تتواتر منذ السابع من أكتوبر الماضي شهادات
قامات أمينة من بلاد الغرب وأحيانا من إسرائيليين ظلوا مسكونين بهواجس زوال دولتهم
وينبهون مواطنيهم إلى مخاطر التطرف اليميني العنصري الذي لا يستغني عنه ناتنياهو
حتى يستمر عهد حكمه وهو واثق أنه مهدد بقضايا عدالة بلاده لو غادر السلطة!
هذه الحلقة العبثية المفرغة هي التي يتواصل
فيها منطق الإبادة والانتقام السهل من المدنيين الأبرياء في قطاع غزة منذ سنة
كاملة وفي
لبنان اليوم.
نلمس في الشرق الأوسط إعادة رسم الموازين وتغير مواقع القوة فاليوم مثلا الأربعاء 2 سبتمبر تأكد أن جبهات المقاومة ترد بالصواريخ على الصواريخ وتتحدى من كان يتفاخر بأنه الأقوى والأعتى سلاحا والذي لا يهزم!
وتساءل رجل الدولة الديغولية النزيه الذي
كان رئيسا لحكومة فرنسا ووزيرا لخارجيتها (السيد دومينيك دو فيلبان) هذا الأسبوع
على المباشر في قناة فضائية فرنسية قائلا: "لن ينام إسرائيلي واحد مطمئنا على
صوت صفارات الإنذار والهرع إلى المخابئ تحت الأرض وهو يعيش يومه مذعورا من رشقات
الصواريخ التي ينفذها عناصر حماس والجهاد من القطاع وينفذها الحوثيون من اليمن كما
ينفذها حزب الله من لبنان وربما الحشد الشعبي من العراق.. وأخطرها انطلقت من إيران
نفسها فجر الثلاثاء الماضي في شكل صواريخ بالستية متطورة تصنعها إيران ولا
تستوردها من الغرب وقد ضربت أغلب جهات
فلسطين المحتلة وانطلقت من مناطق عديدة في
إيران!
هذه الجبهات المفتوحة يتكاثر عددها ولا تعبأ
بردود الفعل من الكيان المحتل نظرا للفرق الكبير أولا بين مقاوم فلسطيني مولود في
أرضه وأرض أجداده وبين جيش (تساحال) القادمة فلوله من أوطان بعيدة وغريبة عن
فلسطين.
ويضيف السيد (دوفيلبان) مؤكدا الفرق الشاسع
بين الجمهورية الإيرانية ذات الخمسة ألاف سنة من التاريخ والحضارة وبين دولة نشأت
عام 1947 على الإرهاب والقتل بتهجير 700 ألف فلسطيني من بيوتهم وإحلال شتات دخيل
مكانهم!
ويقول الرجل السياسي الأمين بأن هنا يكمن
الداء الحقيقي والأصلي الذي جعل أوروبا تشعر بالذنب إزاء اليهود لأنها شاركت
ألمانيا النازية في محرقتهم التي يسمونها (الهولوكوست).
ويضيف: "هذه المأساة ستتواصل وأفضل
طريقة لإصلاح ما أفسده الدهر هو قبول إسرائيل لحل الدولتين حيث يتعود الجيل الجديد
على التعايش بسلام دون تعصب أو إلغاء للأخرين ويعود الأمن تدريجيا الى الشرق
الأوسط!".
ونلخص لكم في نفس السياق ما صرح به نائب
الشعب الفرنسي (أيميريك كارون) يوم 27 سبتمبر 2024 لقناة فرنسية حيث قال: بأن
حقيقة المعضلة الفلسطينية هي في الأصل قضية استعمارية بل هي أخر استعمار استيطاني
في العالم وفي القرن الحادي والعشرين وصنعتها أياد غربية منذ وعد بلفور 1917 وفي
نفس المرحلة وقع الوزيران ساكس البريطاني وبيكو الفرنسي باسم الامبراطورتين معاهدة
لتقسيم الشرق الأوسط بينهما وبدأت مأساة الشعوب العربية وخاصة الفلسطيني. وفي عام
1947 جاء يهود العالم من كل حدب وصوب ليستقروا في أرض اخترعوا لها جذورا تلمودية
تزعم أن ربهم وهب لهم هذه الأرض وحدهم بعرق يهودي صاف لم يلوث، وبلغنا اليوم منذ 7
أكتوبر درجة من الفظاعة غير مسبوقة أمام صمت دولي غريب تشبع بالأوهام والأكاذيب
ليترك المجازر تتم بعيدا عن المساءلة والعقاب.. بينما لدينا القانون الدولي الذي
يحدد قانون الحرب وأخلاق المتحاربين والعودة للسلام عوض قبول قتل الأطفال أو قطع
أطرافهم، ولهذه الأسباب أريد فضح الاستعمار المسلط بالقوة والإبادة برضى الدول
العظمى التي تريد التخلص من ذنوب مجازر اليهود التي بدأت في ألمانيا في عهد هتلر
ولكن شاركت فيها أغلب دول أوروبا من بعد ثم تلقيها على شعب فلسطين.
