رغم الروابط التاريخية التي تربط
مصر بجارتها
السودان، إلا أن وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، لم يتواصل مع القاهرة بشأن المعارك الدائرة بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، والتي تنذر بحرب أهلية.
وتواصل بلينكن مع السعودية والإمارات، واجتمع بعدها مع وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي، وتحدث مع مسؤولي هذه الدول حول سبل تهدئة الأزمة السودانية الحالية، والسعي المشترك لإقناع طرفي الصراع البرهان وحميدتي بوقف الحرب، والتفاوض، وإطلاق عملية سياسية شاملة.
وأثار غياب الدبلوماسية المصرية في الأزمة تساؤلات وانتقادات من قبل قوى ونشطاء معارضين، خاصة أن جنودا مصريين اعتقلوا من قاعدة "مروي" الجوية في بداية الاشتباكات، ونشرت قوات تابعة لحميدتي صور الجنود وهم رهن الاعتقال.
"عربي21" استطلعت في تقرير سابق آراء مراقبين سودانيين حول غياب الدبلوماسية المصرية خلال الحرب الدائرة في الدولة ذات الحدود الأطول مع مصر، وتقدم في هذا التقرير آراء خبراء أمريكيين وبريطانيين حول الموضوع ذاته.
اقرأ أيضا: لماذا اتصلت واشنطن بالسعودية والإمارات واستثنت مصر لحل الأزمة السودانية؟
تأثير محدود
ويعتقد المستشار السابق للاتحاد الأفريقي بشأن السودان، أليكس دي وال، "أن الولايات المتحدة على اتصال بالقاهرة، لكن هناك آلية تم وضعها في العام 2019 للتنسيق بشأن السودان، وهي "
الرباعية" التي تتكون من واشنطن ولندن والرياض وأبو ظبي، لذلك ما زالت هذه الآلية هي القناة الأساسية".
وأوضح الخبير البريطاني ومؤلف كتاب "السودان: الديمقراطية الناقصة" لـ"عربي21"، أن "مشكلة مصر الأساسية هي أنها بحاجة إلى أموال من الخليج، وأن للسعوديين والإماراتيين سياساتهم الخاصة تجاه أفريقيا، وإلى أن تصبح القاهرة مستقلة مالياً، سيكون تأثيرها محدوداً".
عودة آمنة للجنود المصريين
مايكل مولروي، نائب مساعد وزير الدفاع الأمريكي السابق للشرق الأوسط، أكد أنه "لا يعلم ما إذا كانت الولايات المتحدة قد نسقت أو لم تنسق مع مصر؛ لذلك لا يمكنه التعليق على ذلك".
وتابع مولروي خلال حديثه لـ"عربي21": "أعتقد أن التقارير العامة التي تفيد بأن الولايات المتحدة والإمارات والسعودية تعمل على المساعدة في إنهاء الصراع، دون المزيد من إراقة الدماء، أمر جيد".
ورجح المسؤول الأمريكي أن "تكون مصر الآن مهتمة فقط بالعودة الآمنة لقواتها".
مصر مؤثرة
من جهته، قال غوردون غراي، نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكية لشؤون الشرق الأدنى سابقا، إن "الولايات المتحدة كانت تنسق بشكل وثيق مع ثلاث دول أخرى -السعودية والإمارات والمملكة المتحدة- في جهد مستمر للتوصل إلى تسوية سياسية في السودان".
وتابع: "تلا ذلك دعوة الوزير بلينكين في 15 نيسان/ أبريل لنظيريه السعودي والإماراتي، واجتماعه في الـ17 من الشهر ذاته مع وزير خارجية المملكة المتحدة، حيث ناقشا الأحداث الجارية، متسقا مع النهج الأمريكي العام تجاه السودان".
وحول ما إذا كان عدم تنسيق بلينكن مع القاهرة يُعد تهميشا لمصر أو خسارتها لنفوذها الأفريقي، قال غراي لـ"عربي21": "لا تزال مصر مؤثرة في السودان وأماكن أخرى في أفريقيا، وبالتالي لن أفسر عدم وجود مكالمة هاتفية بين الوزير بلينكن ووزير الخارجية المصري سامح شكري على أنه مؤشر بأن الولايات المتحدة تعتقد أن نفوذ مصر في أفريقيا يتراجع".
اقرأ أيضا: كيف يهدد انقسام العسكر في السودان مصالح مصر وأمنها القومي؟
ووفقا لبيان للرئاسة المصرية، عرضت مصر، وجنوب السودان، الوساطة على طرفي الصراع الدائر في السودان.
وقال البيان إن الدولتين الجارتين للسودان، ناشدتا خلال اتصال هاتفي بين رئيس النظام المصري عبد الفتاح
السيسي ورئيس جنوب السودان سلفا كير "تغليب صوت الحكمة والحوار السلمي".
كذلك، أشارت الأمم المتحدة إلى أن أمينها العام، أنطونيو غوتيريش، اتصل برئيس النظام المصري عبد الفتاح السيسي، وقائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان، وقائد قوات الدعم السريع محمد حمدان دقلو، ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، للحديث حول كيفية تهدئة الوضع في السودان.