بعد مرور قرابة الشهر على إطلاق
صواريخ من لبنان باتجاه فلسطين المحتلة، فقد شهدت الساحة الإسرائيلية
خلافات متصاعدة بين أجهزتها الأمنية. فبينما أصرت شعبة الاستخبارات في جيش الاحتلال على أن
حزب الله لم يكن يعلم بأمر القصف الصاروخي الذي أطلقته الجماعات الفلسطينية، فقد زعم جهاز
الموساد عكس ذلك. فيما حذر مسؤولون أمنيون من أن المحور المعادي للاحتلال يعمل على إنشاء شبكة متطورة.
أمير بوخبوط المراسل العسكري لموقع
واللا كشف أن "مسؤولين في المؤسسة العسكرية أشاروا إلى خلاف جوهري بين جهازي أمان والموساد، بشأن تقييم سياسة المحور الذي تقوده إيران وحزب الله تجاه إسرائيل. وبحسب المعلومات التي حصل عليها الموقع، فإن انقسام الجهازين يتركز حول تورط حزب الله في إطلاق الصواريخ باتجاه إسرائيل قبل أسابيع قليلة خلال عيد الفصح".
وأضاف في تقرير ترجمته "عربي21" أن "الخلاف تركز بين الجهازين حول مدى علم حزب الله بأمر القصف الصاروخي من قبل الجماعات الفلسطينية، فيما زعم الموساد عكس ذلك، وفي النهاية تبنى وزير الحرب يوآف غالانت تقييما ما. أما تقدير الموساد للموضوع فقد رُفض، وبصورة لافتة، وفي هذا السياق حذر المسؤولون الأمنيون الذين تحدثوا للموقع من أن المحور الإقليمي الذي يضم إيران وحزب الله وسوريا وحماس، وغيرها من الجهات، يعمل على إنشاء شبكة من أنظمة الرادار الإيرانية المتطورة في المنطقة".
وأشار إلى أن "هذه الشبكة ستشكل بنية تحتية للإنذار ضد هجوم مستقبلي للقوات الجوية الإسرائيلية في إيران، لكنها ستجعل من الصعب على القوات الجوية تنفيذ هجمات في سوريا. وعلى المستوى العام فضلت المؤسسة الأمنية فصل حزب الله عن إطلاق الصواريخ، وادعت أن خلايا فلسطينية أطلقتها، دون تدخل أو إبلاغ حزب الله".
وأوضح أنه "بعد أسبوع من الهجوم المذكور، ذكرت صحيفة "وول ستريت جورنال" أن قائد فيلق القدس التابع للحرس الثوري الإيراني إسماعيل قاآني عقد سلسلة لقاءات سرية مع قادة حماس وحزب الله والجهاد الإسلامي في السفارة الإيرانية في بيروت للتنسيق معهم بشأن الهجوم الصاروخي من لبنان إلى إسرائيل خلال عيد الفصح، وتم الاتفاق على تفاصيل القصف الصاروخي من لبنان، الذي نسبته إسرائيل لحماس، وقال قاآني لمحاوريه إن إيران حصلت على معلومات حول خطط إسرائيل للعمل ضد حماس والجهاد في سوريا ولبنان".
وتكشف هذه الخلافات بين أمان والموساد عن طبيعة العلاقات المتوترة السائدة بين أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، التي أصابها مع مرور الوقت، كأجهزة تجسسية سرية تعمل في "الظلمة" بعيدا عن الأضواء وخارج أطر الرقابة القانونية والقضائية، الكثير من مظاهر الفساد والترهل والتضخم، كما اعترف العديد من كبار مسؤوليها السابقين، ما ولد دعوات متكررة بين فترة وأخرى، لاسيما بعد كل فضيحة كبرى، أو فشل ذريع تعرض له، لضرورة إجراء إصلاحات وإعادة تنظيم جذرية لأقسامه وهياكله، وحتى مهامه ووظائفه.
وقد ارتبطت أجهزة الاستخبارات الاسرائيلية بسلسلة طويلة من الإخفاقات والعمليات الفاشلة التي هزت صورتها، بجانب سلسلة طويلة من النجاحات، وتسببت مرارا في حرج بالغ لدولة الاحتلال، وأحيانا ألحقت ضررا بعلاقاتها على المستوى الدولي.
كل ذلك يؤكد أن العقبات التي واجهها الاحتلال في الجبهة العسكرية أمام قوى المقاومة، لم تتعلق فقط بالناحية اللوجستية، بل بصورة أساسية شكلت إخفاقًا استخباريًا شموليًا، وبات من الواضح أن المعطيات الميدانية تشير إلى أنه لم يُجهّز نفسه لكل السيناريوهات، ويبدو أن إحدى مشاكله هي مستوى التوقعات العالية من الجيش، بفضل التقارير الأمنية المغلوطة!