صدر في بيروت حديثا كتاب "مواقف في مناهضة
الإسلاموفوبيا"
لنخبة من المفكرين والحقوقيين العرب ومن روادهم المفكر السوري المناهض للاستبداد
د. هيثم مناع وهو الصديق العزيز ورفيق أيام الجمر والمنافي في باريس والذي تشرفت
بدعوته لبيتي الريفي الفرنسي مع زوجته اللبنانية الناشطة فيوليت داغر وابنتهما
لينا مع صديقهما وصديقي المنصف المرزوقي حين كنا ننسق أنشطة مقاومة الاستبداد في
كل من سوريا وتونس.
وقدم موقع
"عربي21" المتابع الأمين للحياة السياسية
العربية هذا الكتاب الموسوعي بالفقرة التالية: "تملأ الإسلاموفوبيا الفضاء
اليوم وتسممه فهي تتصل بنظرية صراع الحضارات وتكشف خفايا الوعي الباطن للغرائز
البدائية التي تعيد الاعتبار للشعبوية وكراهية المختلف وتتكشف فيها تناقضات
العولمة وتستفز الأصوليات، غير أنها تكشف فوق ذلك أن الهويّات الملتبسة تهدّد
الحضارة التي تزعم صونها وليس بالإمكان التعامل مع هذه الآفة دون مقاربة نقدية
متعددة الميادين بأقلام مناضلين ومناضلات جمعوا بين البحث والعمل الميداني والنضال
اليومي لمكافحة العنصرية بمختلف تعبيراتها وتابعوا تحوّل الإسلاموفوبيا في حياتهم
اليومية إلى وباء يجتاح القارة الأوروبية في مراحل انتقال جوهرية تتصارع فيها
القيم التي جعلتها رمزا للتنوير والحرية مع أكثر أسلحة الدمار الشامل بشاعة:
اعتبار "الآخر" سببا لكل العاهات والانحرافات.
وجاء الكتاب إثر إعلان الأمم المتحدة 15 آذار (مارس) يوما عالميا
لمكافحة الإسلاموفوبيا، حيث اجتمعت نخبة من هؤلاء في ندوة بحثية في جنيف بدعوة من
"المعهد الإسكندنافي لحقوق الإنسان/ مؤسسة هيثم مناع" و"مركز جنيف
للديمقراطية وحقوق الإنسان" و"منظمة الدفاع عن ضحايا العنف"
و"اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الإسلامية"، لاستعادة صفحات من هذا
النضال على الصعيدين الفكري والعملي يجمع بعض محطاتها هذا الكتاب، وأجمع الباحثون
على أن "الوظائف المطلوبة" من هذا الترهيب هي خلق حالة خوف عامة من
جاليات مسلمة تبحث عن مكانة تتناسب مع ما تقدمه للمجتمعات الأوروبية من كوادر شابة
في مختلف ميادين الحياة وخلق حالة كراهية للإسلام، هذا الدين الذي تقول الإحصائيات
أن نسبة معتنقيه دون تبشيريات ولا استعمار هي الأعلى بين الأديان الأخرى، ولكن
أيضًا: قطع الجسور بين الحضارات والثقافات والتفاعل المتبادل خاصة وأن عدد
الأوروبيين من القارة العجوز الذين يعملون في البلدان العربية وحدها وبشكل خاص في
دول مجلس التعاون الخليجي أكبر من عدد المهاجرين واللاجئين من البلدان العربية منذ
مطلع هذا القرن إلى اليوم الأمر الذي يغيبه الإعلام تماما؟
يتناول الكتاب محاور أساسية لتفكيك "لا عقلانية وديماغوجية هذه
الآفة"، حيث يحاول هيثم مناع عبر تناول الإسلاموفوبيا من أربعة محاورهي:
1 ـ كإشكالية تمس في الصميم الحديث
الغربي اليومي في "حقوق
الإنسان"، وبالتالي عدم احترام الغربيين لخطابهم المعلن كمدافعين عن الحقوق
الإنسانية.
