أثار
الزلزال الذي ضرب خليج عدن قبالة دولة الصومال قبل أيام، مخاوف المصريين من امتداد تأثير مثل تلك الزلازل إلى
سد النهضة الإثيوبي وتصدعه ومن ثم
انهياره.
الزلزال الذي وقع على مسافة 140 كيلومترًا شمالي مدينة كالولا بالصومال وعمق 10 كم وبلغت قوته 4.1 درجة يبعد نحو 650 كم شرقي سد النهضة، ومركزه منطقة الأخدود الأفريقي، يأتي ضمن سلسلة زلازل تتعرض لها المنطقة بدرجات متفاوتة.
وحذر أستاذ الجيولوجيا وخبير الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، أن مثل تلك الزلازل، قد تؤثر في المستقبل على سلامة سد النهضة، مشيرا إلى أن هناك مخاوف من حدوث زلزال بعد ملء سد النهضة الذي تبلغ سعته التخزينية 74 مليار متر مكعب.
ورأى في تصريحات متلفزة، أن مكمن الخطورة في إنشاء سد ضخم بهذه السعة الكبيرة في وجود فوالق ونشاط زلزالي هو الأكبر في قارة أفريقيا، كما أن السد مقام في منطقة فيها تشققات وبالتالي فإنه مع الوزن الثقيل تزداد الفوالق والتشققات.
من يتأثر بانهيار السد؟
اتفق أستاذ علوم الأرض في المعهد القومي للاستشعار، علاء النهري، مع ما ذهب إليه الدكتور شراقي بخصوص تأثير سد النهضة على الفوالق والتشققات الموجودة في مكان إنشاء السد، وقال: "إن أي ضغوط أو أحمال على القشرة الأرضية تؤدي إلى تحرك بعض الصفائح التكتونية، وسد النهضة مقام بالقرب من منطقة الأخدود الأفريقي العظيم، وعرضة للزلازل، وبالتالي فلا يجب أن تزيد الضغوط عن تخزين 20 مليار متر مكعب".
وأوضح لـ"عربي21" أن "زيادة سعة التخزين إلى أكثر من 74 مليار متر مكعب يشكل حملا وضغطا شديدين وأي زلزال قد يحدث في تلك المنطقة سوف يؤثر على جسم السد وبالتالي يتعرض للانهيار، وسيترتب على هذا الانهيار محو الخرطوم وأم درمان من الوجود لقربهما من السد"، مشيرا إلى أن "تدفق 75 مليار متر مكعب دفعة واحدة له تأثير كارثي مثل تسونامي".
وبسبب تجاهل إثيوبيا مثل تلك المخاطر، أكد أن "المتضرر الأكبر في انهيار سد النهضة هو
السودان في المقام الأول، ومن ثم مصر، لكن إثيوبيا لن تتأثر بذلك مطلقا لأن السد مقام على منطقة مرتفعة وبالقرب من السودان والانحدار باتجاه الشمال وليس الجنوب، ولا توجد أي إجراءات يمكن أن تتخذ لتخفيف وطأة الانهيار في حال وقوعه".
الملء الرابع لسد النهضة
في غضون ذلك، تستعد أديس أبابا لبدء الملء الرابع لسد النهضة وتخزين نحو 20 مليار متر مكعب من المياه خلف السد، حيث انتهت العام الماضي من تخزين 22 مليار متر مكعب بعد إنجاز المرحلة الثالثة من ملء خزان السدّ للوصول إلى السعة المطلوبة.
وكشفت صور الأقمار الاصطناعية نهاية الشهر الماضي عن استمرار إثيوبيا في عمليات ملء سد النهضة، واستمرار انخفاض منسوب بحيرة سد النهضة وابتعادها عن سد السرج ببطء، وارتفاع الممر الأوسط بمقدار 5 إلى 6 أمتار، ليصبح المستوى 605 أمتار فوق سطح البحر.
ويقع سد النهضة الإثيوبي على النيل الأزرق في منطقة بني شنقول-قمز على بعد نحو 30 كلم من الحدود مع السودان، ويبلغ طوله 1.8 كلم وارتفاعه 145 مترا.
متى يتأثر سد النهضة بالزلزال؟
في المقابل، فند خبير وأستاذ السدود والمياه، محمد حافظ، تلك التصريحات، وقال: "إن طاقة الزلزال بقوة 4 ريختر قدرها واحد على الألف من حجم الطاقة التي يمكن أن تولدها قنبلة هيروشيما الذرية، بينما الزلزال الذي وقع في تركيا تراوحت قوته ما بين 6.5 و 7.5 ريختر للزلازل الكبيرة، وما بين 4 و5.5 ريختر للزلازل الصغيرة، ويبلغ إجمالي قوة تلك الزلازل 400 قنبلة ذرية".
وقال لـ"عربي21": "على الرغم من وجود نحو 5 سدود في منطقة الزلازل من بينها سد أتاتورك الكبير حجما ويخزن نحو 48 مليار متر مكعب فإنه لم ينهر أي سد من تلك السدود التي تقع في دائرة قطرها نحو 250 كم من مركز الزلازل وصمدت أمامها".
وكشف حافظ أن "هناك زلزالا وقع الاثنين في منطقة بني شنقول بالقرب من سد النهضة بقوة 4.4 درجة على مقياس ريختر وحتى الآن لم يتم تغطية الخبر إعلاميا، وما ذهب إليه البعض من إمكانية انهيار سد النهضة في حال وقع زلزال بالقرب منه يأتي ضمن توجهات الدولة المصرية للتحذير من وجود عيوب فنية خطيرة تهدد الجميع".
واستدرك بالقول: "لا يعني ذلك أن السد لا يمكن أن ينهار في حال تعرض لزلزال، ولكن أي نوع من الزلازل يمكن أن يؤدي إلى ذلك، هو الزلزال المحلي الذي يقع أسفل بحيرة تخزين المياه وهو يمكن أن يتسبب في انهيار السد بالفعل".
مفاوضات متوقفة وموقف متأزم
وباءت جميع المفاوضات بالفشل، وكانت آخر جولة من المفاوضات بين مصر وإثيوبيا والسودان في كينشاسا، في نيسان/ أبريل عام 2021؛ بسبب عدم توافق مصر والسودان من ناحية وإثيوبيا من ناحية أخرى على العديد من البنود والمسائل الحيوية.
ومنذ ذلك الوقت يتبادل الجانبان الاتهامات تارة والتهديدات تارة أخرى، وأكد وزير الخارجية المصري سامح شكري، منتصف الشهر الماضي، أن بلاده "لها الحق في الدفاع عن مقدرات ومصالح شعبها، وكل الخيارات مفتوحة في أزمة سد النهضة".
وقال مسؤول في الخارجية المصرية إن مخاوف مصر من تبعات المشروع على أمن مصر المائي حقيقية وتستند إلى دراسات علمية موثقة، مؤكدا أن مزاعم إثيوبيا حول حقها في ملء السد دون موافقة دولتي المصب، دليل عن توجه أحادي لدى إثيوبيا، خارج نطاق التفاوض.