استبق مجلس
الحوار الوطني في
مصر الانتخابات الرئاسية، التي
تجرى العام المقبل، بالإجماع على مطلب مدّ الإشراف القضائي الكامل على الانتخابات لما
بعد 2024، وقرر رفع مقترح تشريعي للرئاسة لإقراره من قبل مجلس النواب.
وأقر المجلس الذي يترأسه رئيس هيئة الاستعلامات التابعة للرئاسة،
ضياء رشوان، ويضم 19 شخصية بينهم محسوبون على المعارضة ومستقلون، القرار قبل انتهاء
مدة الإشراف القضائي الكامل قانونيا في 17 كانون الثاني/ يناير 2024.
وفي تموز/ يوليو 2017، وافق مجلس النواب على إلغاء الإشراف
القضائي الكامل بدءا من 2024، وأصدر قانون رقم 198 لسنة 2017 في شأن الهيئة الوطنية
للانتخابات لتصبح الجهة الوحيدة المنوط بها الإعداد والدعوة للانتخابات والإشراف عليها
وإعلان نتائجها.
إلغاء الإشراف القضائي على الانتخابات
وأصبحت الهيئة هي المسؤولة عن تشكيل اللجان للقيام بإدارة
الاستفتاءات والانتخابات ومتابعتها وفقًا لأحكام هذا القانون، وهي هيئة مستقلة، لها
شخصية اعتبارية، وتتمتع بالاستقلال الفني والمالي والإداري، ويكون مقرها الرئيس محافظة
القاهرة.
وتنص المادة (34) محل التعديل أن "يتولى إدارة الاقتراع
والفرز في الاستفتاءات والانتخابات أعضاء تابعون للهيئة تحت إشراف مجلس إدارتها، ولها
أن تستعين بأعضاء من الهيئات القضائية، ويتم الاقتراع والفرز في الاستفتاءات والانتخابات
في السنوات العشر التالية للعمل بالدستور".
مطالب بعودة الإشراف القضائي
وقال مجلس الأمناء في بيان إنه "أقر بالإجماع اقتراح
بدء جلسات الحوار الوطني في 3 أيار/ مايو المقبل، ومواصلة انعقاده الدائم لاستكمال
توافر كل عناصر المناخ الإيجابي الذي يضمن بدء الحوار واستمراره بنجاح".
ويهدف التعديل، محل إجماع مجلس الأمناء، إلى عودة الإشراف
القضائي الكامل على الانتخابات، وتعيين قاض على كل صندوق حيث يتم الاقتراع والفرز في
الانتخابات والاستفتاءات التي تجرى في البلاد، تحت إشراف كامل من أعضاء الجهات والهيئات
القضائية .
في اليوم التالي طالب رئيس النظام المصري، عبد الفتاح السيسي،
الحكومة والأجهزة المعنية، في بيان عبر حسابه الرسمي على "فيسبوك"، بدراسة
آليات تنفيذ مدّ "الإشراف الكامل للقضاء على العمليات الانتخابية" بالبلاد
إلى ما بعد عام 2024.
يأتي هذا الطلب بعد نحو عام من دعوة السيسي، في 24 نيسان/
أبريل 2022، لأول حوار وطني من نوعه منذ أن تولى الرئاسة عام 2014، ومنذ ذلك الوقت
لم يعقد المجلس سوى جلسة واحدة على مستوى الأمناء فقط في 5 تموز/ يوليو الماضي، على
أن تنطلق جلساته في أيار/ مايو المقبل.
"انهيار منظومة العدالة"
يرى المستشار محمد سليمان رئيس محكمة سوهاج الأسبق وأحد رموز
تيار الاستقلال القضائي، أن "الأصل في أي انتخابات سواء رئاسية أو برلمانية أو محلية
أو الاستفتاءات هو الإشراف القضائي الكامل بمعنى قاض على كل صندوق لضمان الشفافية والنزاهة،
ولكن بعد انتهاء العشر سنوات المنصوص عليها كان من المفترض أن تقوم الهيئة الوطنية
للانتخابات بالإشراف على الانتخابات".
سليمان قلل في حديثه لـ"عربي21" من استجابة النظام
لدعوة مجلس أمناء الحوار الوطني، وقال: "إن منظومة العدالة في مصر انهارت بعد
الانقلاب"؛ وإن "
القضاء في مصر أصبح تحت سيطرة أجهزة المخابرات وأمن الدولة (الأمن الوطني)؛
وبالتالي فلا أهمية لأي تغيير".
وختم حديثه بالقول "إنه في حال استجابة النظام لهذا
الطلب فإنه لن يغير من إرادة ورغبة النظام في تزوير الانتخابات، وحتى يقال إن نجاحه
في الانتخابات القادمة قد حدث بإشراف قضائي كامل، و لم يحدث فيها تزوير.. مجرد (شو)
يخرج المعنى من مضمونه".
صمت حيال الموقف من الانتخابات الرئاسية
ولم تحسم أحزاب الحركة المدنية (المعارضة) في مصر موقفها
من الانتخابات الرئاسية، وقال رئيس حزب التحالف الشعبي الاشتراكي، مدحت الزاهد، في
تصريحات صحفية إن أحزاب الحركة ستجتمع خلال
15 يوما لمناقشة الاستعداد للانتخابات الرئاسية، مشددا على أهمية أن تكون هناك نقاشات
جادة "حول الضمانات التي ينبغي توافرها لكي تجرى الانتخابات في ضوء قدر من التنافسية".
ويخشى مراقبون من أن تجرى الانتخابات الرئاسية المقبلة، والتي
لم يعلن السيسي حتى الآن موقفه منها بالترشح من عدمه، على غرار انتخابات 2014 و
2018 والتي جرت في أجواء من الإقصاء وعدم التنافسية والدفع بمرشح واحد للعب دور
"الكومبارس".
"حبكة انتخابية"
قال المحامي والباحث في السياسات التشريعية عباس قباري
إن "الحديث مجددا عن المطالبة بإشراف قضائي كامل على الانتخابات واستجابة لمخرجات
الحوار الوطني يأتي من قبيل حفظ ماء الوجه للمعارضة التي تبحث عن نصر زائف مقابل مشاركتها
مرة أخرى في القيام بدور المحلل لاستمرار السيسي في الرئاسة التي اغتصبها بانقلاب عسكري!".
واستدرك قباري في حديث لـ"عربي21" بالقول: "فالانتخابات
التي أشرفت عليها الهيئة في 2018 كانت بإشراف قضائي كامل وخرجت نتائجها بنسب شهد الجميع
بعدم نزاهتها، فمشهد اللجان الخاوية التي اضطرت النظام لحشد إعلامه لضرورة دعوة الناس
للنزول ومد الانتخابات ليوم ثالث كانت مخرجاته نسبة حضور تجاوزت الـ50% من الناخبين
(25 مليون ناخب) حاز السيسي على نسبة 97% منها".
وذهب إلى القول بأن "الأمر يبدو لي تقديم ضمانة لانتخابات
يشارك فيها مستوى ديكوري أرقى من موسى مصطفى، لينجح السيسي بنسب أقل من 97%، ليحصل ربما على
70% وتنقسم النسبة المتبقية على أكثر من مرشح لتدشين وجوده في سدة الحكم لدورة رئاسية
جديدة بمباركة شعبية وتعددية انتخابية وإشراف قضائي كامل".