2 ـ منطلقات "الديمقراطية العلمانية" الأساسية في أوروبا،
وانحناء العلمانيين الاستئصاليين أمام رياح الشعبوية.
3 ـ الإسلاموفوبيا باعتبارها أكثر أشكال العنصرية توسعًا وانتشارًا
في أوربا.
4 ـ مهادنة وتأييد الأطروحات العنصرية الجديدة مثل "صراع
الحضارات.
وصولًا إلى استحالة الجمع بين خطاب يتحدث عن حقوق الإنسان
والديمقراطية وحوار الحضارات من جهة وبين رهاب الإسلام الذي تعدى الأحزاب اليمينية
المتطرفة إلى أوساط اجتماعية مختلفة، وكيف نجح مع مناضلات ومناضلي اللجنة العربية
لحقوق الإنسان منذ عام 2005 في تثبيت ذلك في تقرير لمجلس أوربا:
"الإسلاموفوبيا هي التخوف أو الأحكام المسبقة تجاه الإسلام والمسلمين وما
يتعلق بهم سواء تم التعبير عنه بالأشكال اليومية للعنصرية والتمييز أو في أشكاله
الأكثر عنفًا. الإسلاموفوبيا هي انتهاك لحقوق الإنسان وخطر على التماسك
الاجتماعي".
ثم تكليف مقرر خاص للأمم المتحدة، وتأكيد مقرر المفوضية السامية
لحقوق الإنسان لمناهضة العنصرية على أن: الإسلاموفوبيا هي الشكل الأكثر خطورة
للعنصرية في أوروبا اليوم وصولًا إلى إقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة 15 آذار
(مارس) من كل عام يوما عالميا لمناهضة الإسلاموفوبيا، أما الدكتور محمد حافظ يعقوب
وفي مقاربة تاريخية سوسيولوجية يقول: "ليس السؤال من زوائد الأمور فقد صار
القول إن الإسلام يشكل تهديدًا وجودِيًا لأوروبا من نوافل الكلام وغدت الريبة
بالمسلمين وتوجيه الإتهام لهم من "طبائع" الأشياء. ألم يطرح جان دانييل
مؤسس و مدير مجلة (لونوفال ابسرفاتور) سؤالا مرعبا هو" كيف أن اللاسامية يجري
تعويضها شيئًا فشيئًا بالاسلاموفوبيا؟
أما الدكتور أنور الغربي فاختار الحديث عن الحالة الفرنسية نموذجا
لمقاربته وكيف تجري عملية استغباء المواطن العادي بالتركيز على أشياء محددة كمثل
المونديال الأخير في الدوحة: "أظهرت تغطية تظاهرة كبيرة ككأس العالم لكرة
القدم التي جرت في الدوحة قطر وما صاحبها من مشاهد وتحاليل وتحقيقات في الجانب
الفرنسي جوانب كانت مجهولة في محفزات وأساليب المصابين بهذه الآفة حيث لاحظنا التركيز
المبالغ فيه على نقد تنظيم قطر لكأس العالم والتعرض لمظاهر التدين في المجتمع
ومنها كثرة المساجد وصوت الآذان أو منع الكحول في الملاعب."
وقد تابعت الإعلام الفرنسي هذه الفترة وكنت أقول في نفسي: عندما تسمع
تحقيقًا من هذا النوع من شخص لم تطأ قدمه بلدًا عربيًا أو إسلاميًا يومًا، يُمكن
أن نقول "يجهل بلداننا"، أما من صحفي زار الدوحة والخليج عدة مرات
فالتحقيق يصبح ممجوجًا ومثيرًا للسخط.
ويختم "موقع عربي21" تقديمه للكتاب بالقول: "من
الصعب التعريف بهذا العمل البحثي والتوثيقي الهام أو اختصار ما جاء فيه وبالتأكيد فإن
من المفترض أن يأخذ مكانته في المكتبة العربية كأول كتاب جامع حول رهاب الإسلام
وضرورة النضال اليومي ضد هذه الآفة المدمرة".