وأضاف عضو مجلس النواب الفرنسي: "علينا
ومن واجبنا تصحيح التاريخ المدلس منذ 70 عاما حتى نحقق السلام العادل لكل الشعوب".
ونأتي إلى الصحفي الأمريكي الشهير (توماس
فريدمان) والمعروف بتعاطفه مع إسرائيل حيث كتب افتتاحية (نيويورك تايمز) يقول فيها
بجرأة غير معهودة: "إن خطأ الإدارة الأمريكية القديم هو النظر الى القضية
الفلسطينية بعيون إسرائيل عوض مراعاة المصالح الأمريكية قبل كل اعتبار".
وأضاف بأن
الرأي العام الأمريكي وقع التغرير
به فاعتقد في مجمله أن مصالح الولايات المتحدة هي في مصالح إسرائيل مهما ارتكبت من
مروق عن القانون بما فيه القانون الأمريكي بعد أن كانت إسرائيل تفاخر بأنها دولة
القانون و الديمقراطية الوحيدة في الشرق الأوسط!.
ونأتي إلى تقرير دقيق ونزيه نشرته صحيفة
(التلغراف) البريطانية هذه الأيام فكتبت: "العيش في إسرائيل تحول إلى كابوس
مع انعدام الأمن وأصبح علماؤها يغادرونها بل تصاعدت موجة من الهجرة المعاكسة فقد
رحل 30 ألف من خيرة أطبائها وأساتذتها الجامعيين مع تفاقم الميز العنصري المتطرف
وقالت نشرية (كوفاس بي دي أي) المتخصصة في رصد الحياة الاجتماعية والاقتصادية أن
الهجرة لا تقتصر على الأفراد بل إن عائلات بأكملها شعرت بضرورة العودة إلى أوطانها
الأصلية لتضمن التمدرس الآمن لأبنائها بسبب عجز إسرائيل عن جلب أساتذة أكفاء
لجامعاتها كما أن شركات صناعية واقتصادية و تجارية غادرت إسرائيل بسبب نقص الإنتاج
وتعطل التنمية.
وأكدت النشرية أن حوالي 60 ألف من الشركات
العاملة في اسرائيل حولت نشاطها إلى دول أخرى منذ السابع من أكتوبر 2023 أو هي
تخطط للرحيل.
عودة مباركة لروح الغضب المقدس لدى أصحاب الحق والشرعية والذين لا يخرجون عن القانون الدولي وهو الذي يمنحهم حق مقاومة محتلي أرضهم بكل الوسائل..
ثم حللت (التلغراف) أسباب هذه الانهيارات
المتعاقبة فأرجعتها إلى تهديد رئيس الحكومة بتغيير قواعد القضاء مما يجعل الناس
عادة غير مطمئنين لعدالة مهزوزة وإصرار نتنياهو على مواصلة الحرب مما يهدد باندلاع
حرب إقليمية واسعة فبعد غزة تحرك نحو لبنان وشاركت قوة عظمى في دك الحديدة باليمن
وضرب مناطق في سوريا والعراق!
وعلى ضوء هذه الحقائق نلمس في الشرق الأوسط
إعادة رسم الموازين وتغير مواقع القوة فاليوم مثلا الأربعاء 2 سبتمبر تأكد أن
جبهات المقاومة ترد بالصواريخ على الصواريخ وتتحدى من كان يتفاخر بأنه الأقوى
والأعتى سلاحا والذي لا يهزم!
عودة مباركة لروح الغضب المقدس لدى أصحاب
الحق والشرعية والذين لا يخرجون عن القانون الدولي وهو الذي يمنحهم حق مقاومة
محتلي أرضهم بكل الوسائل.. وبلغ التهور يوم الإربعاء بوزير خارجية حكومة إسرائيل أن
أعلن بأن السيد (غوتيريتش) الأمين العام للأمم المتحدة يعتبر شخصا غير مرغوب فيه
في "بلادهم" وهو سلوك غير مسبوق!