه للتوجه للاقتراض من صندوق النقد
الدولي.
فكان الاتفاق الأول مع الصندوق تشرين
الثاني/ نوفمبر 2016، بالحصول على قرض بـ12 مليار دولار، تبعته إجراءات تقشف كبيرة
وخطة لتعويم العملة المحلية التي فقدت الكثير من قيمتها لتتحرك من معدل 7 جنيهات
مقابل الدولار إلى نحو 40 جنيها في السوق السوداء في 2023.
رحلة السيسي، مع صندوق النقد تواصلت
عام 2020، بالتزامن مع جائحة كورونا، حيث حصلت البلاد على قرض بنحو 5.4 مليارات دولار، ليصل ما حصلت عليه مصر من صندوق النقد إلى نحو 20.2 مليار دولار في 5
سنوات.
ليقر الصندوق اتفاقا آخر نهاية 2022،
بقيمة 3 مليارات دولار حصلت القاهرة على الشريحة الأولى منها، مع فرض إجراءات
قاسية بينها بيع الأصول والشركات العامة للمستثمرين.
وحصلت مصر على نحو 160 مليار دولار من
جهات تمويل دولية وبنوك أجنبية أكثرها غربية، ما وضع البلاد في ظل أزمة اقتصادية طاحنة
أصبحت مع تفاقم خدمة الدين على شفا الإفلاس، وفق العديد من التقارير الدولية.
صفقات السلاح
كانت صفقات السلاح بين القاهرة وعواصم
أوروبا من باريس ولندن وبرلين وروما وحتى واشنطن، هي العنوان الأهم الكاشف عن حجم
تعاون الغرب مع نظام السيسي، بل ودعمه وتقوية ظهره.
وعلى مدار سنوات استيلاء السيسي، على
السلطة وحكمه للبلاد، يواصل معهد "استوكهولم الدولي لأبحاث السلام"
(سيبري)، رصد صفقات السلاح التي أجراها بشكل سنوي، وكانت أحدث التقارير في هذا
الإطار، في 15 مارس/ آذار 2022.
التقرير أكد أن مصر جاءت بالمركز
الثالث عالميا بنسبة 5.7 بالمئة تماما كما في تقرير السنوات السابقة للمعهد،
(2017- 2021) و(2016- 2020)، و(2015- 2019)، إذ ارتفعت مشتريات السلاح المصرية
بنسبة 225 بالمئة.
أهم الدول التي باعت لمصر السلاح كانت
روسيا بنسبة 41 بالمئة، تلتها فرنسا 28 بالمئة، ثم أمريكا بنسبة 8.7 بالمئة، بجانب
ألمانيا وإيطاليا وبريطانيا، فيما اشترت مصر أسلحة بقيمة تخطت 34 مليار دولار
تقريبا، من 2016 حتى 2020.
الدعم الإسرائيلي
قدمت تل أبيب الدعم العلني لانقلاب
السيسي، منذ لحظاته الأولى، وساهمت في منحه الشرعية الدولية، كما واجهت الانتقادات
الدولية الموجهة للسيسي بسبب ما ارتكبه من قمع وانتهاك لحقوق الإنسان، بجانب دعمه بالتكنولوجيا
اللازمة للتجسس على معارضيه.
وفي كانون الثاني/ يناير 2014، كشفت
إذاعة الجيش الإسرائيلي أن رئيس دولة الاحتلال شمعون بيرس ورئيس الوزراء بنيامين
نتنياهو، طالبا باجتماعاتهم بقادة الدول بمؤتمر "دافوس" بدعم السيسي،
ماليا وسياسيا، محذرين المسؤولين الأجانب من الفوضى كأخطر تداعيات انهيار اقتصاد
مصر.
وكشفت صحيفة "معاريف" عن
برقية وجهتها وزارة الخارجية الإسرائيلية لسفراء إسرائيل في دول العالم مطالبة
إياهم بشرح الموقف الإسرائيلي المطالب بدعم السيسي.
الدعم الخليجي
وإلى جانب الدعم المالي، دشنت الرياض
وأبوظبي حملات دبلوماسية وإعلامية بقيادة وزيري الخارجية السعودي سعود الفيصل،
والإماراتي عبدالله بن زايد آل نهيان، لإقناع دول أوروبا وأمريكا بشرعية نظام
السيسي، وخطورة بقاء الإخوان المسلمين في مصر.
