طرحت تصريحات رئيس المفوضية الوطنية العليا للانتخابات في
ليبيا حول قدرة وجاهزية المفوضية على إنجاز العملية الانتخابية نهاية العام الجاري بعض الأسئلة حول تداعيات هذا الأمر، وما إذا كان يمثل ضغطا على مجلسي النواب والدولة لإنجاز القوانين الانتخابية.
وقال رئيس المفوضية، عماد السائح إنه "من الممكن أن تكون الجولة الأولى من
الانتخابات خلال هذا العام والثانية في الشهور الأولى من العام القادم"، موضحا أن "المفوضية ستنفذ العمليات الانتخابية الرئاسية والنيابية والشيوخ في وقت متزامن".
"جاهزية وتأمين"
وأكد السائح أن "الإمكانيات المتاحة للمفوضية تمكنها الآن من إنجاز الانتخابات وأنه تم اتخاذ خطوات أمنية من المفوضية بالتعاون مع وزارة الداخلية لتغطية جميع مواقع العملية الانتخابية في كافة ربوع ليبيا"، وفق تصريحاته خلال زيارة إلى تونس برفقة وفد من المفوضية.
فهل تمثل تصريحات السائح ضغوطا على مجلسي النواب والدولة لتسريع إنجاز قوانين الانتخابات؟ وهل تشير إلى رفع "القوة القاهرة" التي منعت الانتخابات سابقا؟
"لا انتخابات خلال 2023"
من جهتها، أكدت عضو "تأسيسية الدستور الليبي"، نادية عمران أنه "واقعيا وبالرغم من كل الضخ والتصريحات الإعلامية لن تكون هناك انتخابات هذا العام أو على المدى المنظور لعدة أسباب منها؛ وجود طعون قضائية متعلقة بما يسمى بالتعديل الثالث عشر الصادر عن مجلس النواب وما أعقبه من إجراءات".
وأشارت في تصريحات لـ"عربي21" إلى أنه "من الأسباب أيضا دحرجة كرة الشروط المتعلقة بانتخاب الرئيس للقوانين الانتخابية وهي لب الخلاف إضافة إلى عدم توفر الاشتراطات اللوجستية على رأسها سيطرة حكومة موحدة على كافة البلاد"، بحسب كلامها.
وتابعت: "أيضا ضرورة خروج القوات الأجنبية لضمان إجراء انتخابات نزيهة وآمنة وشفافة، أضف لما سبق عدم وجود ضمان لرضى الأطراف المتنفذة في المشهد بنتائج الانتخابات"، كما رأت.
"مناورة من السائح"
في حين قال المتحدث السابق باسم
مجلس الدولة في ليبيا، السنوسي إسماعيل الشريف إن "السائح هو الآخر يحاول الاستمرار في منصبه الذي تعترضه شكوك حول قانونية توليه رئاسة مجلس إدارة المفوضية وهناك حكم قضائي بات من محكمة مصراتة الإبتدائية ضده، لذا فبقاء السائح في منصبه سيتيح الفرصة لمن يخسر الانتخابات كي يطعن فيها كونه غير ذي صفة بحكم القضاء الليبي".
وأشار خلال تصريحات لـ"عربي21" إلى أن "ما يقوم به السائح من تحركات وتصريحات هي مناورة يريد من خلالها الضغط على مجلسي النواب والدولة كي لا يتوافقا على تغيير مجلس إدارة المفوضية ضمن بعض أو كل مجالس إدارات المؤسسات السيادية حسب المادة 15 من الاتفاق السياسي الليبي"، كما قال.
"ضغط وضوء أخضر أمريكي"
الباحث والأكاديمي الليبي، عماد الهصك رأى أن "إعلان عماد السائح عن جاهزية المفوضية لإجراء الانتخابات هو سد للذريعة التي يتحجج بها مجلس النواب بأن المفوضية هي سبب تأجيل موعد الانتخابات، وهو رمي للكرة في ملعب مجلسي النواب والدولة، وهذا من شأنه أن يزيد الضغط السياسي والأخلاقي عليهما".
وأوضح لـ"عربي21" أن "الخطوة تعتبر بداية رفع "القوة القاهرة" التي منعت الانتخابات في موعدها المقرر، وأعتقد أن سبب التأجيل هو الخلاف السياسي حول بعض الشخصيات الجدلية التي ترشحت للانتخابات الرئاسية، إذن السبب ليس فنيا متعلقا بالمفوضية ولا أمنيا متعلقا بوزارة الداخلية"، حسب رأيه.
وأضاف: "بعدما حُلّ هذا الإشكال السياسي برعاية أمريكية أعطي الضوء الأخضر للسائح لكي يعلن عن جاهزية المفوضية ليضع المجلسين أمام مسؤولياتهما لإنجاز ما تبقى من قوانين انتخابية، والتصريحات الأخيرة للسفير الأمريكي لدى ليبيا تتماهى مع هذه التطورات، وهي في نظري المحرك الرئيس لها"، كما قال.