وخلال إفطار ما يمسى بـ"الأسرة
المصرية" في نيسان/ أبريل 2022، اعترف السيسي، بفضل الخليج قائلا: "لولا
تدخل الأشقاء العرب بعشرات المليارات من الدولارات عامي 2013 و2014، لم تكن لمصر
قائمة حتى الآن".
ومنذ اللحظة الأولى لانقلاب السيسي،
فتح الخليج خزائنه لنظام السيسي، إذ قدمت السعودية 5 مليارات دولار دعما فوريا
للسيسي، والكويت 4 مليارات دولار، والإمارات 3 مليارات دولار، ما دفع السيسي
لوصفها في تسريب له بـ"الرز".
السيسي، في 26 أيار/ مايو 2014، خلال ترشحه لانتخابات الرئاسة الأولى له عام
2014، اعترف بتلقيه مساعدات من الخليج بأكثر من 20 مليار دولار من السعودية
والإمارات والكويت، فيما بلغ الدعم المالي الخليجي لمصر، حتى عام 2015، حوالي 33
مليار دولار.
وفي آذار/ مارس 2019، كشفت مصادر
بالبنك المركزي المصري أن حجم الدعم الخليجي لمصر، منذ ثورة 25 كانون الثاني/
يناير 2011، يصل 92 مليار دولار، عبارة عن مساعدات، ومنح وقروض وودائع، ومساعدات
نفطية وعينية، خاصة عامي 2013، و2014.
السعودية، قدمت نحو 5 ودائع لنظام
السيسي، بقيمة 8 مليارات دولار، بجانب 700 ألف طن مشتقات بترولية شهريا، عبر قرض
سعودي قيمته 23.5 مليار دولار لمدة 5 سنوات.
الإمارات، قدمت للسيسي، قرضا قيمته 8.6
مليارات دولار لتمويل شراء مواد بترولية، فيما أودعت الكويت، بالبنك المركزي
المصري 4 مليارات دولار.
ومع تفاقم الأزمة المالية المصرية منذ
الربع الأول من 2022، وحلول آجال الكثير من الديون، ناشد البنك المركزي المصري دول
الخليج تمديد ودائعها لديه والبالغة نحو 28 مليار دولار حتى العام 2026.
"لولاه ما حدث انقلاب"
وفي إجابته على سؤال
"عربي21"، حول ما قدمه الشركاء الإقليميون والغرب من دعم لانقلاب السيسي
وطوال 10سنوات، قال الخبير في القانون الدولي والعلاقات الدولية الدكتور السيد
أبوالخير: "لولا الدعم الإقليمي ومثيله الخارجي ما كان الانقلاب قد حدث أصلا،
ولولاه ما استمر".
الأكاديمي المصري، أوضح أن الدعم الذي
حصل عليه السيسي، منذ 2013، كان "بكافة الطرق والوسائل والآليات المادية،
وبداية بالدعم الإعلامي بالتهجم على الرئيس مرسي، وإضعاف موقفه وإثارة الشعب عليه
بأباطيل كاذبة تم ترويجها إعلاميا".
وأشار إلى الدور الخطير لـ"الدعم
النقدي، والسياسي"، مؤكدا أن "الدعم مستمر حتى الآن وسيستمر".
وفي رؤيته لمدى تحمل السعودية
والإمارات وإسرائيل والاتحاد الأوروبي وأمريكا مسؤولية ما جرى لمصر، قال أبوالخير،
إن "المسؤولية الجنائية والمدنية تتوافر في حقهم جميعا".
وختم بالتأكيد على وجوب "تحريك دعاوى
قضائية ضدهم بالمحافل، والمحاكم الدولية، ومحكمة الجنايات الدولية، بل وطلب
التعويض لمصر وشعبها عما حدث بالسنوات العشر".
"تجريف مقومات النهوض"
وفي حديثه لـ"عربي21"، عن
الدعم الغربي لنظام السيسي، أشار الباحث المصري بالشؤون الأمنية أحمد مولانا، إلى
وثائق موقع "ديسكلوز"، الاستقصائي الفرنسي عن دعم حكومات باريس للنظام
المصري في عدة مجالات منها مراقبة وسائل التواصل الاجتماعي.
وقال مولانا، إن "مصر دولة محورية
من حيث عدد سكانها الضخم وموقعها الجغرافي الذي تمر خلاله قناة السويس، ووجودها
بجوار فلسطين المحتلة".
وأضاف: "وبالتالي تحرص دول غربية
على ألا تتمتع مصر بحكم وطني جاد ينهض بها وبالعالم العربي"، لافتا إلى أنهم
في المقابل "يدعمون الأنظمة الاستبدادية التي تجرف مقومات النهوض في مصر
بشريا وماديا".
وعن الدور الغربي والعربي في دعم
السيسي مدة سنوات، أكد الباحث المصري، أن "الخليج أراد القضاء على موجة ثورات
الربيع العربي في مصر وسوريا واليمن وليبيا، وسحق الإسلاميين، لذا دعم الجيش بمصر،
وخليفة حفتر بليبيا".
"رفضه مرسي وقبله السيسي"
وفي رؤيته، قال الناشط المصري المعارض
يحيى موسى، لـ"عربي21"، إن "ملف التدخلات الخارجية في مصر منذ
2011، مهم، ويجب كشف أسراره كحق للجيل الحالي والأجيال القادمة".
موسى، أكد أن "دولة بحجم وثقل مصر
كان من الطبيعي أن يحاول الجميع التدخل بشؤونها الداخلية لضمان مصالحهم، بعد حدث
ضخم كثورة يناير، فالدول تبحث عن مصالحها بالنهاية"، متسائلا: "لكن ما
دور السلطة وأجهزة الدولة التي يفترض بها الوطنية إزاء هذه التدخلات؟".
وأجاب: "أهم أسباب الانقلاب على
الرئيس مرسي، كان وقوفه ضد هذه التدخلات بشكل حاسم وقاطع".
وتساءل: "ماذا فعل السيسي إزاء
هذا الملف؟"، مجيبا بقوله: "قام بفتح خطوط التواصل والمساومات الخارجية
إقليميا ودوليا منذ 2012، حيث أطلق الوعود وفتح سوق المساومات والتنازلات لاسترضاء
الحلفاء والحصول على دعمهم لتنفيذ الانقلاب، وقد نجح".
واستدرك: "إلا أنه أدرك أم لم
يدرك أسس لمعادلة جديدة أصبحت فيها القوى الإقليمية وتحديدا السعودية والإمارات
شركاء في إزاحة وتنصيب الأنظمة الحاكمة بمصر، فضلا عن التدخلات غير المسبوقة
بصناعة السياسة الخارجية، وهذا أمر عانى منه السيسي نفسه لاحقا".
"كفيل ضامن"
موسى، أوضح أن "قرض صندوق النقد
الأخير الذي وافق عليه لمصر بشق الأنفس نهاية 2022، لم يتم اعتماده إلا بضمانة
سعودية وإماراتية؛ في إشارة لمعادلة جديدة صارت القاهرة فيها تحتاج لكفيل ضامن
أمام المؤسسات المالية الدولية".
وأشار إلى "قضية بيع الأصول
العامة التي تساوم فيها السعودية والإمارات حاليا باختيار أصول استراتيجية من
الأراضي والمرافق، بل والإصرار على تقدير قيمة الصفقات بالجنيه دون الدولار تحسبا
لانهياره".
"كذلك السيطرة على النظام الصحي
من مستشفيات ومختبرات، ومنظومة التعليم بامتلاك أكبر المدارس بمصر؛ تخبرنا جميعها
عن مدى التغلغل والاختراق الذي تعانيه البلاد بكافة المستويات، وهو وإن تم بموافقة
السيسي ورغبته بالبداية اتخذ الآن مسارا إجباريا لا يملك إيقافه".
الناشط المصري، لفت إلى "نموذج
للآثار الكارثية لمثل هذه التدخلات وهو موقف مصر من أزمة السودان، وكيف غلت الإمارات
يد النظام عن التدخل المنطقي للحفاظ على وحدة أراضي السودان والحيلولة دون وقوع
الخرطوم بأيدي الميلشيات، ما أدى لفوضى عارمة وموجات نزوح تعاني منها مصر".
"كذلك الموقف المصري من الحكومة
في طرابلس الليبية، ودعم انقلاب خليفة حفتر، بإيعاز ودعم إماراتي، أدى إلى أن مصر أصبحت محاطة بدول تعمها الفوضى وعدم الاستقرار من كل الجهات".
الأخطر من ذلك وفق رؤية موسى، هو أن
"دول الخليج تكونت لديها قناعة أيضا بقدرتها على توجيه النظام الحاكم في مصر
بل وتغييره إن اقتضى الأمر، وهو ما قد يعاني منه السيسي قريبا ليشرب من ذات
الكأس".